قصة أردني قضى 18 عاماً في السجن الانفرادي بأمريكا
المدينة نيوز - نشرت صحيفة "القدس العربي" معلومات عن السجين الأردني في الولايات الامريكية إياد محمود نجم، حيث قال بأن المعلومات هي من رسالة بعث بها "اياد" لوالديه في العاصمة عمان ، وكشف من خلالها الانتهاكات الفظيعة التي مارستها أكبر دولة في العالم تحمي حقوق الانسان داخل سجنه الانفرادي في ولاية فلورانس كولورادو.
وتم اعتقال نجم بتهمة “الارهاب” بقرصنة أمريكية من الأردن بدون أمر قضائي أردني بتسليمه, وتورط الحكومة الاردنية أنذاك عام 1995 بهذا التسليم غير القانوني والذي أدى إلى الحكم بسجنه 240 عاما، قضى منها 18 عاما في سجن انفرادي، رافق ذلك التعذيب النفسي وسوء المعاملة.
ووجود نجم بسجن انفرادي طيلة الاعوام 19 الماضية يخالف بحد ذاته الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان.
وكشف نجم في مظلمته الخطية التي وصلت (القدس العربي) تعرضه لظروف اعتقال خاصة وفق قانون (SAM) المتسق مع المادة 28 من القانون الفدرالي والذي يتيح وضعه في ظروف خاصة، منها منعه من الوصول إلى أي وسيلة اتصال من بريد وإعلام وهاتف وزيارات.
وكتب نجم موجزا في رسالته المكونة من 11 صفحة مكتوبة بخط يده، للمعاناة التي عاشها في سجون أمريكا منذ ثمانية عشر عاما وإلى الآن، وكيف أن السلطات الأمريكية أساءت معاملته كسجين ومازالوا… استخدموا فنون التعذيب النفسي والتي يسمونها قيود وتشديدات للتضييق عليه.
وقال “يكفي أن تعرفوا أني منذ 18 عاما وأنا أعيش في زنزانة مثل القبر وفنون التعذيب النفسي قد طالت جميع الجوانب الانسانية. وقد قالها لي أحد مدراء السجون قبل بضع سنوات قالها لي سراحة أن هذه المعاملة والتشديدات التي نعاملكم بها لا يستحملها أي سجين أمريكي”.
وبهذا الكلام يعترف أن هذه المعاملة والتشديدات هي فوق طاقة البشر لذلك لا يستعملونها على أي سجين أمريكي لأنها فقط للعرب المسلمين.
وتنشر (القدس العربي) رسالة نجم التي جاءت بها والدته وهي تبكي فراق ابنها طيلة الاعوام الماضية:
الان أبدأ من البداية حيث من أول يوم أدخلوني في سجن نيويورك ووضعوني في زنزانة صغيرة وبقيت في هذا السجن ثلاث سنوات إلى أن انتهت فترة المحاكمة، فترة المحاكمة استغرقت أربعة شهور وبقية الثلاث سنوات مغلق عليّ في نزنزانة مثل القبر، السجن عبارة عن مبنى مغلق تماماً لا يدخله الهواء النقي أو الشمس وللحصول على بعض الهواء النقي يخرجوا السجناء كل يوم ساعة في ساحة خارجية ، ولكن بالنسبة لي فقد منعوني هذه الساعه المهمة فبقيت ثلاث سنوات مغلق عليّ لا شمس ولا هواء نقي أعيش في صندوق من حديد وهي النزنزانة.
حراس السجن هناك يتفنون في مضايقة السجين منهم من يطرق على باب الزنزانة برجله كلما رآني نائماً لكي استيقظ فزعاً ومنهم من يضيء النور في وجهي كل نصف ساعة وأنا نائم لكي يوقظوني والحكايات من هذا النوع كثيرة لا أريد في الدخول إلى تفاصيلها الآن.
كنت أظن أن المحاكم هنا فيها شي من النزاهة والاستقامة واذا بها محاكم مزورة مثل المسرحية المزيفة تبدو المحاكم في ظاهرها للناس أنها محاكم عادلة ولكن باطنها التزوير واللعب بالأدلة واحضار شهود زور للتلفيق.
بعد انتهاء المحاكمة نقلوني إلى هذا السجن الذي أعيش فيه الان منذ 15 سنة اسمه ADX)) وضعوني في زنزانة وأول شيء فعلوه مو منعي من استخدام اللغة العربية قراءة وكتابة ثم منعي من الاتصال بعائلتي عن طريق الهاتف ، فقط مسموح لي الكتابة لهم بالانجليزية والرسالة يجب أن تتأخر ويقوموا بحجزها أربعة اشهر الى سنة وبقيت على هذا الحال ست سنوات أو سبع أكابد الأيام ممنوع من التحدث مع أي أحد من أفراد عائلتي معزول عن العالم الخارجي بشكل تام لا رسائل ولا هاتف ولا كتب للقراءة ولا اتصال بأي أحد .
أما بالنسبة للحصول على هواء نقي وأشعة شمس فكان مسموح لي مرتين في الأسبوع في كل مرة ساعة ويضعوني في قفص صغير وللحصول على أشعة الشمس كان أمراً شبه مستحيل لأن حول القفص جدران عالية وكونهم يخرجوني في الصباح الباكر فلا مجال لأشعة الشمس أن تدخل القفص .
وفي هذه الظروف غير الطبيعية وغير الصحية التي طالت سنوات أصابني مرض تقلص عظام وجهي وإنحراف في أسناني وسبّب هذا إلتهابات في فمي ولساني استمرت سنوات أعاني فيها الآلام والإلتهابات من غير عناية طبية حقيقية فحالتي كانت تتطلب نقلي الى مستشفى وتحسين أوضاعي المعيشية ولكي يتفادوا هذا كانوا يزورون التقارير الطبية عن حقيقة حالتي ويتجاهلون شكواي ويقللون من شأنها .
وقد لعب مدير السجن وطبيب السجب لعبة مرتبة عليّ لكي يبقوني من غير العلاج المناسب ، صحتي في تلك الفترة تدهورت وأصبح شكلي مثل الذين عاشوا تحت المعتقلات النازية ، فلا يحتاج أحد أن يشخص حالتي ليعرف أن عندي مشكلة بل مجرد النظر اليّ يظهر أن لدي مشكلة صحية كبيرة وكنت وقتها في زنزانة لوحدي ليس عندي من أتكلم معه وغير مسموح لي الاتصال بأحد فلا هم يعطوني العلاج المناسب ولا انا مسموح لي أن أحضر طبيباً على نفقتي الخاصة، عانيت سنوات على هذه الحالة وبدأ شعر رأسي يتساقط من الهموم والغموم والآلام فحسبي الله عليه اشكيهم الى الله.
وهذا الموضوع كبير له تفاصيل كثيرة ومعاناه شديدة قد كتبتها لكم باختصار هنا .
طبيب السجن قالها لي صراحة( حتى لو تموت فلن أهتم) فهذه نوعية الأطباء الذين يحضرونهم الى السجون لكي يكملوا برنامج التعذيب النفسي بكل مجالاته .
وبعد حادثة نيويوك الشهيرة التي حصلت في عام 2001 ، كنت نائماً في ذلك اليوم فجاء حراس السجن وأخذوني ووضعوني في اسوأ قسم داخل السجن ، وهو قسم (المعاقبين) . وهذا القسم ينقسم الى فرعين فرع للمجانين وفرع للذين لم يصبهم جنون بعد ، فوضعوني في الفرع الثاني وهي اربع زنازين منعزلة تماماً دخلت الزنزانة وكأني أدخل مغارة فهي مهيئة لتشعرك بأنك تدخل مغارة وسيغلق بابها عليك ، لا ترى شيئاً ولا تسمع شيئاً ولا ترى سماءاً ، وفوق هذه العزلة التامة يوجد ضوء شديد في وسط المغارة لا يطفؤوها أبداً ليلاً نهاراً .
وبعد ستة أشهر مريرة عشتها في المغارة نقلوني الى قسم آخر فظننت أنهم اكتفوا وسيخفف عني خاصة وانا ما زلت أعاني من المرض .
وضعوني في قسم (H) قد جهزوه خصيصاً ليكون مثل المقبرة المعزولة عن كل شيء ووضعوا معي في هذه الزنزانة اربعة مساجين مسلمين وأضافوا الى كل هذه التشديدات بمنعنا من الكلام مع أي أحد حتى ولو بصوت غير مسموع ومنعوا عنا جميع وسائل الإتصال بالإضافة الى الجرائد والكتب او الإتصال بالعائلة او مراسلة أي أحد ، فيما لا يتوقف الحراس عن كتب التقارير والمخالفات ضدنا يومياً .
الطعام لم يعد له طعم والماء غير مستساغ ولم أعد أحس بجوع أو عطش وذلك بعد تفاقم الحالة النفسية التي أعيشها فبدأت أول إضراب عن الطعام في سنة 2002 رغم حالتي الصحية السيئة الى أني لم أعد أقوى على الأكل في تلك الظروف غير الإنسانية .
طبيب السجن نفسه الفاسد الحقود أراد ان يكسر عزيمتي فكنت اسمعه من خلف باب الزنزانة يقول: اتركوه فسوف ينكسر ويبدأ ياكل .
ونزل وزني الى حد خطير تحت مئة باوند يعني أقل من 45 كيلوغرام حيث بدأ بعدها أسلوب الإطعام الإجباري ، وهو إدخال أنبوب عن طريق الأنف على المعده ثم تفريغ محلول سائل في الأنبوب ليصل الى المعدة ، وذلك بعد ربطي على كرسي . كل هذا بالطبع كان يسبب الجروح والإلتهابات في الأنف والحلق بسبب استخدام هذا الطبيب الإطعام الإجباري كوسيلة للتعذيب، والقصص كثيرة عن هذا الطبيب الفاسد ولا مجال الآن للتفصيل.
استمريت بالإضراب عن الطعام حتى أصبح هناك تغييرات قليلة في كل سنة كمن يقطر بالقطارة وفي بداية عام 2004 سمحوا لي بالإتصال عبر الهاتف بعائلتي مكالمة واحدة في الشهر وتحدثت معهم ولم يتوقعوا بعد كل هذه السنوات الطويلة أن يسمعوا صوتي حتى انهم تسائلوا من أكون فإياد قد مات.
وفي عام 2008 جاء مدير جديد للسجن كان أول مدير أراه ذو شخصية ايجابية وثقة بالنفس لإتخاذ قرارات ايجابية جدية وفعالة، وهو أمر مستغرب ربما بسبب لكثرة الإضرابات عن الطعام.
ونظر المدير الجديد في أوضاعي وأوضاع السجناء الذين من حولي في ذلك المكان المغلق فوجدها أوضاعاً مزرية للغاية، ليضع برنامجاً بطيئاً للعد التنازلي لنحظى بامتيازات أعلى من التي قبلها ومع أنه بدأ متأخراً في عام 2010.