تحصين المال العام
تم نشره الإثنين 12 أيلول / سبتمبر 2011 01:50 صباحاً
جمانة غنيمات
قبل أن يفوت الأوان وتقر التعديلات الدستورية بشكلها النهائي، لا بد من التأكيد أن التعديلات بمضمونها الحالي لم تضع حدا لإمكانية التغول على المال العام وهدره وإنفاقه بدون ضوابط للحد من استمراء البعض استخدام المال العام بطرق غير مدروسة.
نوايا التجاوز على الدستور مبيتة وتفضحها عبارة تكررت كثيرا وهي "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك"، حيث تُمكِّن من وضع استثناءات بخلاف ما نص عليه الدستور.
وفي العرف الدستوري والقانوني، فإن الدستور أعلى من القانون، فكيف يمكن لمن صاغ هذه التعديلات أن يجعل القانون أعلى درجة من الأول، وكأنه بذلك يفتح الباب لمخالفة الدستور مستقبلا من خلال الاستثناء، فالأصل في الأشياء أن القوانين تأتي للتفصيل والإسهاب وليس وضع الاستثناءات التي تتيح مخالفة الدستور.
والخروج من هذا المأزق الدستوري يتطلب حذف جملة "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" من جميع مواد الدستور، ما يتطلب إعادة النظر بكثير من التعديلات الدستورية قبل إقرارها بشكلها النهائي من قبل مجلس الأمة.
والتعديلات المقترحة والمتعلقة بإدارة المال العام أبقت، للأسف، الباب مفتوحا للبنود ولا تضمن تحصين المال العام، إذ سمحت بالنفقات المستعجلة والتي لا يمكن لمجلس الوزراء وضع قوانين مؤقتة بخصوصها لمواجهة الطوارئ في المادة 94.
وتكمن خطورة مثل هذه المادة في امكانية اللجوء إليها كلما ضاق الحال بالحكومة، وتراجعت إيراداتها أو زادت نفقاتها لسبب أو لآخر لتجاوز قانون الموازنة.
سلبيات هذه المادة تكمن في أنها تبقي على السياسة المالية المطبقة و"المنفلتة من عقالها" والتي أدت خلال السنوات الماضية إلى تضخيم حجم الموازنة وارتفاع عجزها ودينها في ذات الوقت، نتيجة قرارات غير مدروسة بزيادة الإنفاق الحكومي، حيث قفز حجم الموازنة من 3 مليارات دينار قبل سنوات لتقارب 7 مليارات دينار خلال العام الحالي.
هذه المواد وغيرها جرى حولها حوار خلال الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية حول التعديلات الدستورية للخروج بورقة تتضمن عرضا لآراء ممثلي بعض الأحزاب والحراك الإصلاحي والإعلام حيال التعديلات.
المادة 33 أيضا يتوجب التوقف عندها مطولا كونها تتعلق بعقد معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الأخرى، التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أنقص في حقوق سيادتها أو تحميل شيء من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين، إذ يبدو أن الفرصة متاحة لاستغلال هذه المادة في استخدام غير مثالي لأراضي الدولة وحقوق الخزينة، خصوصا وأن هذه المادة تتناقض مع أحكام المادة الأولى من الدستور والتي تنص على أن المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه.
والتعديلات الموجودة اليوم بأيدي النواب تفتح الباب للإنفاق ولا تكفي لتحقيق هدف صون المال العام وحمايته من الفساد والهدر، خصوصا وأن المادة 114 تتيح وضع أنظمة من أجل تخصيص وإنفاق الأموال العامة.
ناهيك عن أن المادة 115 تبقي على الخلل القائم حاليا والذي يوجب توريد أي إيراد مهما زادت قيمته أو قلت إلى خزينة الدولة، حيث تنص المادة على أن جميع ما يقبض من ضرائب وغيرها من واردات يجب أن يحول إلى الخزينة ويدخل ضمن موازنة الدولة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
بث رسائل تبعث على الثقة بامكانية ضمان الإصلاح المالي بحاجة لإزالة جميع الاستثناءات التي تتيح الخروج على المبدأ العام الذي يوجب الحفاظ على المال العام ومقدرات الوطن.(الغد)
نوايا التجاوز على الدستور مبيتة وتفضحها عبارة تكررت كثيرا وهي "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك"، حيث تُمكِّن من وضع استثناءات بخلاف ما نص عليه الدستور.
وفي العرف الدستوري والقانوني، فإن الدستور أعلى من القانون، فكيف يمكن لمن صاغ هذه التعديلات أن يجعل القانون أعلى درجة من الأول، وكأنه بذلك يفتح الباب لمخالفة الدستور مستقبلا من خلال الاستثناء، فالأصل في الأشياء أن القوانين تأتي للتفصيل والإسهاب وليس وضع الاستثناءات التي تتيح مخالفة الدستور.
والخروج من هذا المأزق الدستوري يتطلب حذف جملة "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" من جميع مواد الدستور، ما يتطلب إعادة النظر بكثير من التعديلات الدستورية قبل إقرارها بشكلها النهائي من قبل مجلس الأمة.
والتعديلات المقترحة والمتعلقة بإدارة المال العام أبقت، للأسف، الباب مفتوحا للبنود ولا تضمن تحصين المال العام، إذ سمحت بالنفقات المستعجلة والتي لا يمكن لمجلس الوزراء وضع قوانين مؤقتة بخصوصها لمواجهة الطوارئ في المادة 94.
وتكمن خطورة مثل هذه المادة في امكانية اللجوء إليها كلما ضاق الحال بالحكومة، وتراجعت إيراداتها أو زادت نفقاتها لسبب أو لآخر لتجاوز قانون الموازنة.
سلبيات هذه المادة تكمن في أنها تبقي على السياسة المالية المطبقة و"المنفلتة من عقالها" والتي أدت خلال السنوات الماضية إلى تضخيم حجم الموازنة وارتفاع عجزها ودينها في ذات الوقت، نتيجة قرارات غير مدروسة بزيادة الإنفاق الحكومي، حيث قفز حجم الموازنة من 3 مليارات دينار قبل سنوات لتقارب 7 مليارات دينار خلال العام الحالي.
هذه المواد وغيرها جرى حولها حوار خلال الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية حول التعديلات الدستورية للخروج بورقة تتضمن عرضا لآراء ممثلي بعض الأحزاب والحراك الإصلاحي والإعلام حيال التعديلات.
المادة 33 أيضا يتوجب التوقف عندها مطولا كونها تتعلق بعقد معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الأخرى، التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أنقص في حقوق سيادتها أو تحميل شيء من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين، إذ يبدو أن الفرصة متاحة لاستغلال هذه المادة في استخدام غير مثالي لأراضي الدولة وحقوق الخزينة، خصوصا وأن هذه المادة تتناقض مع أحكام المادة الأولى من الدستور والتي تنص على أن المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه.
والتعديلات الموجودة اليوم بأيدي النواب تفتح الباب للإنفاق ولا تكفي لتحقيق هدف صون المال العام وحمايته من الفساد والهدر، خصوصا وأن المادة 114 تتيح وضع أنظمة من أجل تخصيص وإنفاق الأموال العامة.
ناهيك عن أن المادة 115 تبقي على الخلل القائم حاليا والذي يوجب توريد أي إيراد مهما زادت قيمته أو قلت إلى خزينة الدولة، حيث تنص المادة على أن جميع ما يقبض من ضرائب وغيرها من واردات يجب أن يحول إلى الخزينة ويدخل ضمن موازنة الدولة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
بث رسائل تبعث على الثقة بامكانية ضمان الإصلاح المالي بحاجة لإزالة جميع الاستثناءات التي تتيح الخروج على المبدأ العام الذي يوجب الحفاظ على المال العام ومقدرات الوطن.(الغد)