منظمة جند الله : الاستخبارات الامريكية وراء اعتقال زعيمنا وتسليمه لايران
المدينة نيوز- الرصد الصحفي - في إحراج دبلوماسي وسياسي وأمني بالغ لإيران، نفت باكستان أمس الاربعاء علانية «الرواية الإيرانية الرسمية» حول الطريقة التي تم بها اعتقال زعيم تنظيم جند الله عبد الملك ريغي. وقال مسؤول حكومي باكستاني بارز إن إسلام آباد «اضطلعت بدور محوري في عملية إلقاء القبض على ريغي»، مشددا على أن القصة الإيرانية بعيدة كل البعد عن الحقيقة».
فيما كشف السفير الباكستاني في طهران محمد عباسي أن باكستان ساعدت إيران على اعتقال عبد الملك ريغي «على متن طائرة ركاب مدنية كانت آتية من دبي»، موضحا: «سأقول لكم إن هذا العمل لم يكن ممكنا لولا تعاون باكستان». وأضاف: «أنا سعيد لأنه قد اعتُقل، وستكتشفون معلومات أخرى في اليومين أو الثلاثة المقبلة». وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في قصة خاصة أن الرواية الإيرانية الرسمية حول ملابسات الاعتقال «عمل استعراضي»، وأوضحت مصادر إيرانية مطّلعة أن ريغي اعتُقل «قبل أيام» وسلمته استخبارات دولة مجاورة (باكستان) لإيران في إطار التعاون الأمني بين الطرفين. فيما قال مصدر عربي انه لا دليل على توقيف أو تفتيش أى طائرة في المنطقة أو فوق مياه الخليج، مما عزز الشكوك في رواية إيران.
وفيما حافظت إيران على روايتها بشأن ملابسات اعتقال ريغي، قال مسؤولون بتنظيم جند الله أن عملية الاعتقال التي وصفوها بـ«الحادثة المريرة والمؤلمة التي جلب الألم لقلوب ملايين البشر في إيران وبلوشستان» هي نتاج تعاون مع الغرب، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية الأميركية والاستخبارات الأفغانية والباكستانية.
فيما قالت مصادر عربية وغربية في العاصمة الإيرانية : إن مبالغة طهران في الاحتفال بعملية اعتقال ريغي وملابساتها «تستهدف في الأساس التغطية على المشكلات الداخلية مؤقتا في الداخل». وقال بيان صادر عن حركة المقاومة الشعبية (جند الله) إنه تم «اعتقال ريغي وتسليمه إلى نظام ولاية الفقيه»، مشيرا إلى أنه «وفقا للقسم المعلوماتي في الحركة فقد وصلت معلومات من الغرب إلى إيران باستخدام الأقمار الصناعية وطائرات التجسس».
وتابع البيان: «لقد تبين أن أميركا والغرب أوثق علاقة مع النظام الإيراني وأن تعاون نظام طهران مع أجهزة الاستخبارات في الدول الغربية لا يمكن إنكاره»، كما أعلن التنظيم اعتزامه قريبا طرح ما لديه من أدلة عن تقديم أميركا وإنجلترا معلومات للنظام الإيراني. وشن البيان هجوما عنيفا على طهران، لكنه في المقابل سعى إلى طمأنة مناصري الحركة وأضاف: «نقول لأهل السنة المؤمنين في إيران والشعب البلوشي الصبر وينبغي نعلم جميعا أن هذا قضاء الله وقدره. ونحن مستمرون في القتال والجهاد. وفي ما بدا أنه محاولة لتخفيف صدمة اعتقال زعيم لتنظيم قال البيان: «المأساة الكبيرة ستزيد تصميمنا على النضال عن طريق الجهاد أكثر حزما لتكريم الضحايا وتحقيق الحرية والكرامة للأمة البلوشية وجميع أهل السنة».
وتعهد تنظيم جند الله بالانتقام لاعتقال زعيمه، وقال إن «النظام الإيراني نسي أن هناك المئات من المدربين الشباب، وسيشهد العالم كيف سيجيب أبناء بلوشستان وما ينتظر النظام الإيراني من الهجمات التي لن تتوقعها أبدا. نعرف تماما إن كل بلوشستان هي عبد المالك ريغي وليس فقط شخص واحد، بل هو نظرية التفكير والأفكار التي أوجدها النظام ولن تنتهي عند شخص بعينه وإنما مستمرة باستمرار الأسباب».
من جهته أكد السفير الباكستاني في طهران محمد عباسي أن باكستان ساعدت إيران على اعتقال ريغي «على متن طائرة ركاب مدنية كانت آتية من دبي» دون أن يوضح هوية الطائرة أو الشركة التابعة لها.
وقال السفير الباكستاني في مؤتمر صحافي في طهران: «سأقول لكم إن هذا العمل لم يكن ممكنا لولا تعاون باكستان». وأضاف: «أنا سعيد لأنه قد اعتقل، وستكتشفون معلومات أخرى في اليومين أو الثلاثة المقبلة». وأكد عباسي أن «باكستان كانت تسعى أيضا إلى اعتقال ريغي»، مؤكدا أن الحديث عن أن زعيم جند الله وحركته كانا يستفيدان من دعم باكستاني قد «صدمه»، مشيرا إلى أن إسلام آباد «سلمت طهران في السابق أعضاء آخرين» في هذه الحركة السنية التي أعلنت مسؤوليتها عن عدد كبير من الاعتداءات الدامية في جنوب شرق إيران القريب من الحدود الباكستانية، ولا سيما شقيق عبد الملك ريغي. وخلص عباسي إلى القول: «لا يستطيع أحد أن يقول إن باكستان تقوم بتحركات ضد إيران.. باكستان تحارب الإرهاب الذي لا هوية له ولا حدود».
من ناحيته كشف مسؤول حكومي باكستاني بارز أن باكستان اضطلعت بدور محوري في عملية إلقاء القبض على ريغي وذلك بناء على معلومات نقلتها الاستخبارات الباكستانية إلى نظيرتها الإيرانية. وأضاف المسؤول الباكستاني أن الإيرانيين عكفوا على اختلاق قصص حول كيفية إلقائهم القبض على ريغي والمكان الذي ألقي القبض عليه فيه.
وقال المسؤول الحكومي رفيع المستوى: «لا أود الخوض في تفاصيل كيفية إلقاء القبض على ريغي ومكان إلقاء القبض، لكن المؤكد أن القصة الإيرانية بعيدة كل البعد عن الحقيقة».
ورفضت وزارة الخارجية الباكستانية التعليق على القصة والتضارب بشأنها. وقال مسؤول بالوزارة: «لا يمكننا التعليق على هذا الخبر». يُذكر أن المتحدث الرسمي باسم الوزارة، عبد الباسط، خارج البلاد في زيارة إلى نيودلهي على صلة بمحادثات جارية بين باكستان والهند.
ومن المعروف أن الاستخبارات الباكستانية والإيرانية تبادلتا بانتظام معلومات استخباراتية في ما يخص نشاطات «جند الله». وفي إطار هذا التعاون، ألقت الاستخبارات الباكستانية القبض على عبد الحميد ريغي، شقيق عبد الملك ريغي، عام 2008 وتولت تسليمه إلى الحكومة الإيرانية. وخلال الشهور الثلاثة الماضية عرضت باكستان على الحكومة الإيرانية تنفيذ دوريات مكثفة على الحدود لكبح جماح نشاطات «جند الله». وأصرت باكستان على أن عبد الملك ريغي لم يكن في باكستان وأن «جند الله» تعمل بالمنطقة الواقعة بين أفغانستان وباكستان وإيران.
وتتناقض تصريحات المسؤولين الباكستانيين مع تأكيدات مسؤولين إيرانيين أن اعتقال ريغي قد تم بتخطيط وتنفيذ إيراني منفرد. وقال منصور هاشمي المساعد السياسي لمكتب قائد الثورة الإسلامية بمدينة زاهدان الإيرانية إن قوات الأمن اعتقلت ريغي دون مساعدة أي جهة، مشيرا إلى أنه كان يتلقى أوامر مباشرة من واشنطن وجهات أخرى لتنفيذ ما سماه «العمليات الإرهابية في إيران».
وكان مقرر لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني قد أعلن أن أجهزة الأمن الإيرانية باشرت بنفسها اعتقال ريغي ولم تتعاون - على حد قوله - مع أي أجهزة مخابراتية في هذا المجال.
وقال کاظم جلالي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» أمس الاول إن إيران اعتقلت ريغي حين كان متوجها إلى منطقة أخرى بعد أن خرج من القاعدة الأميركية، وزعم أن لدى إيران مصادر أخرى ستکشف عنها في الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن «اعترافات وأسرار ريغي ستُطرح للعالم».
وأوضح أن اعتقال ريغي «يعد رسالة واضحة على أن بلاده لن تتساهل مطلقا في ما يتعلق بورقتها الأمنية ومع کل من يريد أن يلحق أي أذى بالمواطنين الإيرانيين ويخل بأمنهم».
وأشار جلالي إلى أن القبض على ريغي سيساعد على تفكيك جماعته، لكنه في المقابل نفى إمكانية أن يؤدى اعتقال ريغي إلى القضاء على حركته «ما دامت القوى الكبرى تمتلك المال والإمكانيات وتوفر الدعم لمثل هؤلاء الأشخاص».
وأعلن علي رضا أوايي المدير العام لعدلية طهران أنه سيطالب بإحالة ملف ريغي إلى محاكم طهران بسبب عمق ومحتوى الملف، لافتا إلى أنه أمر لا يُستبعد حدوثه.
وقال أوايي لوكالة «فارس» في إشارة إلى اعتقال عبد المالك ريغي زعيم الإرهابيين في شرق البلاد وإمكانية محاكمته في محاكم طهران، وفقا للوائح فإن «مكان ارتكاب الجرم يتم من خلاله البحث وإجراء التحقيق في القضية لكن إذا تم في نفس الوقت الإعداد لإحالة الملف إلى طهران، فعند ذلك يمكن إجراء المحاكمة في طهران، لكن من السابق لأوانه البت في هذا الموضوع الآن لذا ينبغي التريث قليلا حتى تتضح الأمور».
ويأتي ذلك بينما ذكرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية أن إيران سوف تجرى محاكمة علنية لريغي. وقال المدعي العام في سيستان بالوشيستان، محمد مرزيه، لوكالة أنباء «فارس» إن ريغي سوف يحاكم في محاكمة علنية في العاصمة الإقليمية زاهدان ولكنه لم يعط موعدا محددا. (الشرق الأوسط)