ما هو مصير القذائف العسكرية التي تخطئ الهدف؟
المدينة نيوز :- نشر موقع "إنترستينغ إنجينيرينغ" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن مصير أخطر الأسلحة في العالم التي تخطئ في إصابة أهدافها.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن القنابل والقذائف والرصاص والطوربيدات تعتبر من أكثر الاختراعات فتكًا التي ابتكرها البشر على الإطلاق. وحسب تصميمها، يمكن أن تتسبب هذه الذخائر في أضرار بالغة الخطورة وخسائر جسيمة.
وأشار الموقع إلى أن الذخائر المفقودة يمكن أن تكون خطيرة للغاية لفترة طويلة جدًا حتى بعد عقود عديدة من انتهاء الأعمال العدائية. وفي حال كانت الرصاصات منخفضة بدرجة كافية، فإن أي رصاصة يقع إطلاقها بطاقة حركية كافية تكون قاتلة لأي شخص يوجد في نطاق مرماها.
أين تذهب طلقات الرصاص التي تخطئ الهدف؟
على خلاف ما تروج له الأفلام وألعاب الفيديو، لم يكن معظم الطيارين أثناء المعارك العنيفة يطلقون الرصاصات في الهواء بلا هوادة، لأن معظم الطائرات في الماضي - كما هو الحال اليوم - تملك كمية محدودة من الذخيرة.
لهذا السبب، كان على معظم الطيارين التأكد من المواقع المستهدفة للحفاظ على هذه الذخيرة المحدودة. وفي الواقع، بعض الطائرات، مثل سوبر
مارين سبتفاير الشهيرة، تملك ذخيرة لا تتجاوز مدة إطلاقها 16 ثانية إذا وقع إطلاقها بشكل مستمر.
إذا أُطلق الرصاص بشكل عمودي، يمكن أن يصل ارتفاع رصاصات الأسلحة الصغيرة إلى حوالي 10 آلاف قدم (ما يزيد قليلاً عن 3 كيلومترات). وعند هذا الارتفاع، تحمل الريح الرصاصة إلى اتجاهات غير متوقعة.
بشكل عام، تخترق الرصاصة التي يتم إطلاقها مباشرة في السماء الهواء حتى تستنفد طاقتها الحركية الأولية. وتبدأ بعد ذلك في السقوط باتجاه الأرض تحت تأثير الجاذبية حتى تصل إلى سرعتها النهائية، التي تحددها مقاومة الهواء.
بالنسبة للرصاص أو القذائف التي يقع إطلاقها أثناء المعارك الجوية، اعتمادًا على الارتفاع وحجم الرصاصة، فإن سرعتها تكون كافية لاختراق جسمك وإصابتك بجروح خطيرة. وإذا كانت المقذوفات شديدة الانفجار، فربما ستكون إصابتك قاتلة، إذا كنت في المكان الخطأ والوقت الخطأ.
في بعض التجارب المهمة التي أجريت خلال الحرب العالمية الأولى، كان الرصاص المقلوب يسقط بشكل أسرع بنسبة 80 في المئة. كما أن الرصاص الذي يسقط في الهواء من أعلى على قمة جبل قد يكون أكثر فتكًا من ذلك الذي يقع إطلاقه من على مستوى سطح البحر.
ينتهي مصير الرصاص والطلقات بضرب الأرض أو السقوط في عرض البحر. وإذا كانت سرعة هذه المقذوفات عالية، ستدفن في التربة، أو تستقر على أرضية أكثر صلابة مثل نتوءات الصخور المكشوفة. قد ينتهي بها الأمر في أماكن مثل جذوع الأشجار، التي سيكون مصيرها جراء هذه الرصاصات الاضمحلال والتعفن. أما إذا سقطت في البحر، فإنها ستغرق في قاع البحر وتدفن مع مرور الوقت.
وأكد الموقع أن المقذوفات وطلقات الرصاص تصنع من الرصاص والحديد والصلب والنحاس الأصفر وهي مواد قابلة للتحلل مع مرور الوقت لكن هذه العملية تستغرق وقتًا طويلاً. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يظل النحاس الأصفر سليمًا في التربة لفترة طويلة جدًا تصل حتى ألف عام. وحتى يومنا هذا، عُثر على العديد من الرصاصات غير المستخدمة في ساحات القتال القديمة التي يعود تاريخها للحربين الأولى والثانية وحتى معارك أقدم مثل الحرب الأهلية الأمريكية.
وذكر الموقع أن معظم أنواع رصاص البنادق تنقسم إلى مئات القطع الصغيرة عندما تصطدم بنسيج حيواني. قد يأكل حيوان هذا اللحم الملوث بالرصاص ويصبح جزءًا من السلسلة الغذائية. فعلى سبيل المثال، بات طائر الكندور الكاليفورني مهدد بالانقراض جزئيًا بسبب ابتلاع الرصاص. وإلى جانب ذلك، يمكن أن يتسرب الرصاص إلى التربة والمياه، مما يؤدي إلى خلق مشاكل بيئية.
وأشار الموقع إلى أن إطلاق النار خلال الحفلات ينطوي على الكثير من المخاطر. ووفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يمكن للرصاص المتساقط أن يصطدم بالأرض بسرعات كبيرة بما يكفي لإصابة الرأس أو الرقبة.
ماذا يحدث للقنابل التي تخطئ الهدف؟
بغض النظر عن الرصاص، تشكل المدافع المضادة للطائرات التي تعرف باسم "فلاك"، وصُممت لتنفجر على ارتفاع محدد، مخاطر أخرى محتملة خطيرة للغاية على المدنيين أثناء الغارات الجوية. فخلال الحرب العالمية الأولى، على سبيل المثال، كانت حالات الوفاة ناجمة عن إصابات خطيرة في الرأس.
وعلى الرغم من أن هذه القذائف المضادة للطائرات صممت لتكون في المقام الأول ذخائر مضادة للأفراد، إلا أن عواقب هذه الأسلحة، أو أخطائها، يمكن أن تكون مميتة للغاية. في هذا الإطار، تؤكد بعض التقارير الإخبارية عن الحرب العالمية الثانية أن حطام هذه القذائف كان يتساقط على المنازل والشوارع أثناء الغارات الجوية ويتسبب في إصابة الكثير من الأشخاص بجروح خطيرة وإلحاق أضرار جانبية.
حسب التقديرات، قُتل 52 ألف مدني ما بين 1940 و1945 خلال القصف الممنهج للمدن البريطانية. ولعدة سنوات، ساد الاعتقاد بأن القنابل الألمانية كانت السبب وراء معظم الضحايا، ولكن ذلك ليس صحيحا. وقدّر البعض أن حوالي نصف الضحايا سقطوا نتيجة لنيران المدفعية البريطانية المضادة للطائرات.
في ذلك الوقت، اعتقد الناس في بعض الأماكن من المملكة المتحدة بأن أكبر عدد من المدنيين قد قتلوا بنيران صديقة أكثر من القتلى الذين أسفرت عنهم الذخائر الألمانية. كانت هذه المشكلة واضحة خلال الحرب العالمية الأولى، عندما تمت إزالة المدافع البحرية من السفن والبطاريات ونقلها إلى مدنٍ مثل لندن لتوفير غطاء مضاد للطائرات. ولكن العديد من القذائف لم تنفجر في الهواء وتهاطلت على المدينة وانفجرت عند ارتطامها بالأرض.
أظهرت تقارير أخرى أن الأضرار المحتملة من الشظايا المتساقطة في هونولولو في هاواي أثناء الهجوم الياباني على بيرل هاربر تضمنت الحطام المتساقط من نيران الطائرات الكبيرة التي سقطت على العديد من المركبات المدنية والعسكرية ليلقى من كان بداخلها حتفهم على الفور.
وإلى جانب الآثار المباشرة للقذائف المفقودة أو بقاياها، لا يختفي هذا النوع من الذخائر بعد إطلاقها. فالقذائف القديمة والشظايا التي لا تشكل خطرا مباشرًا على صحة الإنسان تصبح جزءا من البيئة. ويمكن لهذه القذائف أن تبقى طويلا في التربة أو الماء قبل أن تتحلل. ولاتزال الشظايا القديمة موجودة اليوم في لندن، بينما الذخائر والقنابل غير المتفجرة لا تزال تشكل خطرًا هائلا على البشر والبيئة والسلامة العامة إلى يومنا هذا.
ماذا يحدث للقنابل التي لم تنفجر؟
القنابل سلاح فتاك يمكن أن يخطئ هدفه، وهي مصممة لتنفجر عند الارتطام أو بعد وقت محدد. مع ذلك، هناك العديد من القنابل التي لم تنفجر بعد والتي تملأ أعماق البحار والمدن والأرياف في العديد من البلدان حول العالم.
خلال الحرب العالمية الثانية، أطلقت قاذفات الحلفاء ما يقارب 2.7 مليون طن من القنابل في مواقع مختلفة حول أوروبا. ويُقدّر أن أكثر من نصف هذا المجموع قد تم إسقاطه فوق ألمانيا وحدها. لكن 10 بالمئة من هذه القنابل لم تنفجر وبقيت أطنان منها منتشرة على البنى التحية الألمانية المدمرة.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان لابد من العثور على الكميات الكبيرة من تلك الذخائر والتخلص منها في ظروف خاضعة للرقابة، لكن مواقعها لم تكن محددة بشكل دقيق. لهذا السبب، يتم سنويًا اكتشاف ما يقارب 2000 طن من ذخائر الحرب العالمية الثانية غير المتفجرة على الأراضي الألمانية حتى يومنا هذا. وتهدد هذه المشكلة مشاريع البناء الكبرى في ألمانيا، ذلك أنه قبل البدء في أي مشروع بناء يجب الحصول على وثيقة رسمية تفيد بأن الأرض خالية من أي ذخائر غير متفجّرة.
خلال الحرب العالمية الأولى، تم استهداف العديد من المدن البريطانية والفرنسية. لكن الوضع أكثر سوءًا في بلدان أخرى، ففي لاوس مثلا لقي أكثر من 50 ألف شخص مصرعهم بسبب القنابل غير المتفجرة منذ نهاية حرب الفيتنام، نصفهم من الأطفال.
وأشار الموقع إلى أن فقدان الأسلحة النووية المعروفة باسم "السهام المكسورة" أمر شائع أيضًا. ومن بين الأمثلة الشهيرة على ذلك فقدان قنبلة ذرية في القطب الشمالي في غرينلاند خلال الستينيات عندما تحطمت طائرة بوينغ ب-52، ولم يتم استرداد رأسها الحربي.
ووفقا للتقارير الرسمية، فإن المفجر غير النووي للقنابل الذي كان على متنها قد انفجر قبل الأوان مما أدى إلى سقوط شظايا ومواد مشعة فوق مساحات واسعة. وبعد إعادة تركيب شظايا القنبلة لاحظ الخبراء أن أحد الرؤوس الحربية مفقود، واعتقدوا بأنه قد يكون في خليج نورث ستار ولا يزال هناك حتى يومنا هذا. ولا تعتبر هذه الحادثة الوحيدة من نوعها.
في نيسان/ أبريل 1989، اندلع حريق في غواصة روسلان النووية أدى إلى غرقها شمال المحيط الأطلسي وكان على متنها عدة رؤوس نووية. كما غرقت غواصة أمريكية جنوب جزر الأزور ولم يتم استرداد الحطام.
ماذا يحدث للطوربيدات التي تظل وجهتها؟
اخترع المهندس الإنجليزي روبرت وايتهيد أول طوربيد في ستينيات القرن التاسع عشر ليصبح من بين أحد أكثر الأسلحة فتكا في البحر، وقد تم استخدامها على نطاق واسع في الحرب العالمية الأولى.
وعلى عكس تكنولوجيا اليوم، كان إطلاق الطوربيدات في ذلك الوقت يعتمد على الحظ في تقدير الزمن المتوقع للوصول إلى الهدف ولم تكن الحسابات دقيقة. وفي هذه الحالة، تنطلق تلك الطوربيدات بشكل مستقيم ولا تتوقف حتى تصطدم بشيء ما وتنفجر أو ينفذ وقودها وتتوقف من تلقاء نفسها. وعادة ما يتم تصميم الطوربيدات لتكون قابلة للطفو مما يساعدها على بقائها طافية جزئيًا على طول مسارها.
ما الذي يحدث للطوربيدات في حال نفاد وقودها؟ يعتمد ذلك على تصميم الطوربيد، فالطوربيدات الأمريكية مثلا مزودة بجهاز تدمير ذاتي يقوم بتفجير الطوربيد إذا لم يصطدم بأي شيء وذلك من أجل سلامة الملاحة البحرية، ويتم إعلام سفينة الرماية بأن الطوربيد أخطأ هدفه. أما بالنسبة للطوربيدات غير المزودة بهذه الميزة، فإنها تغرق مباشرة بعد نفاد وقودها مما يعني أن العديد من الطوربيدات التي لم تنفجر لا تزال في قاع البحر وأغلبها ألمانية الصنع.
وأورد الموقع أن الطوربيدات الحديثة أكثر دقة ويمكن توجيه معظمها نحو الهدف عن طريق السونار المتطور، وفي حال أخطأت الهدف فإنها تتمتع بخاصية التدمير الذاتي. وفي حال كانت المياه عميقة، فإن ضغط الماء يكون كافيا لسحق غلاف الطوربيدات ذات الطراز القديم.
وحذر الموقع الغواصين الباحثين عن الحطام من الذخائر القديم لما قد تسببه من أخطار. والطريقة الوحيدة الآمنة للتخلص من هذه الأسلحة هي التفجير المنظم. ولا تكمن الخطورة في الطوربيدات القديمة فقط، فحطام السفن والقذائف المفقودة والقنابل والألغام القديمة من المحتمل أن تكون جميعها خطيرة للغاية. وفي حال العثور عليها، وجب التعامل معها بشكل دقيق واحترافي والاتصال بالسلطات المختصة للتخلص منها بأمان.