انتخابات 2021 .. صناديق اقتناص أم اقتراع!
مما لا شك فيه، أن الانتخابات المبكرة في العراق، كان يُرتجى بها الاصلاح السياسي، بعد حالة الانسداد التي عاشتها البلاد عقب حراك تشرين 2019، فالمطالب الشعبية وسقوط مئات الشهداء، لم يُرد لها أن تطوى طي الصحف، سيما بعد الأصداء المحلية، التي أحدثت موجة تغييرات، ابتدأت باستقالة حكومة عبد المهدي، ولم تنته عند إقرار بعض القوانين المهمة وأبرزها قانون الانتخابات، ناهيك عن المجيء بمفوضية جديدة من القضاة، لإنهاء مسيرة إخفاقات المفوضية السابقة، وما رافق اجراءاتها من مشاكل فنية وسياسية، شهدتها الانتخابات النيابية السابقة، لكن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهي السفن، سيما إذا كان البديل يُعول عليه بوضع الحلول المناسبة، لا تكرار السيناريوهات السابقة.
ما الذي حدث في العاشر من تشرين الاول ..؟
كأي انتخابات سابقة تحصل في البلاد، فُتحت صناديق الاقتراع في السابعة صباحا، متفائلين فيها خيرا بإحداث التغيير المنشود، عبر الاختيار الأنسب من بين أكثر من 2300 مرشح يتنافسون على 329 مقعدا، لكن ومع مرور الساعات لم نشهد إقبالا واسعا على مراكز الانتخاب، بعكس ما نادت به المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف من جهة، ودعوات الاوساط السياسية والشعبية ووسائل الإعلام من جهة اخرى، لتكثر بذلك التساؤلات عن الأسباب المنطقية، لهذا العزوف الكبير عن الإدلاء بالاصوات، وتكثر معها الخروقات المسجلة بحسب ما جاء على لسان المرشحين والمراقبين لسير العملية الإنتخابية، أبرزها عدم اغلاق الصناديق في موعدها المحدد، بالإضافة إلى حرمان آلاف الأشخاص من التصويت، بسبب عدم قراءة بصمات الإبهام العشرة، وما بين هذا وذاك، طرد لمراقبي الكيانات، وتواجد بعض المرشحين المتنفذين قرب المراكز، للضغط على الناخبين بالقوة تارة، واستمالتهم عبر الأموال والمغريات تارة اخرى، لينتهي يوم الانتخاب، وتبقى أبواب التساؤلات عن الخروقات مفتوحة.
ما الذي حدث بعد العاشر من تشرين الاول..؟
جاءت النتائج بتوقيتات مختلفة ومؤتمرات متباينة للمفوضية، ولكن عدد الاصوات والمقاعد أفرزت معادلات جديدة، وتغييرا كبيرا في اوزان بعض القوى السياسية لحساب القوى الاخرى، لترجح كفة بعض القوى، وتهوي قوى اخرى كانت لها حضوة في البرلمان السابق، وسط استفهامات واستغراب كبيرين، لتنطلق الاحتجاجات الشعبية في كل مكان، منددة بالنتائج، ومنادية بضرورة اعتماد العد والفرز اليدوي، ومتهمين الجهات المعنية بسرقة اصواتهم، والالتفاف على الاستحقاق الديمقراطي في البلاد، لكن مجلس المفوضين بقي مصرا على موقفه برد معظم الطعونات، وقبول القلة القليلة منها، وسط مد وجذب في المواقف والتصريحات بكفة، واللقاءات والحوارات بكفة اخرى، لتكون الهيئة القضائية والمحكمة الاتحادية المحطة الاخيرة، التي قد تنصف المشتكين، او تنصر الفائزين، سواء كان التزوير حاصلا، ام التدخل الخارجي حاضرا.
الخلاصة..!
المشهد السياسي سيشهد تعقيدا وانسدادا كبيرين، اذا ما حصلت انفراجة كبيرة وسريعة، سيما وان ايقاع الاحتجاجات لن يستمر على ما هو عليه، والقوى الخاسرة في النتائج الاولية تمتلك ثقلا سياسيا وجماهيريا، بالاضافة الى التوافق الغائب والذي لن يساهم في افراز معادلة توافقية لتشكيل الحكومة الجديدة، ولكن المطروح حاليا ان الكاظمي لن يرى ولاية جديدة، بسبب مواقفه الاخيرة المناصرة لطرف دون اخر، اما الخيارات الاخرى فلغاية الان الكلام عن التحالفات سابق لآوانه، وتبقى الاجتماعات واللقاءات وليدة وحافلة بالمستجدات، حتى قبل لحظات من انعقاد اولى جلسات السلطة التشريعية الجديدة.