الإساءة للرموز التونسية من “أنصار الشريعة” إلى “أنصار قيس سعيّد”
المدينة نيوز :- أعادت حادثة حرق الدستور التونسي من قبل أنصار الرئيس قيس سعيد إلى الذاكرة حادثة مشابهة تعود إلى نحو عشر سنوات عندما قام عنصر من تنظيم “أنصار الشريعة” المتطرف بإنزال العلم التونسي من فوق جامعة منوبة، قبل أن تتصدى له الطالبة خولة الرشيدي التي أعادت العلم التونسي إلى مكانه، لتتحول لاحقاً إلى أيقونة تونسية، تم تكريمها من قبل الرئيس السابق منصف المرزوقي.
وكان العشرات من مؤيدي الرئيس سعيد نظموا، السبت، وقفة احتجاجية في العاصمة التونسية حيث قاموا بتمزيق وحرق نسخ من الدستور، الذي نعتوه بـ”دستور النهضة”.
وأثارت الحادثة موجة استنكار في تونس، دفعت البعض لاستعادة حادثة منوبة، إذ كتب نقيب الصحافيين السابق ناجي البغوري “صورة حرق الدستور مقرفة ولا تقل همجية عن صورة إنزال العلم في جامعة منوبة سنة 2012”.
وقال المحلل السياسي مُعز عطية “حرق الدستور ذكرني في حادثة إنزال العلم بكلية الآداب في منوبة. قد نختلف مع الدستور ونطالب بعديله، لكنه يبقى رمزا سياديا للدولة التونسية”.
وكتب سامي الطاهري، الناطق باسم اتحاد الشغل، “بغض النظر عن محتواه هو ما زال دستور البلاد حتى يتم تعديله او الغاؤه، وحرق الدستور يذكّر بظاهرة حرق الكتب، وربما من أحرق الدستور لم يقرأ منه غير العنوان”.
ودوّن الرئيس السابق منصف المرزوقي ” من سالف الزمان وفي كل الحضارات، من محاكم التفتيش في العصور الوسطى إلى أوروبا النازية، حرق الكتب هو إنذار بأن الهمج عادوا للواجهة بعد طول الاختفاء”.
وكتبت الباحثة والناشطة السياسية فتحية السعيدي “اليوم تمّ حرق دستور 2014 في قلب شارع الحبيب بورقيبة وسط جموع تحلّقت معتبرة ذلك لحظة “ثورية عملاقة” و”عملا بطوليا” لا مثيل له. وهي بحرقها للدستور غاب عنها أنها تعتدي على رمز من رموز الدولة وعلامة على وحدتها، وعلى عقد اجتماعي مهما انتقدناه في محاولة لتطويره يظل مظلّة جامعة لكافة التونسيات والتونسيين. وأن حرقه شبيه بإسقاط علم تونس أو حرقه. والخلاصة، عندما تشتد الموجة أو الهجمة الشعبوية المنفعلة فإنها تتجه لقتل كل رمزيات الدولة والمجتمع، تشفيا وتعبيرا عن حقد لا يبني الشعوب بل يحطّمها”.
وأضافت في تدوينة على موقع فيسبوك “صحيح أن دستور 2014 قد تمّ الاعتداء عليه وعدم احترامه أكثر من مرّة من طيف واسع ولكن يظل الدستور أب القوانين جميعها وحتى إن علّق فإن أحكاما كثيرة منه لا زالت نافذة وإليها يتم الاحتكام. هذه الحادثة الرمزية تؤشر على القادم. وهذا القادم لا أراه جميلا كما يبشر بذلك الأنصار والمريدين وشعب المؤمنين، بل هو قادم سيعمّق التقسيم الجاري بين الشعب كجسد اجتماعي والشعب كجسد مدني. وبهذا فإن وحدة الشعب في خبر كان”.
ووصف النائب العياشي زمال حادثة حرق الدستور التونسي بأنها “جريمة جهل” ارتكبها بعض أنصار الرئيس قيس سعيد و”حسنا فعلت النيابة العمومية بإذنها فتح تحقيق في ذلك”، مضيفا “لقد مثّل الدستور في مرحلة أولى ثم البرلمان في مرحلة ثانية جوهر الحركة الوطنية التونسية منذ 100 سنة. وكانت المُطالبة بدستور تعني سيادة الشعب”.
وكتب القيادي في حركة النهضة خليل البرعومي “حرق الدستور عمل إرهابي لا يقل فظاعة عن حرق علم البلاد. يكفي قيس سعيد ان هؤلاء انصاره لكي نقول له ارحل، لأنهم خطر على الدولة”.
ودونت البرلمانية مريم اللغماني “حرق الكتب والمناشير يذكرني دائما بحرق كتب ابن رشد التي بفضلها تقدم الغرب في شتى المجالات وبسبب اعدامها عشنا نحن على الاطلال نراقب الغرب. دستورنا هذا لو لم يعجبكم هو الاثر الكتابي القانوني لنضالاتنا وهو يؤرخ لتاريخنا الغير بعيد ولمستقبل اجيال جديدة سوف تقرأه وتجده في الارشيف الوطني (…) وهو اغتيال للفكر وللكلمة وهذا ابشع عندي من الاغتيال الجسدي لانه يؤسس لدكتاتورية الفكر، الرأي والصوت الواحد”.
المصدر : القدس العربي