"سندباد انانا" يزور "جرش" ويحلق بجمهورها نحو الحلم!
المدينة نيوز - خاص: "لا يعادل شوقي إليك الا لحظة سجننا معا في مكان واحد".. هكذا أعلنت فرقة "إنانا" عن قصة الحب وهي تنثر أريج إبداعها في مهرجان جرش جامعة ألوان الاستعراض في عمل واحد يقدم لأول مرة في الأردن.
جاءت "إنانا" في مشاركة هي الثالثة في مهرجان جرش واحتلت نظرات الجمهور الذي زحف اليها بعد شهرتها الكبيرة وحب الناس لأعمالها منذ " صقر قريش" و صلاح الدين" و"بيت الحكمة" و منذ شاهدنا مسرحية "زنوبيا".
جاءت "أنانا" التي تعني الهة الحب والخصب عند السوريين القدماء، ومعها عمل خاص ل " جرش" يحمل اسم " السندباد". وفي الذاكرة أنه المتجول في التاريخ والقريب من الوجدان الشعبي.
هكذا هو "السندباد".. أو هكذا رأيناه يتجسد على خشبة المسرح الجنوبي. وقد شدنا العمل الراقص منذ البداية ومع أول هدير للموسيقى ومع ظهور الابطال على
المسرح" في اشارة الى دخول "المغول" الى بغداد وصرخاتهم والقائهم للكتب في نهر دجلة وحرق الكنوز الحضارية لدولة الخلافة الاسلامية.
ويشهد السندباد (ابن البصرة)، اجتياح المغول لبغداد، حيث يرقب بحزن شديد إحراق هولاكو لمكتبة بغداد، ورمي الكتب والمخطوطات النادرة في نهر دجلة.
يحاول السندباد لملمة جراحه، ويبدأ بجمع ما تبقى من الكتب والمخطوطات التي دمرها المغول، ورغم حزنه الشديد... إلا أنه لا ييأس من إمكانية إحياء ما أُتلف، وإعمار ما هُدم، فيبدأ رحلةً طويلة يعبر فيها البحار، ويقطع فيها الأميال، لينشر رسائل السلام إلى العالم، ويعرف بحضارة بلاده وما أصابها من انتهاك على يد المغول، ويدعو لزيارة بلاده، والإطّلاع على تاريخها المكتوب بدم وعَرق وجهد أبنائه.
يزور الصين على ظهر بساطه السحري ويحط رحاله فيها، ليشهد اكتشاف الحرير، وولادة حبٍّ سيتوّج بزواج سعيد بين الأميرة الصينية التي اكتشفت الحرير مصادفة، وبين أمير هندي يحمل على أكتافه حضارة بلده وموروثه وتاريخه، وعندما يصل السندباد إلى بلاد فارس حاملاً نماذج مما يُصنع في بلده، يُفاجأ بحربٍ ضروس بين الفرس والبيزنطيين للسيطرة على طريق الحرير والتفرّد بتجارة الحرير.... يلتقط السندباد أنفاسه، ويريح بصره مما رآه من ويلاتٍ في المعركة، فيعود إلى قرطاسه، ويستعيد قصة خطف باريس الأمير الطروادي لهيلين الأميرة الإغريقية وما جرته حرب طروادة المجنونة من دمار، ومن قرطاسه يخرج زوربا سليل الإغريق، ليرقص رقصته الشهيرة، التي تعبر عن فلسفته القائمة على حب الحياة وتمجيدها.
تستمرُّ رحلة السندباد فيدخل الأندلس مع طارق بن زياد، ويشهد تمازج الثقافتين العربية الإسلامية والإسبانية، وولادة الموشحات كإحدى ثمار هذا التلاقح الثقافي الأخَّاذ، ثم يزور مصر ويشهد طقساً مسرحياً يستعيد حكاية فرعونية قديمة مع أهل مصر المتحلّقين حول الراوي والممثلين.
يُؤخذ السندباد ببلاد الشام، إذا يصلها لحظة انتصار سيف الدولة الحمداني على أعدائه، واستقباله الوفود العربية المهنّئة له بالنصر، ثم يعبر إلى الخليج العربي الزاهي بعاداتٍ وتقاليد جميلة في البرّ والبحر، فنرى تناغم حياة الصحراء والبحر في خليج العرب. ويظهر شاعر العرب الكبير المتنبي وشاعر الدولة أبو فراس الحمداني وسيف الدولة الحمداني الذي كان يوزع حبه ومشاعره بين المتنبي وبين أبو فراس الحمداني صاحب قصيدة " أقول وقد ناحت بقربي حمامة".
وتحت المسرح الجنوبي نرى السندباد وقد عاد من خلال الايحاءات والسينوغرافيا، حيث يمتد القماش الازرق للدلالة على البحر وفوقه تعبر سفينة السنباد.
ينهي السندباد رحلته في الخليج العربي.. ويقرر العودة إلى بلاده، بعد أن ترك أثراً لا يمحى في كل بلد مرَّ به، وفي نفس كلِّ من قابله خلال رحلته، تاركاً في كل أرض قَصدها دعوةً لزيارة بلاده.
ينتهي العمل بمشهد احتفالي يجمع السندباد مع كلِّ الشخصيات البارزة التي زارها، وقد أتت جميعها إلى بلده، التي فتحت كعادتها قلبها لكلِّ القادمين إليها.. حاملين معهم أمنيات الخير والمحبّة.
ويقول مؤسس الفرقة الفنان جهاد المفلح: إنني في قمة السعادة لعودتنا الى مهرجان جرش الذي شاركنا فيه مرتين وهذه المرة الثالثة. واكد اهمية مهرجان جرش واعتبره ومهرجان قرطاج من ابرز الشرايين الثقافية والفنية في الوطن العربي.
وقد تأسست فرقة إنانا في عام 1999 ويعتبر مؤسسها جهاد مفلح أحـد أهم الأسـماء السـورية في مجال المسرح الراقص، وتضم 100 راقص وراقصة من جنسيات سورية وأجنبية.