متطلبات الاصلاح
ان التجييش والصرخات العارمة والهتافات المستمرة ونقل اماكن الاقامة من البيوت الى الشوارع ... والردح واللطم وتقطيع الملابس وغيرها ،لاتشكل الا نسبة ضئيلة ضئيلة لاتذكرمما يسمى باشارات الاصلاح .
فالاصلاح حتى يكون اصلاحا ،يجب ان يكون مستوى " صلاح المطالبين " اعلى من مستوى " صلاح الذين يطلب منهم الاصلاح " ، ولكن وللاسف ،فانني لارى شيئا من ذلك ، فالسمة العامة للوضع الحالي تمتاز بالفوضى والعشوائيات المتداخلة دونما تأطير وتنظيم للمطالبات ، بالاضافة الى هشاشة المرتكزات الرئيسية ومنطلقات افراد المجتمع المحلي .
فلايمكن بل من المستحيل ان تطلب الاصلاح من الاخرين ، في الوقت الذي لابد فيه من بناء قواعد متينة واساسات راسخة لتحقيق ذلك (بحيث يتم بناء هذه القواعد بعد محاسبة الفاسدين الحاليين قضائيا )؛ اي يجب نسف بعض الممارسات المجتمعية الحالية معلنين بذلك شروعنا في بناء شامل لـ " ثقافة الاصلاح " من خلال مايلي :
• قيام كل فرد ينتمي الى اية نقابة مهنية باعادة حساباته تجاه هذه النقابة من حيث ماذا يريد منها وكيف يرى مسارها وماذا تقدم له وللمجتمع .... والى اين تسير بنا هذه النقابات ؟ اذ بذلك اضرب لكم مثلاً نقابتي التي وجدتها تمطر في عمان بأفكار وقرارات وتوجهات استراتيجية بحكم ثلة من الناس ،اما نشاطات الافرع في المحافظات فلاتتجاوز تقسيط الثلاجات ... والامسيات الشعرية ... فالهوة كبيرة بين الام وابنائها ، علماً بأن النقابة بممثليها القلائل تتخذ قرارات واتجاهات تمثل عشرات الالاف من المهندسين هنا وهناك !! وبالتالي فان النقابة الام بحاجة لمصالحة واصلاح داخل اسوارها ومن ثم تطلب من ابنائها الذهاب في المسيرة الفلانية والاعتصام الفلاني ،وبمعنى اخر : لو كان لابد من الاعتصام ، سأعتصم ضدك لتنصفني ، وان انصفتني ،يمكنك ان تضمني اليك لمطالبة الاخرين !! وهيهات ! وقس على ذلك بقية النقابات الكثيرة في بلدنا .
• بناء احزاب قوية فكرا وعددا او الغاء الكثير من الدكاكين الحالية التي تطلق على نفسها احزاباً . حيث انه من المخجل ان تجد حزبا بمئة شخص او اقل ،ولديه من المشاكل المالية التي تصل الى عدم المقدرة على دفع اجرة مكتب الحزب! وللاسف يذهبوا للاعتصام باسم كبير لحزبهم ! اي بكفي مهزلة !
• ضبط سلوكيات بعض التنظيمات التي تنسب جهود الناس اليها ، فمنذ طفولتي ارى بعض اعضاء هذه التنظيمات يستغرقون شهورا في جمع المال من دور العبادة ومن الميسورين والتجار ورجال الاعمال ...باسم الفقراء ..باسم تعليم الاطفال ...ولكنك تفاجأ بعد حين ان الاموال التي تم جمعها ،يعاد توزيعها باسمهم ( تتراوح بين طرود مغلفة بشعارهم ، و جوائز مغلفة بشعارهم ،وفعاليات كبيرة مكلفة تحسب اليهم وماهي من اموال حزبهم ولا من اموالهم . اصلحوا انفسكم كي نسير معكم في الاعتصام !
• قيام الكثير الكثير من ذوي البنطلونات الساحلة برفع بنطلوناتهم الى المستوى المطلوب ، فمن هو المثقف الذي يلتفت الى مايقوله هؤلاء ! او مايكتبونه على الفيسبوك مثلا! فالناس لاتمشي في مسيرة خلف قيادات ببنطلونات ساحلة مهما كان عددهم ! وماهو الفكر الذي يحمله هؤلاء الناعمين !
وان حاولت محاورتهم قد تجرحهم ! لذلك اقترح : " ارفع بنطلونك وانهض برجولتك وفكرك ومن ثم ارفع سقف مطالبك " . وكيف سننهض ببلدنا ؟!!!
• افراز نواب حقيقيين ،لا لخدمة مناطقهم وحسب ، بل لتشريع قوانين محكمة وقوية وعادلة .
• بتر ونبذ اصحاب الصالونات السياسية الذين يعملون لأجلهم فقط على نظرية " يالعيب ياخريب " والاكتفاء بالشخصيات التي تراعي المصلحة العامة للوطن بعيدا عن نظام الشللية والمحسوبية وتقاسم الكعكات .
• نبذ الدعوات المنتنة التي تشغل الناس ببعضها ، فالانصراف عن هذه المعاني التي تجسد الكراهية بين الاخوة ،يجعل الناس تقف في صعيد واحد للنظر معا الى الامام بدلا من التناظر فيمابينهم ،لدفع عجلة النهوض والاصلاح سوية .
• قتل وقت الفراغ لدى العاطلين عن العمل ، والطلبة بكافة اعمارهم ، من خلال تقديم برامج حقيقية نافعة وبجهود جماعية مشتركة بدعم واضح ومؤطر من قبل الحكومة ،لا الاكتفاء ببعض البرامج الاهلية والجمعيات التي ليست لها جدوى . ( حيث ترتب على وقت فراغ الاعمار الصغيرة في الاشهر الاخيرة السابقة ارتفاع في حوادث السير، ارتفاع في جرائم القتل ، مشاركة في مسيرات لايعرفون عن مطالبها شيئا حيث سئل بعضهم في لقاءات على بعض القنوات الفضائية عن سبب المسيرة فكانت اجاباتهم
" لا اعرف " او " بنتسلى " .
وفي النهاية ، اقول انني مواطن يحب الاصلاح ويبغض الفساد والمفسدين ولكن لايمكن ان يتم ذلك الا اذا بدأ كل واحد بذلك من عنده ، من خلال تكاتف الجهود لبناء صيحة ثقافية اصلاحية وفق المتطلبات المذكورة .