مواطن وصل حد الاغتراب

تم نشره الخميس 26 كانون الثّاني / يناير 2012 01:16 صباحاً
مواطن وصل حد الاغتراب
جمانة غنيمات

- يدرك الأردنيون أن حقوقهم التي ضاعت معلقة في رقاب رؤساء الحكومات السابقين، وكل من تدخّل في إدارة شأنهم العام وأضرّ بمصالحهم.

ولا تخفى على الصغير قبل الكبير حالة الوعي التي بلغها المجتمع ما بعد الثورات العربية التي هبت على المنطقة، وباتت القناعات الشخصية تؤمن أن جرائم الفساد الذي عشعش في البلاد تمت أمام ناظر حكوماتهم السابقة، بل برعايتها.

والناس على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية والعلمية، وتفاوت درجات وعيهم السياسي، توصلوا إلى نتيجة واحدة، وهي أنهم تعرضوا لخداع طويل المدى من قبل من أدار شأنهم العام في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ولا ينتظر المجتمع من مجلس النواب الحالي أن يكون هو من يطلق رصاصة الموت على رؤساء حكومات شهدوا على الفساد؛ فالنواب في عيون المجتمع ليسوا أفضل حالا من غيرهم، خصوصا أن فتحهم جبهة ضد الحكومات لخوض معارك وهمية بات معروف الأسباب، ويتمثل في كسب بعض الوقت.

المسرحيات التي يؤديها بعض نواب المجلس لكسب شعبية لن تنطلي على أحد؛ إذ لم يعد بوسعهم استرجاع الثقة بهم بعد سنوات من الجفاء الذي وسع الفجوة بين المجتمع والسلطات بتراكيبها المختلفة.

معركة استرجاع الثقة التي يخوضها نواب خاسرة، لأن تحقيق هذا الهدف لا يحتاج إلى خطابات رنانة وتصريحات مجانية، بل يتطلب إصلاحا سياسيا فعليا، يلغي الحواجز القائمة، ويؤسس لحياة سياسية حقيقية تقوم على مشاركة فاعلة من مختلف قطاعات المجتمع، وتسهم بها مكونات المجتمع لتعكس حالة الصحوة والتنوير التي أطلت على المنطقة مع سبق إصرار وترصد.

فالوعي السياسي الذي تشكل ونما لدى المجتمع، لم يكن نتاج حراك نيابي، ولم توقده المعارضة التقليدية أيضا، بل أفرزته معاناة شديدة تعايش معها الناس لسنوات، وساهمت الحكومات والمجالس النيابية ومراكز إدارة الشأن العام مجتمعة في تعميقها، ما أدى إلى استثارة واستفزاز الشارع ليخرج مطالبا بالإصلاح لإنهاء تلك المعاناة.

المرحلة الراهنة غير ملائمة لجولة جديدة من "الضحك على الناس" الذين شبعوا خطبا وبيانات، وباتوا اليوم بانتظار مبادرات عملية تخرجهم من مزاجهم السيئ وتخفف من وطأة حالهم الاقتصادية الصعبة.

المواطن وصل حد الاغتراب في وطنه، وصار ينظر بعين الريبة إلى كل ما حوله، فيما آخرون يتنصلون من المسؤولية، وما يزالون يبحثون عن مكاسب صغيرة، لتتسع المسافة بين الدولة والمجتمع.

"نهايته" كما يقال بالعامية: الأدوات السابقة لم تعد مقبولة من قبل المجتمع الذي بات يتطلع لنهج مختلف في إدارة الشأن العام الذي يؤثر في تفاصيل حياته، وخصوصا في إدارة الحياة السياسية التي تتطلب تحولا جذريا إلى درجة تشعر الفرد أنه جزء من صناعة القرار وليس مجرد تابع ومتلق لأجندات الغير.

كل الأدوات المستعملة حاليا لا تستجيب لهذا الطموح ولا تشبعه. وأمام مجلس النواب الحالي فرصة لتسجيل اسمه ضمن قائمة المجالس التي يذكرها الناس بالخير، شريطة تغيير أسلوب عمله. وعلى النواب أن يخوضوا معركة إلى جانب قوى الإصلاح وليس ضدها لتسريع وتيرة مسيرة الإصلاح، بحيث ننتقل بالبلد إلى مرحلة جديدة تكرس بناء الدولة الديمقراطية المدنية التي تسعى إلى تحقيق طموحات المجتمع الكبيرة.
(الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات