الخيبة
المدينة نيوز :- لإول مرة أرى خيبة ذلك السجين، الذي سمحوا له بالزيارة مرة واحدة بالسنة، ولم يأتي أحداً إلى زيارته. خيبة كبيرة مُروّعة لا مراد بها ولا غاية، ما ذنب ذلك السجين الذي كان يصنع كل لحظة من الفكر مترتبة على أساس أمل كبير ومتيقن من حضور أحدهم لهذه الزيارة، لقد عمّرَ عليها أحلاماً سعيدة، و تصوّر فيها نظراتٍ أهتمامية كانت تعني له الكثير، بوجود فرصة واحدة خلال مدة سنة كاملة، صنع الكلمات البسيطة المترتبة في عقله لهذا اللقاء، حفر بقلبه ما يمكن أن يفعل، أو ما يشعر به من شعور، أو حتى ما يمكن أن تأتي هدايا بسيطة له في هذه الزيارة الحتمية، و التي كان يحلم بها في مخيلته، وفي تفكيره في هذه اللحظة، لدرجة انه أعتبرها يوم المجد الجميل في حياته البئيسة.
عندما تتعرض لرفض هائم يا أصدقاء، في نقطة تحول حولها، تلك الإستقطابات الفعلية، تدخل في صيغة غريبة المعدن، مدهشة الشكل، غريبة المنظر، متغيرة المحور، متشكلة الأفق، مُدمغة للألم في نفس اللحظة، تَهوم بين تلك الشهقة، وتلك البسمة المزيفة، تَحير بمكان شديد البياض بيعينيك، في ليلةٍ وضحاها؛ ينقلب رأساً على عقب، فيصبح أسوداً قاتماً؛ مثل سواد الليل المعتم، حينها تدرك كيفية الخروج تماماً، كم هي صعبة، مؤلمة، متعبة، وفي نفس الوقت، غير مفهومة إلى أي بقاعٍ تبوحُ بما فيها من ركام.
لقد كان شديد الإنغلاق على نفسه، وعلى قضيته السارية. يَفْضَلْ يسأل نفسه، لماذا يفعلون ذلك ؟ لماذا يتعاملون بهذه الصورة ؟ لماذا يُسيقون الأمر إلى هذا الحد ؟ ... لا يوجد جواب كافي يقنع بهِ نفسه، ولا خطاب متبادل يثبت أنهم على حق بفعلهم هذا، وكذلك أنت عندما تصل إلى هذه المرحلة تكون قد أستنفذت جميع ما بداخلك من تقديم، من عطاء، من أشياء ذات مكانة رفيعة، من كلمات ذات نطاق بهجوي، لكن بالمقابل لا ترى ما يأتيك، و لا ترى التبادل بحد ذاته متواصل، لذلك تستعمل موضع الإحتراق وتتصرف على أنه لا يوجد شيء، والذي يثبت ذلك؛ هي تلك البسمة المزيفة التي تبدو جميلة من الخارج...
بقلم : حمزة الوحيدي