"مدينة تحت الاحتلال".. صحفيتان أوكرانيتان توثقان "الجرائم" في خيرسون

المدينة نيوز :- كشفت صحفيتان أوكرانيتان، عن تفاصيل الحياة اليومية تحت الاحتلال الروسي، والفظائع التي ارتكبها الجنود الروس ضد المدنيين، في منطقة خيرسون جنوب أوكرانيا، وفقاً لتقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وتحدثت الصحفيتان عن قصة هروبهما من آلة الحرب الروسية، بعد قضاء 48 يومًا تحت الاحتلال الروسي، لكنهما رفضتا نشر أسميهما خوفاً على حياة ذويهم الذين مازالوا يعيشون تحت وطأة الاحتلال الروسي.
وبأسماء مستعارة هي أوكسانا بوريسوفا، وأليسا بولياكوفا، قالتا إن "الجنود الروس كانوا يطاردونهما حول المدينة لأسابيع"، بعدما دمروا سبل عيشهما وعذبوا وسجنوا أصدقائهما.
رحلة الهروب
ووثقت الصحفيتان، انتهاكات جسمية ضد أحد أصدقائهما ويدعى، أوليه باتورين، الذي قالتا عنه إنه تعرض لتعذيب مستمر لمدة ثمانية أيام، وتم تهديد بالتشويه والقتل من قبل الجنود الروس.
وقبل أيام قليلة من هروبهما، أصيب أحد معارفهما برصاصة في رأسه وقتل أثناء محاولته الهرب، ولم تسمح القوات الروسية لأسرته بدفنه، وفقا لتقرير "الغارديان".
ونجحت الصحفيتان في الهروب من خيرسون عبر عدة مدن أوكرانية، منها أوديسا، التي تعرضت للقصف الروسي أثناء تواجدهما هناك.
وبمساعدة متطوعين، سافرتا مجانًا بالحافلة إلى ألمانيا عبر مولدوفا، وخلال الأسبوع الماضي استطاعتا الوصول إلى بريطانيا.
ورغم سعادتهما بالوصول إلى بريطانيا، لكنهما يعانيان بسبب الأخبار المستمرة حول تطورات الأحداث في أوكرانيا، وعن ذلك قالتا: "هذه الأخبار تجعلنا قلقتين، نحن نبكي كل يوم."
خيرسون تحت الاحتلال
قبل الحرب، كانت حياتهما مزدهرة ومفعمة بالحياة، لكن بعد غزو روسيا لأوكرانيا، كانت خيرسون أول مدينة تسقط في يد الروس في 2 مارس، ومنذ ذلك الحين تم استبدال سلطات المدينة بإدارة موالية لروسيا.
وخلال الأسبوع الماضي، ذكرت وكالة إعلام روسية إن الإدارة التي عينتها روسيا للمنطقة ستطلب من موسكو إقامة قاعدة عسكرية على أراضيها، حسب "رويترز".
ووقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأربعاء، مرسوما يسهل إجراءات الحصول على جواز سفر روسي لأهالي منطقتي زابوريجيا وخيرسون بجنوب أوكرانيا، وفقا لـ"فرانس برس".
وقال المسؤول المعين من قبل موسكو في خيرسون، كيريل ستريموسوف، أن "هذا النظام المبسط سيسمح للجميع بأن يفهموا بوضوح أن روسيا ليست هنا لفترة طويلة ولكن للأبد".
من جهتها قالت كييف، الأربعاء، إن خطة موسكو لتسهيل حصول الأوكرانيين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية في أوكرانيا على الجنسية الروسية تنتهك القانون الدولي، واتهمت الكرملين بممارسة سلوك "إجرامي".
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان إن "الإصدار غير القانوني لجوازات السفر ... انتهاك صارخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وكذلك لقواعد ومبادئ القانون الإنساني الدولي"، وفقا لـ"فرانس برس".
وبعد وصول الروس، "تم عزل المدينة عن بقية البلاد على الفور"، وتم الاستيلاء على المركز التلفزيوني، ولم يكن لدى الغالبية العظمى من السكان الوقت للمغادرة، وفقا للصحيفة البريطانية.
وعن العيش "تحت الاحتلال"، قالت بوريسوفا: "توقفنا عن التحدث إلى أي شخص، وتوقفنا عن تصديق الناس"، بعد اكتشاف وجود موالين لروسيا بين أبناء المدينة.
واستشهد بولياكوفا بما حدث مع مدير المدينة السابق، الذي قالت عنه "كان وطنيا مقنعا بشعاراته وخطبه الأوكرانية المثالية، ولكن اتضح أنه متعاون مع روسيا".
وبعد سيطرة روسيا على خيرسون، امتلأت شوارع المدينة بـ"متفجرات مخفية في شكل ألعاب"، وكان الجنود الروس يراقبون المدنيين ويقومون بدوريات دائمة.
واختبأ الناس في منازلهم لتجنب إطلاق النار عليهم، لأن بعض الجنود الروس كانوا يقودون سياراتهم وهم في حالة سكر، ويطلقون النار من أسلحتهم بشكل عشوائي، لذلك كان التجول في المساء أمرا خطيرا للغاية"، حسبما قالت بوريسوفا.
واستطردت قائلة: "لأسابيع، كنا نحتج على وجودهم في المدينة، ولم يكن هناك رد روسي على تلك الاحتجاجات، ما شجعنا للاستمرار"، مضيفة "لكن يبدو أن ذلك كان تكتيك روسي".
وأوضحت أن الروس كانوا يسعون لتصوير سكان المدينة على أنهم "نازيون عدوانيون" ينتفضون ضد "الروس المسالمين".
لكن في 21 مارس، فوجئ المتظاهرون باعتداء من القوات الروسية بـ"القنابل اليدوية"، حسب بوريسوفا.
وفي اليوم التالي، استخدمت الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية، في قمع الاحتجاجات، ما تسبب في تضاءل أعداد المسيرات المعارضة للاحتلال الروسي، وسرعان ما توقفت الاحتجاجات تماما.
وعن ذلك قالت بوريسوفا، "للمرة الأولى رأينا الكثير من الدماء على الأرض وفهمنا أنها نهاية المسيرات السلمية".
أوضاع إنسانية حرجة
وأصبحت بعد ذلك الحياة في خيرسون صعبة للغاية، وسرقت القوات الروسية الحبوب داخل المدينة، وكان يتم دفع رواتب الناس في شكل طعام بدلاً من المال، وفقا لـ" بوريسوفا".
و أعلنت سلطات خيرسون، الاثنين الماضي، اعتماد الروبل عملة رسمية إلى جانب الهريفينيا الأوكرانية، حسب "فرانس برس".
فيما قالت بولياكوفا: "بالنسبة للأشخاص الذين بقوا في خيرسون، فقد بدأوا في زراعة حدائق وبساتين بالقرب من منازلهم لتزويد أنفسهم ببعض الطعام."
وفي ذلك الوقت كان الهروب من المدينة، بمثابة محاولة انتحار، وعن ذلك قالت بوريسوفا: "كنا محظوظين لأننا هربنا في غضون يوم واحد".
وتعمل بوريسوفا حاليا على ترجمة روايات شهود عيان لنساء وفتيات أوكرانيات قُتلن واغتصبهن على يد الجنود الروس، وعن ذلك قالت " أثناء الترجمة، كنت أبكي فقط، كل هذا أمر لا يطاق ".
وفي تصريحات الجمعة، قال حاكم خيرسون، هينادي لاجوتا، إن القوات الروسية تحصن دفاعاتها في المنطقة وتقصف المناطق التي تسيطر عليها أوكرانيا بشكل يومي.
وأضاف أن الوضع الإنساني حرج في بعض المناطق وأن الناس يواجهون صعوبة بالغة في مغادرة الأراضي المحتلة باستثناء قافلة مؤلفة من 200 سيارة غادرت، الأربعاء الماضي.
الحرة