حكومة الأغلبية الوطنية والواقع السياسي
الواقع السياسي يشهد متغيرات شديدة التأثير على العملية السياسية، فلم تعد المكونات ممثلة بقوى موحدة في الرؤية، ففي حين يفترض بالحكومات أن تشكل أساس موالاة ومعارضة، وهذا معمول به في اغلب دول العالم، ولكن ما نشهده اليوم في العراق، هو الازدواجية في العمل السياسي.
هناك مشاركة في الحكومة ومعها معارضة لها في البرلمان، والمعارض للحكومة مشارك فيها. وهذا ما يؤدي إلى التعطيل الواضح في العمل المؤسساتي للدولة، وتأخير النمو الاقتصادي والاجتماعي، وضياع ثرواته وتفشي الفساد الإداري والمالي.
المهم في الأمر أن تكون هناك استراتيجية واضحة، وخطط مدروسة في نجاح المشروع الوطني، بغض النظر عمن يكون في سدة الحكم، ومن يقود الدولة، والاهم هو التقدم خطوة إلى الأمام، لتصحيح المسارات خيرا من الوقوف والتعثر، ما ينعكس سلباً على الشارع.
الدعوات التي أطلقت لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، بمشاركة عادلة لمكونات الشعب العراقي، والتي ستكون بديلا لحكومة الأغلبية السياسية، والتي ثبت أنها غير مجدية مع وضع يشبه وضعنا، والذي تشوبه الكثير من تعقيدات أصبحت عبئاً ثقيلا على نفسها وعلى المواطن، صارت حاجتنا لترميمات لوقف الانهيار، الذي تواجهه العملية السياسية والتي، سببت عدم الثقة وتصدع العلاقة بين معظم المكونات السياسية، حاجة ملحة ولازمة..
العراق الجديد الذي بني على التوافق والمشاركة، أنجز شوطا مهما في مساره السياسي، ولكن المشاركة فيه لم تعد قادرة، على إنتاج مخرجات مفيدة للمشروع السياسي, بل يمكن القول أن ما توقف على عتبة المشاركة والمحاصصة، أكثر بكثير مما تم تمريره من توافقات وقوانين وسياسات، كانت المرحلة شهدت الكثير مما تم تمريره عبرها، والبديل عن المحاصصة، هو حكومة الأغلبية الوطنية الجامعة، لمن يتفق مع المشروع السياسي من مكونات البلد الرئيسة، ويسير بها إلى مرحلة تطبيق السياسات الحكومية، وتشريع القوانين والتنفيذ الأحكام القضائية، مدعوما بأكثرية برلمانية تحميه، طيلة مدة الدورة الحكومية، من التعرض للابتزاز والتردد، عند مواقف الحسم وما أكثرها في العراق .
السير نحو حكومة الأغلبية الوطنية، ربما يعد حلاً مقبولا لمجمل مشاكل العراقي، وطريقاً ناجعاً للسير بخطوات سريعة، بعد إن استنفذت الصراعات السياسية والمحاصصة، والخداع وفقدان الثقة، كل أمالنا وفرصنا، وتحولت لمنغص لهذا الشعب الذي يأمل خيرا من هذه الدعوات.