الأمن الإسرائيلي يعلن استشهاد منفذ هجوم تل أبيب بعد ساعات من المطاردة

المدينة نيوز :- قال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية إن قواته نجحت بالتعاون مع الاستخبارات في محاصرة وتصفية منفذ هجوم تل أبيب في تبادل لإطلاق النار في يافا، في حين أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قوات الأمن الحرية الكاملة للتحرك بعد هجوم تل أبيب، بينما أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الهجوم.
أعلنت أجهزة الأمن الإسرائيلية صباح الجمعة أنها قتلت منفذ الهجوم -الذي أسفر عن مقتل إسرائيلييْن وإصابة 14 آخرين مساء الخميس في قلب تل أبيب- بعد ساعات عدة من البحث والمطاردة.
وكانت الإذاعة الإسرائيلية قد أعلنت عن مقتل إسرائيلييْن وإصابة 14 على الأقل في إطلاق نار استهدف محال تجارية في شارع ديزنكوف، أكثرِ شوارع تل أبيب حركة ونشاطا. وأكد مدير المستشفى أن أربعة من الجرحى إصاباتهم خطرة.
وعقب جلسة مشاورات عقدها رئيس الوزراء نفتالي بينيت مع رؤساء الأجهزة الأمنية قرر بينيت إغلاق حاجز الجلمة على مدخل مدينة جنين حتى إشعار آخر، وأمر بالتحرك ضد كل من قدم مساعدة لمنفذ عملية تل أبيب.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن بينيت أعطى قوات الأمن الحرية الكاملة للتحرك بعد هجوم تل أبيب.
وقال مكتب بينيت، في بيان إن رئيس الوزراء أوعز بفحص ضلوع البيئة القريبة المحيطة بمنفذ الهجوم في العملية، وبالعمل المناسب إزاء كل من ساعده أو كان يعلم عن نواياه العنيفة
وأضاف كما أوعز بإبقاء معبر الجلمة مغلقا حتى إشعار آخر بهدف تقييد إمكانية الحركة من مدينة جنين وإليها. ويستخدم معبر الجلمة لمرور الأفراد والبضائع بين إسرائيل وشمالي الضفة الغربية.
وقد عبّر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن إدانته لمقتل مدنيين إسرائيليين في إطلاق النار وسط مدينة تل أبيب. وأكد أن قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يؤدي إلا إلى مزيد من تدهور الأوضاع.
وحذّر عباس من استغلال هذا الحادث لتنفيذ اعتداءات وردّات فعل ضد الفلسطينيين من جانب المستوطنين وغيرهم. وقال إنّ القيادة تسعى إلى تحقيق الاستقرار، خصوصا خلال شهر رمضان والأعياد المسيحية واليهودية المقبلة.
وشدد على خطورة استمرار عمليات الاقتحام المتكررة للمسجد الأقصى والأعمال الاستفزازية لمجموعات المستوطنين المتطرفين في كل مكان.
وعلى الفور رحب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بإدانة الرئيس الفلسطيني للعملية وطالبه بتحويل أقواله إلى أفعال.
رعد حازم.."سايبر" جنين ومنفذ عملية ديزنغوف
عند التاسعة من مساء أمس الخميس وقف شاب عشريني أمام مقهى ومحال تجارية في شارع ديزنغوف في وسط تل أبيب متأملا المشهد أمامه قبل أن يفتح نيران سلاحه على المتواجدين هناك.
هكذا بدأ الشاب الفلسطيني رعد حازم ليلة الرعب في تل أبيب الإسرائيلية، ليترك خلفه قبل أن ينسحب اثنين من القتلى وأربعة عشرا جريحا جراح بعضهم خطيرة، ومدينة يدب الرعب فيها
بهدوء تام انسحب رعد حازم وجلس على كرسي قبل أن يختفي عن الانظار، لتبدا قوات الاحتلال الاسرائيلي البحث عن منفذ تلك العملية التي وقعت في أحد أكثر الشوارع حساسية واهيمة في غسرائيل.
ألف رجل أمن من شرطة وحدة هيئة الأركان العامة "سييرت متكال" ووحدة "اليمام" الخاصة .
وفيما كانت تل أبيب التي يطلق عليها سكانها المدينة التي لا تنام تغلق حاناتها ومطاعهما ومراقصها بعد العملية تنفيذا لتعليمات الأمن وتحسبا لظهور المسلح الشبح مرة أخرى. كان رعد حازم يتخطى كافة الاجراءات الأمنية متجها لمدينة يافا.
ثمان ساعات استغرقت علمية البحث عن المسلح الشبح بحثت خلالها قوات الاحتلال في أزقة تل أبيب، وحتى لحظة استشهاده في مدينة يافا قرابة السادسة من فجر اليوم الجمعة الأولى من شهر رمضان سجَّل منفذ عملية ديزنغوف أنه مجهول، لا أحد يعرف حتى اللحظة كيف خرج رعد (29 عاما) من منزله بمخيم جنين شمال الضفة الغربية حتى وصل لشارع ديزنغوف، الذي سمي على اسم مؤسس تل أبيب (مائير ديزنغوف)، الموسوم تاريخيا بأشهر العمليات الفدائية والتي قتل فيها ما لا يقل عن 40 إسرائيليا.
هناك وبين أزقة المخيم وبيوته المتزاحمة ولد الشهيد "السايبر" –كما يلقبه أهله المخيم- رعد حازم عام 1993 لأسرة عرفت بتاريخها النضالي، فوالده أحد قادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 حيث اصيب اثناء مشاركته بها واعتقل بعد ذلك، وشغل مع مجيء السلطة منصبا عسكرية برتبة عقيد في الأمن الوطني وكان نائب قائد منطقة قبل أن يتقاعد مبكرا.
أما عمه أمين زيدان فقد كان مطاردا ومعتقلا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وابنه عمه نضال أمين السعدي أحد المقاومين بمخيم جنين ومطلوب لسلطات الاحتلال، أما أخواله فهم عثمان السعدي (الملقب بأبو العواصف) فقد كان أحد قادة الثورة الفلسطينية في جنوب لبنان واستشهد هناك.
كما كان خاله الثاني محمد السعدي أحد قادة "الفهد الأسود" أحد الأجنحة المسلحة لحركة فتح استشهد عام 1992 بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في مدينة جنين، وزوج خالته هو القائد بحركة الجهاد الإسلامي الشيخ بسام السعدي الذي أمضى حياته متنقلا بين سجون الاحتلال.
ولد الشهيد رعد لأسرة مكونه من 5 ذكور وثلاث إناث وعرف "بأخلاقه الحميدة وحنيته على أهله وذكائه الخارق وصمته الذي لم يجد أحد له تفسيرا له"، حسبما يقول أهله وجيرانه.
اكتسب لقبه "السايبر" من عمله بمجال الالكترونيات والكهربائيات ومعرفته المميزة بالشبكة العنكبوتية ومعرفته لمعاملات العملات المشفره بشكل مميز.
ويؤكد ذووه وأصدقاؤه أنه لم ينتمى لأي تنظيم سياسي أو كان له توجه سياسي معين سواء قناعته بأنه لا بد من مقاومة المحتل. ويقول والده أنه لم يظهر عليه أنه كان يتحضر لعملية كالتي قام بها فقد تناول مع عائلته طعام الافطار وكان طبيعيا جدا في تصرفاته وسلوكه.
لم تعرف عائلة رعد وهي تتابع أخبار العملية في شارع ديزنغوف أن المنفذ هو ابنها رعد، وعند الساعة السادسة من صباح الجمعة اتصل ضابط المخابرات الإسرائيلي بوالده وأخبره بأن منفذ العملية هو نجله رعد وأنه قتل بعد اشتباك مسلح مع وحدة اليمام الخاصة الإسرائيلية قرب مسجد مدينة يافا وأن عليه هو بقية أبنائه تسليم أنفسهم.
وما هي إلا دقائق حتى انتشر الخبر وبدأ أهالي المخيم والمناطق المحيطة يتوافدون إلى منزل والد الشهيد الذي وقف صامدا أمام الجماهير المحتشده وخاطبها "لا نتهاون ولا نتخاذل بنصرة ديننا ونصرة وطننا، جاهدتم وقدمتم وصببتم دماءكم صبا حتى رويتم تراب هذا المخيم بالدماء وخضبتم أرضنا بالشهداء" مضيفا "سترون النصر في أيامكم المقبلة".
فقد نشأ الشهيد رعد محبا للآخرين متسامحا مع غيره، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العربية الأميركية في جنين جمال حويل والمقرب من والد الشهيد وعائلته، أنه وقبل أسبوع من العملية كان قد صفح عن شخص تشاجر معه وقدم صلحا أبيضا ولم يأخذ أدنى حق من حقوقه، وقال بالحرف الواحد: "هذا لله ولرسوله وكرامة للمقاومة بمخيم جنين، وإن مشكلتي الحقيقية مع من يحتل أرضي وليس مع ابن بلدي".
ويقول حويل معلقا إن المقاومة ومخيم جنين تحديدا "ماركة مسجلة" وأن الشهيد رعد كغيره من الفلسطينيين تأثر بما رآه من تصعيد الاحتلال واستهدافه للفلسطينيين بالقتل والاعتقال وانسداد أي افق سياسي أمامه
فشل السياسية الأمنية للاحتلال
يضيف حويل فإن العملية جاءت "بسياق طبيعي" يعبر عن غضب الشعب الفلسطيني وعنفوان شبابه، وأنه ما لم يكن حلا سياسيا واقتصاديا للوضع بالفترة القادمة فإن الوضع القادم مرشح لمزيد من الانفجار، وعلى الاحتلال أن لا يعول كثيرا عن غير الشعب الفلسطيني –في إشارة لقمة النقب- بتحقيق الأمن والسلام لدولة الاحتلال "فالمشكلة تبدأ وتنتهي بفلسطين".
وهنا يرى ياسر مناع الباحث بالشأن الإسرائيلي أن تعقيدات وتحديات العملية التي نفذها الشهيد رعد تكمن بثلاثة قضايا، أولها كيفية دخول الشاب لتنفيذ عمليته رغم كل إجراءات الاحتلال الأمنية عقب عملية الشهيد ضياء حمارشة قبل 12 يوما.
وثانيهما تحدي الشهيد للاحتلال الإسرائيلي ونخبه العسكرية بتنقله من مدينة تل ابيب إلى مدينة يافا الفلسطينية سيرا على الأقدام رغم كل التشديد الأمني والملاحقة.
والتحدي الثالث يكمن برفض الفلسطيني لكل محاولات "صهر الوعي" الاحتلالية وخلق حالة من الرعب عند الفلسطينيين لمنعهم من تنفيذ أية عملية مقاومة وذلك بقتله وبطريقة عنيفة ثلاثة مقاومين فلسطينيين قبل أيام قرب بلدة عرابة جنوب مدينة جنين "فجاءت العملية ومن نفس المدينة والمخيم لتثبت فشل الاحتلال على الصعد الثلاث وتكبح جماحه بكسر شوكة النضال الفلسطيني.
وتأتي عملية ديزنغوف بعد شهر من عمليات مشابهة نفذها فلسطينيون في مدن النقب والخضيره وتل أبيب داخل الخط الأخضر والتي قتل فيها 13 إسرائيليا.
المصدر : الجزيرة