عبد الحليم خدام: أحداث حماة البداية الحقيقة لنهاية نظام الأسد
المدينة نيوز - اعتبر النائب السابق لرئيس الجمهورية العربية السورية عبد الحليم خدام أن اجتياح الجيش السوري لمدينة حماة الأحد هو البداية الحقيقة لنهاية نظام بشار الأسد.
وأكد خدام في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية من القاهرة "أن أعمال العنف والقتل والاجتياح العسكري كما حدث أمس في حماه ومن قبل في حمص ومناطق أخرى، وهو أمر مرشح للاستمرار، يعني في مجمله شيئا واحدا وهو أن سورية ستنتقل لمرحلة
جديدة سينتهي فيها نظام بشار الأسد".
وكان الجيش والأمن السوري بدأوا فجر الأحد حملة اجتياح موسعة لمدينة حماة أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص إضافة إلى جرح المئات.
وكشف خدام، الذي يترأس بالمنفى جبهة الخلاص الوطني المعارضة للنظام السوري، عن سعيه لمطالبة المجتمع الدولي بتوفير مناطق محمية داخل سورية لتكون ملاذ للسوريين الفارين من أعمال القتل والترويع، موضحا بالقول: "نحن الآن بصدد مطالبة المجتمع الدولي بالعمل علي إيجاد مناطق محمية من أجل حماية الناس الذين يهربون من أعمال القتل".
وأضاف: "لابد من تدخل المجتمع الدولي بشكل من الأشكال لحماية الشعب السوري بالنظر إلى أن السوريين مصممين علي أن تكون مظاهراتهم سلمية دون اللجوء إلى السلاح. ومع استمرار أعمال القمع الشديد من قبل النظام يكون من واجب المجتمع الدولي، التزاما بميثاق الأمم المتحدة، اتخاذ إجراءات لحماية الشعب السوري من هذا النظام الذي خرج عن الشرعية الوطنية وعن الشرعية الدولية".
وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات تتضمن تجميد أصول وحظر دخول أي من دوله بحق ثلاثين شخصا في النظام السوري على رأسهم الرئيس بشار الأسد.
وحذر خدام من الاستخدام المفرط للعنف من قبل النظام وكذلك استمرار الصمت الدولي وتردد المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته في حماية الشعب السوري من ما يتعرض له من انتهاكات شديدة علي يد النظام، وحذر من أن هذا "سيدفع بقوى موجودة في الشارع السوري إلي مواجهة العنف بالعنف".
وتابع: "حتى الآن، يتحمل السوريون كل الجرائم التي يرتكبها النظام حرصا منه علي عدم الانزلاق إلي صراع أو فتنة تؤدي إلي المزيد من إراقة الدماء".
ورفض المعارض السوري ما يطرح حول "أسلمة" الحراك الثوري بسورية، مشددا بالقول :"الذي يصف الثورة بأنها إسلامية هم جماعة النظام : سورية بلد به مسلمون ومسيحيون، وكلاهما متدينان ولكنهما لم يكونا أبدا في يوم من الأيام متطرفان .. المسلمون يشكلون الأكثرية الساحقة في البلاد وبالتالي هم يظهرون أكثرية عددية وبشكل واضح في التظاهرات وهو أمر طبيعي".
وأكد :"لكنها ليست أكثرية متطرفة إطلاقا، وأنا أجزم أنه لا يوجد بسورية أي توجه إسلامي نحو التطرف".
ولفت خدام إلى أن أحداث الأمس برهنت على أن التاريخ يعيد نفسه، وأضاف "النظام لا تربطه أي صلة بالشعب وبالتالي لا يجد خيارا أمامه للاستمرار في السلطة سوى استخدام العنف والقوة".
وقال: "هذا الأمر، وإن مر في الماضي بسبب الوضع الإقليمي والوضع الدولي، فهو لن يتكرر في ظل الظروف الراهنة وسيلاقي بشار الأسد والعصابة التي تعمل معه علي قتل الشعب حسابا عسيرا من جانب الأخير".
وقد أعاد اجتياح حماة الأحد إلى الأذهان ذكريات المذابح التي شهدتها المدينة عام 1982 على أيدي نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد عندما حاولت المدينة السنية الثورة على الأسرة العلوية الحاكمة.
وفي رده علي تساؤل حول أسباب صمود النظام السوري لما يقرب من خمسة أشهر حتى الآن منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف آذار/ مارس الماضي رغم توقع كثير من المحللين باحتمالية سقوطه سريعا، أجاب خدام: "عمليا النظام السوري سقط من ناحية الشرعية الشعبية فهذا النظام لا يستطيع أن يتحرك إلا عبر المدفع والدبابة والطائرة لعدم شعوره بالأمان فهو يعيش وهو يخشى شعبه ويخشى معاقبة الأخير له على ما ارتكبه من جرائم في حقه".
وأضاف: "لا أريد أن أحدد أياما معينة، ولكن النظام سقط فعليا منذ اليوم الأول الذي لجأ فيه لاستخدام السلاح ضد شعبه، وها هو اليوم يحاول أن يمدد فترة وجوده ولكن دون جدوى".
وقلل خدام من التعويل علي حدوث بعض الانشقاقات داخل الجيش السوري وقدرة بعض الضباط علي إنقاذ سورية من نظام بشار، موضحا بالقول: "هم مجموعة ضباط سواء كانوا خمسة أو عشرين أو اكثر وهذا لا يشكل جيش، الجيش له متطلبات أخرى وهي ليست متوفرة بالظرف الراهن".
وأضاف: "هؤلاء الضباط خرجوا من صفوف الجيش لأنهم لا يريدون قتل مواطنيهم ، ولكن لا يمكن القول أنهم يشكلون جيشا يمكن أن ينقذ سورية الآن : الذي يستطيع أن ينقذ سورية فعليا هو تكاتف قوى الشعب السوري وصموده وإدراكه بخطورة استمرار نظام الأسد".
واستبعد خدام أيضا فكرة حدوث انقلاب عسكري من قبل القيادات التي لا تزال توالي نظام بشار حتى الآن، موضحا "هذا الأمر ضمن الظروف الراهنة غير متوقع ولكن قد يحدث في مرحلة معينة، فقد تقدم مجموعة من بعض القيادات بالجيش على التمرد وتعتقل غيرها من باقي القيادات العسكرية والسياسية المرتبطة بالنظام".
ورأى أن هذه الاحتمال "ممكن خاصة مع ازدياد حالة التوترات والضغوط الموجود في البلاد والتي أرهق فيها الجيش فضلا عن الوضع الاقتصادي المنهار والذي سيعطي مزيدا من الدفع لكل القوى للتحرك وإسقاط هذا النظام".
ورفض خدام تصريحات المسؤولين حول قوة ومتانة الاقتصاد السوري، معتبرا تصريحاتهم "نوعا من تضليل الشعب".
وأكد :"كلامهم غير صحيح... إذا كان كل شيء سليما فلماذا طبعوا عشرات المليارات من الليرات السورية في النمسا وألمانيا ووضعوها بالمصرف المركزي من أجل دفع الرواتب وتسيير شئون الحكومة ولماذا يخصمون الآن من راتب كل موظف ما يقرب من خمسمئة ليرة شهريا تحت شعار دعم الليرة السورية".
وأضاف: "هم يحاولون أن يضللوا الناس ولكن هؤلاء يعرفون سوء الوضع لأنهم يعيشون الأجواء التي يفرضها الوضع الاقتصادي السيء بالبلاد: يعرفون ارتفاع الأسعار والتضخم ، يعرفون أنه ما بات أحد يعمل الآن فالصناعة معطلة وكذلك الزراعة والسياحة. أتساءل عن أي وضع جيد يتحدثون وموارد الدولة انخفضت بشكل لا يكفي حتي تلبية 25% من متطلبات موزانة البلاد".
واعترف خدام بصحة الانتقادات التي توجهها قوى الشعب في الداخل للمعارضة الخارجية بسبب الاهتمام بعقد مؤتمرات تكلف أموالا طائلة دون أن تخرج بنتائج تدعم الحراك الثوري أو تسفر، علي كثرتها، عن توحد تلك المعارضة في كيان قوي يمثل سورية، موضحا: "مسألة المؤتمرات ظهر بها وجهان سلبيان الأول أنها تظهر أن هناك خلافات في أوساط المعارضة حول الوضع العام رغم أن الجميع متفق علي إسقاط النظام. وثانيا أنها تكلف أموالا طائلة، السوريون بحاجة لها فهي قد تدفع لإغاثة ومساعدة الذين نزحوا للبنان وتركيا والأردن".
وأضاف: "هذه المؤتمرات لم تناقش قضية هامة هي كيفية المواجهة مع النظام، فالمواجهة لا تكون بعقد مؤتمر أو إصدار بيان بل بتنظيم قوي وحشد القوى الشعبية وتعبئة الرأي العام العربي والعالمي، وهذا الأمر به تقصير من أوساط المعارضة بالخارج".
وأردف: "أما المعارضة بالداخل فلا لوم عليها، لأنهم أناس يقدمون كل ما يستطيعون من أجل الصمود ومن أجل تحقيق أهداف الثورة". (د ب أ)