كلمة النائب مبارك طوال في اللجنةالوطنية للمتقاعدين العسكريين

المدينة نيوز - قال النائب مبارك الطوال إن الفساد الذي ضرب الوطن لسنوات طويلة على الصعيدين السياسي والإقتصادي هو السبب الرئيسي الذي أطاح بمنظومة القيم التي كانت تحكم المجتمع الأردني والتي كانت بمثابة دستور ومعجم وطني متفق عليه بالإجماع.
وأشار النائب الطوال في كلمة له القاها امام اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين " لقد تمكن فريق من المتنفذين من عقد تحالفات كبيرة وقوية بين رأس المال وبعض أصحاب النفوذ السياسي والإجتماعي مما شكل حلقة مفرغة قادرة على النفاذ الى كل شيء وممنوع النفاذ اليها الا بطرق تشبه طرق الأخويات التي قرأنا عنها في بعض كتب التنظيمات السرية التي سادت في عصور غابرة ، وهذا الفريق المتنفذ تمكن من خلق قوة كبيرة وعلى قدر عظيم من الدراية والإدارة تمكنت من الإمساك بتلابيب الوطن والوصول بنا الى ماوصلنا اليه ".
وشدد على أن لا أحدا يختلف على شرعية القيادة الهاشمية ، ولا أحدا يختلف على الثوابت الوطنية التي عاشت معنا وعشنا معها تسعون عاما ، مبيناً " الإختلاف على الفساد وعلى الإصلاح فإذا اراد احد ان يكون بوقا للفاسدين بحجة الولاء فهذا يجب ان يعزل ويكون خارج اطار الصورة الوطنية ، لأننا نبحث عن القواسم المشتركة وليس عن مايفرق الجمع ويشق المسيرة ".
وتاليا نص الكلمة :
كلمة النائب الطوال في اجتماع اللجنة الوطنية للمتقاعدين
ايها الإخوة الأعزاء..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد أصبح الحديث عن المشهد السياسي العربي والمحلي مكررا ومعادا من كثرة ما نرى في اللقاءات والفضائيات ونقرأ ونسمع في الصحف والمواقع والإذاعات ، المشهد يتكرر والحديث يتكرر والرؤى باتت واضحة ومع هذا ما يزال المستقبل غامضا و يحمل في طياته الكثير من المفاجئات.
تكتظ الشوارع العربية بالمتظاهرين والمعتصمين ، بدعوات الثورة في كل نواحي العالم العربي ، أما الأصوات الأكثر دويا وانفجارا فهي تلك الأصوات الصامتة في مساحات العالم العربي والتي ترقب باهتمام وتوثب ، وبحسرة وألم أحيانا وبنار تحرق الصدور أحيانا أخرى ، الهمس الدائر في بعض العواصم العربية أعلى صوتا وضجيجا مما جرى و يجري في ميدان التحرير وساحة التغيير وشارع بورقيبة ، و كثير من الشوارع والميادين والزنقات وغيرها من مسميات المكان ولا يختلف المشهد في كل فضاءات الثورات والإحتجاجات العربية الا في كمية الدماء المراقة وعدد الجرحى والمخطوفين ، وأهات الثكالى والأيتام والمهمشين .
إذن المشهد العربي لا يحتاج الى كثير من الاسهاب والتوضيح ، وبعيدا عن الإغراق في نظريات المؤامرة ومن يدعم من ، ومن هو وطني ومن هو مرتزق الى أخر هذه المصطلحات التي بدأت تطفوا على سطح التعبير النظري عما يجري ، فإن الثابت الوحيد الذي لا يختلف عليه الجميع بدون استثناء بما في ذلك النظام الرسمي العربي أن هناك حاجة للإصلاح وأن هناك ضرورة للتغيير والإختلاف على التفاصيل وعلى الوسائل وعلى المدد الزمنية التي يريدها كل فريق .
دعونا إذن ننتقل الى المشهد الوطني ، فهو الذي يهمنا وهو الذي يؤرقنا وهو الذي يدفعنا الى فهم ما يدور في الإقليم حتى نتمكن من تجاوز السلبيات والوصول الى حلول نقفز من خلالها عن السلبيات التي تعرض لها الأخرون ونصل الى نتائج ايجابية بدون أن ندفع ثمنا باهظا لذلك لا سمح الله .
في الأردن أيضا يتفق الجميع بدون استثناء تقريبا على أن هناك ضرورة ماسة للإصلاح ، غير أن الفرقاء يختلفون في الأساليب ويختلفون في توصيف أسباب أوضاعنا السيئة التي وصلنا اليها على الصعيد السياسي والإقتصادي ، و رؤيتنا في ذلك بسيطة وواضحة تماما، نحن نرى أن الفساد الذي ضرب الوطن لسنوات طويلة على الصعيدين السياسي والإقتصادي هو السبب الرئيسي الذي أطاح بمنظومة القيم التي كانت تحكم المجتمع الأردني والتي كانت بمثابة دستور ومعجم وطني متفق عليه بالإجماع.
لقد تمكن فريق من المتنفذين من عقد تحالفات كبيرة وقوية بين رأس المال وبعض أصحاب النفوذ السياسي والإجتماعي مما شكل حلقة مفرغة قادرة على النفاذ الى كل شيء وممنوع النفاذ اليها الا بطرق تشبه طرق الأخويات التي قرأنا عنها في بعض كتب التنظيمات السرية التي سادت في عصور غابرة ، وهذا الفريق المتنفذ تمكن من خلق قوة كبيرة وعلى قدر عظيم من الدراية والإدارة تمكنت من الإمساك بتلابيب الوطن والوصول بنا الى ماوصلنا اليه .
نحن في مشكلة حقيقية ، الناس في ضنك وعوز وهناك فقر حقيقي ، وحتى لو أخذنا وسلمنا بالأرقام الحكومة الرسمية فإن الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر هم شريحة كبيرة جدا من المواطنين ، والفقر يخلق التذمر والفقر يأكل الخير في المجتمعات كما تأكل النار الحطب ، والفقر إذا لم تتمكن الدولة من احتواءه يبدأ بتفريخ مشاكل اخرى كثيرة ، كانتشار الهمس والإشاعات ، كما يزيد من حدة الصراع الطبقي ويقلل من الإنتماء والولاء ، ويزيد من شهوة الإنتقام بين الناس ، اضافة الى امراض اجتماعية أخرى كثيرة ، وفي ظل وجود الفقر لا بد للدولة من أن تجد الطرق المناسبة من خلال سياسات حكومية جديدة لعلاج الوضع اما من خلال تحسين الأوضاع الإقتصادية وتوفير الحد الأدنى من المستلزمات الضرورية للناس وفي حال تعذر ذلك أن تضرب بيد من حديد على كل اوجه الفساد ووقفه تماما حتى تعيد الثقة الى نفوس المواطنين الا أن الوطن بخير وان الحالة الإقتصادية ماهي الا عارض سيزول ، أما وجود فقر وفساد فلا يجوز ولا يمكن ان ينفس من حالة الإحتقان التي يعيشها الشارع .
الشارع محتقن ، نعم الشارع محتقن ، والحكومة لم تتمكن من ايجاد السبل الكفيلة ووضع السياسات المناسبة للتعامل مع الوضع الجديد ، ونحن نقول رؤيتنا بصراحة ووضوح حتى لو كانت تجرح مشاعر بعض أهل السلطة في الحكومة والدولة ، فنحن من أهل البيت ، وهذا الأردن العظيم ، في قيادته الهاشميه الفذة .
أما الفاسدون الذين تسلقوا على ظهور الأردن والأردنيين وعاثوا في الأرض فساداً ولا يبدو انهم يكترثون لما يحصل من نتائج على كل المجتمع الأردني .
ماذا يجب ان نفعل مقابل هذا المشهد ، وكيف يجب ان نشارك في إعادة صياغته وما هي الواجبات الوطنية الملقاة على عواتقنا في هذه المرحلة الحرجة من حياة الوطن ، إن التوصيف والتشخيص هما جزء مهم من الحل ولا يمكن الإستغناء عنه ، غير أننا بنيَنا رؤيتنا أيضا ليس على التشخيص فقط بل ووضع الحلول ، والمساهمة في صياغة الحلول واجب وطني على كل الأفراد والمؤسسات والأحزاب وهيئات المجتمع المدني ، ونحن و أنتم ، كلنا كرسنا وقتا كبيرا وجهودا هائلة وخبرات وطنية متخصصة لتقديم أفضل مالدينا من خلاصات عسى ان يستفيد منها الوطن وصناع القرار وقمنا وقمتم بالكلام والكتابة والنشر والتوضيح .
أنتم المتقاعدون العسكريون عمود من أعمدة البيت ، وميزان من موازين العدل الوطني ، ويسعدني بل ويشرفني انني وأنا نائب في هذا الوطن العظيم ولهذا الشعب العظيم انني أيضا من صفوف المتقاعدين العسكريين الذين يختزن الوطن صورهم وعطائهم في القلب وفي مآقي العيون.
ومن الواضح أننا جميعا في خضم ما يحصل يجب ان نركز على الأهم فالمهم ، لأن مايحتاج الى اصلاح كثير وكثير جداً ، ولذلك فإنني لن أطيل عليكم بتقديم رؤية كاملة لأنها تحتاج الى ساعات طويلة من العرض ، إلا انني سأكتفي بالإشارة الى أهم الجوانب ذات الحساسية العالية لدى كافة شرائح الشعب والتي ان صلحت صلح كثير من الأمر ، فقانون الإنتخاب وقانون الأحزاب والتربية والتعليم والصحة والشأن الفلسطيني المرتبط ارتباطا عضوياً بالصحة الوطنية والعافية السياسية ، كل هذه الملفات تشكل اولوية بالنسبة لنا اضافة الى ملفي الإصلاح بعمومه ومكافحة الفساد خاصة واللذين اوليناهما أهمية كبيرة جدا .
ايها الإخوة والأخوات الأكارم ،،
لا يكفي ان نكتب ونبحث ونسجل رؤانا وانتقاداتنا بل اننا نحاول بكل السبل ان تكون قنوات الإتصال المستمر مفتوحة بيننا وبين الحكومة وبالتأكيد فإن قنوات الإتصال مفتوحة بيننا وبين كل القوى الوطنية المعارضة وغيرها من أجل الوصول الى خلاصات تتحول الى استراتيجيات حتى نخرج من عنق الزجاجة التي حشرنا فيه الفريق المتنفذ العابر للحكومات والقرارات والإستراتيجيات والذي لايكترث للأعاصير التي تهب من كل اتجاه بدعوى اننا محصنون ضد كل ذلك ، والحقيقة ان التحصين الحقيقي يكمن في المراجعة الدورية بدون كلل لإنجازات الوطن وتصحيح المسيرة اينما احتاج الأمر ذلك .
وبما انني في حزب الجبهة الأردنية الموحدة اؤمن بأن الجميع ابناء هذا الوطن ، ابناء الأردن . والذين يدفعون لتقسيم الوطن الى قسمين موالاة ومعارضة ، نقول لهم أنتم مخطئون ، الذين يتصدرون بعض الصفوف ويرفعون عقيرتهم بالصراخ ويظنون انهم يمتلكون الحقيقة المطلقة نقول لهم لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة ، دعونا من الدفع بتجاه الفتنة ، دعونا لا نختلف على ما اتفقنا عليه ، لا أحد ، نعم لا أحد البتة يختلف على وحدة الوطن ، لا أحد يختلف على شرعية القيادة الهاشمية ، ولا أحد يختلف على الثوابت الوطنية التي عاشت معنا وعشنا معها تسعون عاما ، الإختلاف على الفساد وعلى الإصلاح فإذا اراد احد ان يكون بوقا للفاسدين بحجة الولاء فهذا يجب ان يعزل ويكون خارج اطار الصورة الوطنية ، لأننا نبحث عن القواسم المشتركة وليس عن مايفرق الجمع ويشق المسيرة.
أشكركم على حسن اصغائكم ، واهتمامكم ، والحديث ذو شجون والكلام يطول ولكن ارجوا ان اكون قد وفقت في وضع بعض تصوراتي امامكم وأعتقد أن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا في هذه المرحلة خطأ يحتمل الصواب ، ونحن نقبل بالرأي والرأي الأخر مادام المحور الرئيسي هو الوطن ، هو الشعب ، هو مخافة الله في حاضرنا ومستقبلنا وقيادتنا الهشمية الفذة .
عاش الاردن عاش المليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .