دراسة: مدار الأرض ينحرف ويؤثر على المخلوقات
المدينة نيوز :- يدور كوكب الأرض حول الشمس بمدار أهليلجي، ويشكل خلال دورانه ما يشبه الحلقة شبه الدائرية، لكن هذا المدار ليس مستقرا كما يعتقد البعض، حيث ينحرف هذا المدار كل 405 آلاف سنة بنسبة 5% لتعود الأرض وتتوازن من جديد.
يطلق العلماء على هذه الدورة الطويلة اسم الانحراف المداري، حيث تؤدي إلى حدوث تغييرات في المناخ العالمي لكوكب الأرض، لكن لم يتأكد العلماء سابقا من طريقة تأثير هذا التغير الطويل والقديم على تطور مخلوقات كوكبنا.
المدار المتقلب للأرض أثر على تطور الكائنات
اكتشف العلماء مؤخرا وجود أدلة جديدة تشير إلى أن التغيرات التي تحدث على مدار الأرض تؤثر في الواقع على التطور البيولوجي للكائنات بشكل عام.
ووجد فريق من العلماء بقيادة عالم الحفريات لوك بوفورت، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية (CNRS) أدلة على أن "الانحراف المداري يسبب تدفقات تطورية لأنواع جديدة من الكائنات، على الأقل لدى العوالق في مجموعة متنوعة منها والتي تعتمد على عملية التمثيل الضوئي (العوالق النباتية)".
وقام بوفورت وفريقه العلمي بدراسة نحو 9 ملايين من العوالق التي يطلق عليها اسم "كوكوليث" أو (Coccolithophores) أو (بذيرات جيرية) والتي تطورت خلال فترة 2.8 مليون سنة في المحيطين الهندي والهادئ، بمساعدة الفحص المجهري الآلي المدعم بالذكاء الاصطناعي.
وتمكن العلماء من الحصول على بيانات تاريخية بشكل موثق وبدقة كبيرة جدا لحوالي ألفي عام تقريبا، عن طريق دراسة العينات الرسوبية المؤرخة في المحيطات، ونشروا نتائج دراستهم في مجلة "Nature" العلمية.
تعتبر عوالق (Coccolithophores) نوعا من أنواع الطحالب المجهرية التي تعتمد على ضوء الشمس من أجل بقائها على قيد الحياة حيث تصنع لنفسها ألواحا من الحجر الجيري يحيط بأجسامها اللينة أحادية الخلية. وهذه الأصداف الجيرية، التي يطلق عليها علميا (coccoliths)، منتشرة بشكل كبير في السجلات الأحفورية، وظهرت لأول مرة منذ حوالي 215 مليون سنة خلال العصر الترياسي العلوي.
وتؤثر حركة الأرض بشكل كبير على المناخ وعلى أنظمة الكوكب وعلى هذه المخلوقات بشكل كبير، بحسب ما رصده العلماء مؤخرا.
واكتشف العلماء من خلال الدراسة أن متوسط طول هذه العوالق يتبع دورة منتظمة تنسجم بشكل كبير مع دورة الانحراف المداري التي تحدث كل 405000 سنة، من خلال دراسة أحجام الغضاريف.
العوالق عدلت استجابة الكائنات لتقلبات مدار الأرض
ولاحظ العلماء أن متوسط حجم الغضاريف (عصعص صغير موجود اخل الكائن) تأخر زمنيا بشكل طفيف بعد أعلى انحراف مركزي، بغض النظر عن حالة الأرض المناخية، سواء في العصر الجلدي أو غيره.
ووجد العلماء أن هذا الارتباط قد انعكس في المقاييس الزمنية الكبيرة التي فحصوها، أي أنه "عندما يصبح مدار الأرض أكثر إهليلجية (بيضاويا)، تصبح الفصول حول خط الاستواء أكثر وضوحا. الأمر الذي أدلى لخلق ظروف ساهمت بوجود تنوعات كبيرة من هذه العوالق وظهور أصناف جديدة.
وبحسب المقال المنشور في مجلة "sciencealert" العلمية، بدأت أحدث مرحلة تطورية اكتشفها الفريق منذ حوالي 550.000 سنة، وهو حدث يطلق عليه اسم "الحدث الإشعاعي"، حيث ظهرت فيه أنواع جديدة من "Gephyrocapsa". حيث أكد بوفورت وفريقه هذا التفسير باستخدام البيانات الجينية للأنواع الحية التي تعيش في يومنا هذا .