حوار لم يمنع الاقتتال

تم نشره الثلاثاء 09 حزيران / يونيو 2009 02:59 صباحاً
 حوار لم يمنع الاقتتال
سميح المعايطة

المدينة نيوز- لعل الأحداث الاخيرة في مدن الضفة الغربية والمواجهات بين مقاتلي حماس وشرطة سلطة رام الله فتحت الباب واسعا لقناعة ربما توارت  مرحليا كانت تقول إن الانقسام الفلسطيني اصبح حقيقة سياسية وجغرافية, وأن كل طرف من طرفي السلطة رضي بما هو فيه, وأن مسألة الحوار نوع من الايجابية الإعلامية, لأن كل طرف على قناعة انه وصل الى حالة من التناقض مع الآخر الفلسطيني لا تمكنه من التعايش مع نقيضه سياسيا وأن يكونا معا وحدة فلسطينية محكومة بشروط اللعبة الديمقراطية.


والقضية ليست فقط في أحداث قلقيلية؛ فالمتابع لفضائية حماس يقرأ
على الشريط الإخباري ويسمع في نشرات الاخبار ما هو من وجهة نظر حماس قمع واعتقالات واختطاف وتعذيب ومطاردة يقوم بها من تسميهم حماس "عصابات عباس". وذات الأمر تجده على فضائية سلطة رام الله التي تنشر ما ترى انه اعتقالات وتعذيب واختطاف يقوم بها من تسميهم رام الله "مليشيات حماس"، وآخر ما افرزته الأحداث الاخيرة وصف شرطة رام الله لكتائب القسام أنها خارجة على القانون, وقبل هذا اعتبرت حماس تنظيم فتح في غزة غير شرعي.
العبرة ليست في رصد الآراء الإعلامية لكلا الطرفين بل في ان
الحالة وصلت الى مرحلة متقدمة من التناقض والعداء أصبحت معها 
جلسات الحوار شكلية, وربما لدى كل طرف قناعة بأن عليه ان لا يظهر  سببا لفشل الحوار, لكن فشل الحوار سببه ان مسار العلاقات السلبي في تصاعد وأن ما يتم بناؤه من عداء على الارض ودم ومعتقلين اقوى من جلوس بعض القيادات على طاولات الحوار في مكاتب المخابرات المصرية.


الفكرة لم تعد في ان نجلس نحن العرب لننحاز في تصنيف المتسبب في كل حدث او أزمة, لأن تعدد الأزمات ودخول الانقسام مراحل مختلفة جعل هناك سجلا واسعا من الاحداث, لكن السؤال الجوهري "هل يمكن ان  يتم منع تجذير الوضع الفلسطيني الحالي؟ وهل يمكن ان لا نصل الى  مرحلة يصبح معها الانقسام هو الحقيقة الفلسطينية الكبرى وان نزيد  من اعباء الشعب الفلسطيني في ان يتحول الى جزأين وتحت سلطتين مع وجود الحقيقة الكبرى وهي ان كلا السلطتين تحت الاحتلال وإجرامه وحصاره؟

إذا أصبح الانقسام هو الحل للتشاحن والمواجهات فإن هذا يعني اولا 
ان فكرة الدولة الفلسطينية الحقيقية سواء كانت عبر تفاوض او 
مقاومة قد اصبحت وهما, وأن مشروع الحل السياسي عبر التسوية معطل وكذلك مشروع المقاومة, لأن كل جزء من السلطة سيعمل على تعطيل المسار الذي يتبناه الجزء الآخر, فلا مقاومة تتم ولا تفاوض يصل  الى حلول وكل هذا يخدم العدو الصهيوني.

 أكبر الخسائر أن يكون دخول القضية الفلسطينية القرن الحادي والعشرين يحمل لها الحدث الأبرز وهو تشرذم سلطتين وهميتين, فلا
غزة يمكنها ان تأكل لأن الاحتلال يمارس الحصار ولا الضفة دولة 
لأنها ايضا تحت الاحتلال, وحين تتهم حماس سلطة عباس بالخيانة 
والعمالة لإسرائيل او تتهم السلطة حماس بأنها خارجة على القانون
وتنفذ اجندة خارجية فإن المحصلة ان كل طرف يخرج الآخر من الحظيرة الوطنية, فأي حوار او عمل مشترك بين طرفين يرى كل واحد في الآخر  عميلا او خائنا او تابعا للخارج؟

سنبقى ننظر الى هذا الانقسام من منظور خطره على القضية الفلسطينية لأن أي زاوية اخرى ستحمل مقايس وأحكاما قد تزيد الصراع ولا ترفضه.

وما دام العدو الصهيوني طرفا في أي معادلة  فلسطينية داخلية او فلسطينية مع أي طرف عربي فإن الحسابات يجب ان  تختلف لأن الخسارة ليست مكسبا لأحد الا للمحتل حتى لو كان هناك مكاسب وهمية اعتقد البعض انه حصل عليها, فكل لحظة اضافية من  الانقسام انتصار صهيوني جديد وكل شخص يموت في صراع الاخوة يعني
فقدان مشروع شهيد ضد الاحتلال.


                 
sameeh.almaitah@alghad.jo



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات