في ذكرى النكبة: المظلمة الفلسطينية تشهد اتساعا في مداياتها وتنوعا بأنماطها
المدينة نيوز :--امجد الشوا- قالت منظمة حقوقية فلسطينية إن يوم النكبة الفلسطيني الذي يُصادف في الخامس عشر من كل عام، يأتي وما تزال المظلمة الفلسطينية تشهد اتساعاً في مداياتها وتنوعاً في أنماطها، فلم تعد تقتصر جريمة التهجير القسري التي حدثت في العام 1948م على نطاق محدود من فلسطين التاريخية، وإنما امتدت إلى معظم الجغرافيا الفلسطينية، الأمر الذي أسبغ عليها طابع الجريمة المستمرة.
واوضحت المنظمة ان ما يحدث في فلسطين يشكل طعنة في خاصرة العدالة الدولية، وتبديداً للجهود التي باشرها المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، في حفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز احترام حقوق الإنسان، وتحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، من خلال صوغ وتطوير أحكام القانون الدولي الإنساني، التي تُحرم بشكل لا لبس فيه جريمة تهجير السكان الأصليين من مناطق سكنهم، وأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها، الأمر الذي تنتهكه دولة الاحتلال وبشكل منظم.
واشار مركز الميزان لحقوق الانسان في بيان صحفي، اليوم الاحد، الى البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سيطر خلال النكبة عام 1948، على 774 قرية ومدينة فلسطينية، ودمر 531 منها بالكامل، وتم اخضاع ما تبقى الى دولة الاحتلال وقوانينها.
وقال انه نجم عن النكبة تشريد ما يزيد عن 800 ألف فلسطيني، من أصل 1.4 مليون فلسطيني، كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948، مبينا انه ومنذ ذلك التاريخ تضاعف أعداد الفلسطينيين وأصبح عددهم في نهاية عام 2020 نحو 13.7 مليون نسمة، ما يشير إلى تضاعفهم حول العالم أكثر من 9 مرات، يقيم في فلسطين التاريخية أكثر من نصفهم (6.8 مليون نسمة)، منهم (1.6 مليون في المناطق المحتلة عام 1948). وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فإن عدد اللاجئين المسجلين في كانون ثاني 2020 بلغ حوالي 6.3 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش 28.4 بالمئة منهم في 58 مخيماً رسمياً تابع للأونروا في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
واكد المركز استمرار سلطات الاحتلال في استكمال فصول النكبة، من خلال مواصلة الاستيلاء على أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة مستوطنات عليها، وتوسيع القائم منها وإقامة مناطق حدودية مقيدة الوصول برية وبحرية شمال وشرق وغرب قطاع غزة، من خلال استخدام القوة العسكرية، الأمر الذي تسبب في ترك السكان لأراضيهم ومناطق سكناهم، خشية على حياتهم، إضافة إلى استهداف أحياء مدينة القدس العربية، ولاسيما حي شيخ جراح، التي سعت من خلالها دولة الاحتلال إلى تهجير السكان من منازلهم وافراغها منهم والغاء الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للمدينة.
واضاف انه تأكيداُ لاستمرار فصول جريمة التهجير القسري، رفضت المحكمة الإسرائيلية بتاريخ الرابع من ايار الماضي، التماساً من أهالي قرى منطقة مسافر يطا الواقعة جنوب الخليل في الضفة الغربية، للاعتراض على قرار صادر عن سلطات الاحتلال في عام 1981، يقضي بإغلاق المنطقة بشكل كلي، وتهجير سكانها البالغ عددهم نحو 4 الاف فلسطيني، وتحويلها إلى منطقة عسكرية، ما يكرّس دور القضاء الإسرائيلي في منح غطاء قانوني للانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والمنظمة، بالرغم من أن جريمة التهجير القسري تُعد من بين الجرائم المحظورة بموجب أحكام القانون الدولي.
ولفت إلى جدار الفصل العنصري الذي أقامته دولة الاحتلال عام 2002 على طول حدود الضفة الغربية مع دولة الاحتلال، واستولت على أراضي السكان وهجَرتهم، وهو ما اعتبرته محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر بتاريخ 9 /7 /2004 غير قانوني، بالنظر إلى كونه يمَّس بمختلف الحقوق المكفولة بموجب الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت دولة الاحتلال عليها كالحق في حرية الحركة، وعدم التدخل في الخصوصية المكفولين بدلالة المادتين (12، 17) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحق في العمل والحق في مستوى معيشي لائق، والحق في الصحة والتعليم، والسكن المكفولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقال مركز الميزان، انه يرى في جملة الإجراءات الإسرائيلية التي رافقت النكبة ولازالت، محاولة خطيرة لتقويض وتبديد الحقوق الجماعية للفلسطينيين، وخاصة السياسية والقانونية منها، حيث يُمثل إجبار الفلسطينيين بالقوة على ترك منازلهم وممتلكاتهم انتهاكاً صريحاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، وميثاق روما المُنشئ للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998م، وإلى غير ذلك من أحكام القانون الدولي.
كما يُشكل التهجير حرماناً للشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، وانتهاكاً للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وخاصة القرار رقم 3236، الذي أكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير والاستقلال والسيادة، وتُشكل الأثار التي نجمت عن عمليات التهجير، انتهاكاً للحق في حماية الممتلكات الخاصة، والحق في الحياة، والحق في حرية الحركة والتنقل والحق في الحرية الشخصية، وإلى غير ذلك من الحقوق التي تجاوزتها سلطات الاحتلال في معرض قيامها بتهجير الفلسطينيين، والمكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ودعا المركز المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف، واتخاذ التدابير كافة التي من شأنها تطبيق القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الفلسطينيين، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وتفعيل مبدأي المساءلة والمحاسبة، وإنصاف وجبر أضرار الضحايا، ممن تضرروا من جريمة التهجير القسري وغيرها من الجرائم، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي امتثالاً لأحكام القانون الدولي.
--(بترا)