قطر: أكثر من 40 ساعة لعب رياضية وشعار لا للعنصرية يتسيّد المشهد
المدينة نيوز :- أنهت قطر حتى الآن أكثر من 40 ساعة لعب كرة قدم خاضتها منتخبات العرب على 6 ملاعب على أرضها؛ للتنافس على كأس مونديال العرب 2021، وبقي أربع مباريات
من هذه البطولة في نسختها العاشرة التي خلت من أي ألفاظ عنصرية أو مظاهر للعنف، رغم أن تقارير دولية أشارت إلى ارتفاع أرقام هذه الجريمة خلال السنوات الماضية في عدد من ملاعب كرة القدم المنتشرة في العالم.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) تواجدت في مباريات البطولة منذ بدايتها ورصدت قبل بداية كل مباراة قيام المنظمين بعرض إعلان للجمهور وكل من يشاهد المباراة، يقول: "قل لا للعنصرية"، وهو الإعلان الذي سارت به البطولة، دون تسجيل أي كلمات عنصرية أو مواقف تثير ذلك حتى الآن.
وتجمع في البطولة العرب من قارتي أفريقيا وآسيا وطاقم تحكيم عالمي من عدة جنسيات غير عربية لكن العنصرية لم تجد طريقا لها في البطولة التي تجري تحت رعاية الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" الذي رفع شعار "قل لا للعنصرية" في جميع المباريات على مستوى العالم لهذا العام.
ولعبت المنتخبات العربية المشاركة حتى الآن دورين من البطولة وبيعت بها 476 ألف تذكرة للجمهور وشارك في تنظيمها 5 آلاف متطوع من 90 جنسية عالمية، وتواجدت (بترا) بين الجماهير الحاضرة في مدرجات الملعب ووجدت تنافسا وأهازيج وانفعالات لا تنتقص من الآخرين ولا ترتقي لكلمات عنصرية كما حددها الميثاق الدولي لحقوق الإنسان أو القوانين والتشريعات العالمية.
وخلال المباريات كان اللاعبون على مقربة من الجماهير بلا حواجز بينهم سوى أمن الملاعب، لكنهم لم يتعرضوا لأي خطاب يثيرهم أو يسبب لهم الأذى، وعند خروج الجماهير سواء التي فاز فريقها أو تلك التي في صف الخاسر لم يحدث احتكاك يستحق أن يذكر كخطاب عنصرية.
وعلى العكس من هذا تماما فقد شوهد جمهور الفريق العماني رغم خسارة منتخب بلاده في الدور الثاني يلتقط مقاطع مصورة لفرحة الجماهير التونسية خارج ملعب المدينة التعليمية كنموذج على المنافسة الشريفة في أحد أدوار البطولة المهمة، وهي إشارات إلى أن الوعي بات مرتفعا عند عدد كبير من المجتمعات والدول التي تحرص على أن لا يكون للعنصرية مكان، خاصة في مثل هذه المنافسات.
وخلال توجهه للملعب شوهد الجمهور الرياضي يتوقف لمشاهدة فعاليات فنية تمثل التنوع الإنساني في العالم، وما يلفت الأنظار أن لا أحد من المشاهدين أو المستمعين أو المارين يثير أي خطاب عنصري ضد هذه الفعاليات، بل كانت محط إعجاب استدعى من المشاهدين التقاط صور لها.
خبيرة القانون والمختصة بالتشريعات الإعلامية وحقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني قالت لـ (بترا)، إن القانون الدولي لحقوق الانسان كان واضحا في اعتبار العنصرية جريمة، وانها تشكل أحد أبرز معيقات التقدم في مجال حقوق الانسان، لذا فقد تم اقرار اتفاقية خاصة للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري والتي نصت على ان الدول تتعهد بأن تنتهج كل الوسائل المناسبة للقضاء على التمييز العنصري بكافة اشكاله بما في ذلك وضع التشريعات اللازمة للوقوف بوجه هذه الجريمة.
وأضافت، إن اعلان برنامج عمل "ديربان" يدعو جميع الاطراف الى الالتزام الكامل وتكثيف الجهود في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، مشيرة الى أن اللجنة المعنية بمراقبة وتنفيذ اتفاقية القضاء على التمييز العنصري أكدت تجريم جميع أشكال العنصرية بما في ذلك العنصرية في الملاعب.
ونوهت إلى أن مجلس حقوق الانسان أصدر أكثر من قرار بهذا الشأن أكدت جميعها على عالم رياضي خال من العنصرية والتمييز وضرورة توحيد الجهود بهذا الشأن، ومكافحة الإفلات من العقاب عن هذه الممارسات، وهذا يعني أن القانون الدولي لحقوق الانسان أكد على مكافحة كل اشكال العنصرية التي اتخذت اشكالا جديدة بما في ذلك العنصرية في مجال الرياضة والتي نشهد مظاهرها في بعض الملاعب.
وأضافت، إن التقرير المقدم من قبل المقرر الخاص المعني بمسألة التمييز العنصري أكد أن تصاعد العنصرية أصبح ملحوظا في مجال الرياضة خاصة في الملاعب الامر الذي يقتضي اتخاذ اجراءات تشريعية ومؤسسية حيال ذلك ووضع الخطط اللازمة في هذا السياق.
ولفتت إلى أن المؤتمر الذي عقد في بيونس آيرس في الأرجنتين عام 2001 والذي كان يعنى بالعنصرية خلص الى اعتماد قرار يقضي بإشراك جميع الاشخاص المشاركين بصورة مباشرة أو غير مباشرة في رياضة كرة القدم في عمل منسق بغية تبادل الخبرات لمكافحة جميع مظاهر العنصرية في رياضة كرة القدم بصورة فعالة ونهائية ومعاقبة ومجازاة كل شخص يتبين انه ارتكب افعالا عنصرية بأي شكل من الأشكال.
إحصاءات كانت قد أعدتها منظمة "كيك إت أوت" الخيرية، والناشطة ضد العنصرية في كرة القدم، تشير إلى أن عام 2018 شهد سادس ارتفاع على التوالي، في البلاغات عن العنصرية في اللعبة الإنجليزية.
وأظهر تقرير المنظمة عن العام 2020/2019 زيادات صادمة في مستويات الكراهية العنصرية، حول مباريات كرة القدم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من تعليق الموسم لعدة أشهر بسبب جائحة كورونا.
وفصل التقرير الانتهاكات التمييزية التي تم تلقيها خلال الموسم الماضي على المستويين المهني والشعبي، حيث شهدت اللعبة الاحترافية زيادة بنسبة 42 بالمئة في التقارير المتعلقة بالتمييز إجمالا، بزيادة من 313 إلى 446، وسجلت أيضا زيادة بنسبة 53 بالمئة في الإيذاء العنصري المبلغ عنه في اللعبة الاحترافية مقارنة مع الموسم الذي سبقه ارتفاعا من 184 إلى 446.
وأشارت إلى أن العام 2018- 2019، شهد ارتفاعا بنسبة 32 بالمئة وصولا إلى 422 تقريرا مقارنة مع 319 في العام السابق.
وقالت المنظمة في تقريرها عن العام 2018- 2019، "من المثير للقلق أن حوادث العنصرية آخذة في الازدياد، ولا يزال هذا هو الشكل الأكثر شيوعا للتمييز في كل من كرة القدم الاحترافية والشعبية، والذي يشكل 65 بالمئة من التقارير بزيادة قدرها 43 بالمئة مقارنة بموسم 2017/ 2018، وعلى الرغم من أن الزيادة في التقارير يمكن أن تسلط الضوء على نهج أكثر ثقة للإبلاغ عن الحوادث، إلا أن القفزة في التقارير يمكن أن تحدد أيضا أن التمييز في جميع أنحاء اللعبة لا يزال يمثل مشكلة تحتاج إلى تعليم مستمر وتطبيق العقوبات المناسبة".
وأشارت الى ارتفاع التمييز على أساس العقيدة مقارنة بأي تمييز آخر خلال هذه الفترة، مع زيادة التقارير عن هذا النوع من التمييز بنسبة 75 بالمئة ارتفاعا من 36 إلى 63 بالمئة، وفيما انخفضت التقارير المتعلقة بالتمييز بسبب الإعاقة من 15 إلى 9 بالمئة، تلقت المنظمة 159 تقريرا عن التمييز من وسائل التواصل الاجتماعي في 2018- 2019. ومرة أخرى، كان الشكل الأكثر شيوعا للحوادث المبلغ عنها، بحسب تقرير "كيك إت أوت" هو العنصرية وبنسبة 62 بالمئة.