الملك يرعى حفل إطلاق وثيقة الأردن 2025
المدينة نيوز:- رعى جلالة الملك عبدالله الثاني، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، اليوم الاثنين، حفل إطلاق وثيقة الأردن 2025، والتي تحدد الإطار العام المتكامل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وبما يضمن إتاحة الفرص للجميع، والقائمة على قاعدة تعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
وتتضمن الوثيقة، التي جرى إطلاقها في المركز الثقافي الملكي، برامج تنفيذية تنموية تغطي ثلاث فترات من 2016 إلى 2025، وبما يحقق الأهداف الوطنية في مختلف القطاعات، وضمن مؤشرات قياس أداء، ومتابعة وتعديل بحسب تغير الأولويات.
وتسلم جلالته من رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وثيقة الأردن 2025، والتي جاءت استجابة للرسالة الملكية للحكومة، في آذار من العام الماضي، بوضع تصور مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشرة القادمة.
وأكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، في كلمة ألقاها خلال الحفل، أن الحكومة، التي تشرفت بالتكليف الملكي السامي لوضع هذه الرؤية حرصت منذ اللحظة الأولى على أن يكون هذا العمل ثمرة جهد وطني، من خلال، إتباع التشاركية كمنهج عمل، لافتا إلى أنه تم البناء على الإنجازات التي تحققت والسياسات والاستراتيجيات القطاعية والوطنية المختلفة، بما في ذلك الأجندة الوطنية.
وشدد رئيس الوزراء على أن هذه الوثيقة جاءت لإضاءة طريق المستقبل، وتحديد الإطار العام الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على تعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق الاستدامة المالية والاعتماد على الذات وتمكين المؤسسات.
وقال "من المغامرة أن توضع رؤية واقعية تمتد عشرة أعوام لدولة شرق أوسطية، والمنطقة تمر بالحروب والأحداث والمفاجآت، ولكن من المغامرة أكثر أن لا نمتلك رؤية لمدى متوسط وطويل على الإطلاق، لذلك فإن من الحكمة أن نضع في الحساب أن المتغيرات في المنطقة عميقة ومتسارعة وأحياناَ مفاجئة".
وتابع "ولتدارك ذلك، تتسم الرؤية الاستراتيجية هذه بالمرونة، وقابلية التغيير والمراجعة، وهذا ما نحت إليه هذه الوثيقة، إذ تقرر أن تُراجع الرؤية دورياً، وأن تُعاد صياغتها ثلاث مرات على فترات من ثلاث سنوات أو أقل، وفق مقتضى التطورات".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه ليست خطة بالمعنى المعهود، فهي لا تحوي أسماء كل المشاريع في الدولة، أمكنتها وكلفها ومصادر تمويل كل منها والمدى الزمني لإنجازها، كما هو المعتاد في الخطط الثلاثية أو الخمسية، ولكنها تُركز على نُخبة مختارة من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والخدمية، لإلقاء الأضواء عليها، وتشخيص واقعها.
وقال إن الرؤية كذلك لا تبحث في فروع كل القطاعات، ولا في مواقع كل المشاريع، إذ أن ذلك متروك للخطط التنفيذية المصاحبة، خاصةً منهاج عمل الحكومات الذي يرسمه جلالة الملك كل أربع سنوات أو منهاج الموازنة العامة كل سنة شريطة أن يكون كل ذلك متوافقاً مع هذه الرؤية الاستراتيجية.
وأضاف "نرى في هذه الرؤية أنها تتوجه إلى مبادرات ذات أولوية، وليست حصرية، وبالتالي فهي لا تشمل كل أنشطة الدولة ومشاريعها"، مشيرا إلى "أن الرؤية تتوقف عند بعض المعايير التي نقيّم فيها أنفسنا، وما هو مستوانا، وأين نقف بالنسبة لدول العالم المتقدمة ذات العدد من السكان المماثل لنا".
وقال رئيس الوزراء "ولما كان التمويل هو المجهول الأكبر دائماً، فإن هذه الرؤية تفترض مشهدين، واحداً متحفظاً يفترض نمواً معتدلاً ولكن متواصلاً يصل في نهاية السنوات العشرة إلى نحو 8ر4 بالمائة بالأسعار الثابتة، والمشهد المتفائل، ولكن الواقعي، يصل إلى 5ر7 بالمائة بالأسعار الثابتة أيضاً في نهاية الفترة".
وبين أنه ولماّ كانت هذه الوثيقة تمثل رؤية وطنية بعيدة المدى وليست خطة تفصيلية لعمل الحكومة، فهي تتضمن أكثر من 400 سياسة أو إجراء يجب تنفيذها، من خلال، تضافر الجهود بين الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، وتستند إلى مبادئ أساسية تدعم نموذج التنمية للعقد المقبل وتضع معالم الطريق والأدوار المناطة بجميع الجهات المعنية وأصحاب المصالح في الاقتصاد، وفي مقدمتهم القطاع الخاص، الذي يجب أن يلعب دور الريادة مدعوماً بتوفير البيئة التمكينية اللازمة من قبل الحكومة.
وأوضح رئيس الوزراء أنه سيتم تبني الاجراءات والسياسات الواردة في الوثيقة وعلى مستوى القطاعات، وفقاً لبرنامج زمني مرن، يأخذ بالاعتبار المستجدات التي يمكن أن تطرأ على مستوى العالم والإقليم، وكيف يمكن التكيف معها، مضيفا أن هذه السياسات لا تمثل كل ما نحتاج إلى القيام به على مدى العقد المقبل.
وقال "مع تغير الظروف بما في ذلك ظهور المخاطر والفرص الجديدة، فإن الحكومة ستحدد مبادرات إضافية ينبغي اتخاذها في المستقبل، لكن السياسات التي تضمنتها الوثيقة تمثل اصلاحات هيكلية ومهمة وتحسينات برامجية لا يمكن اغفالها على مدى السنوات العشر القادمة".
وأكد رئيس الوزراء أنه ونظراً لأهمية متابعة التنفيذ وتسريع الإنجاز فقد تم العمل وبشكل متوازٍ مع إعداد وثيقة "الأردن 2025" على إنشاء وحدة متابعة الإنجاز الحكومي في رئاسة الوزراء، وسيتم متابعة تحقق نتائج البرامج التنفيذية على المستويات القصيرة ومتوسطة الأمد وقياس مدى تحقيق المؤشرات الأساسية والفرعية الكمية والنوعية وعلى جميع المستويات، ونشر الإنجازات بشكل دوري لتكون متاحةً لاطلاع أطياف المجتمع الأردني كافة، وبما يعزز الشفافية والمساءلة ويمكن من تقييم أوجه القصور، وبالتالي تعزيز المصداقية والثقة بين الحكومة والمواطن.
واعرب رئيس الوزراء عن شكره لجميع الجهات والاشخاص، الذين ساهموا في إنجاز هذا الجهد الوطني الذي جاء وكما أراده جلالة الملك جهداً أردنياً وطنياً.
وشاهد جلالته وجلالة الملكة، خلال الحفل الذي حضره كبار رجال الدولة والمسؤولون وممثلو مختلف القطاعات والفعاليات، فيلما تضمن ما يطمح إليه المواطنون من إنجازات تحقق لهم المستقبل الأفضل، وأهداف ومراحل صياغة وثيقة الأردن 2025، والسياسات والإجراءات التي تضمنتها.
وفي كلمة خلال الحفل، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد فاخوري، "عندما بدأنا الإعداد لوثيقة "الأردن 2025" كما وجهتنا الرسالة الملكية السامية، كان همّنا الأول والأسمى هو المواطن، حيث ان الهم الاقتصادي والمتمثل في تكاليف المعيشة ومعدلات الفقر والبطالة ما زال يعتلي سلم الأولويات لدى الأردنيين، وجاءت الوثيقة لتعالج هذه التحديات ولتنقل المواطن الأردني، وخلال السنوات العشر المقبلة، إلى مرحلة أكثر ازدهاراً ورفاهاً".
وعرض عددا من الإنجازات، التي حققها الأردن، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والتي ساهمت في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي إلى، وارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ثلاثة أضعاف، كما تضاعفت كل من معدلات التصدير والاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة، "الأمران اللذان يعدان من أهم محركات النمو لاقتصادنا الوطني".
ولفت فاخوري إلى أن الأردن أصبح ضمن أفضل الدول في المنظومة الصحية في المنطقة وعلى مستويات التنمية البشرية المختلفة، حيث وصلت معدلات العمر المتوقع عند الولادة للأردنيين إلى ما هي عليه في بعض الدول المتقدمة، إضافة إلى التقدم في العديد من المؤشرات الاجتماعية وكذلك إنجاز العديد من الأهداف الإنمائية الألفية.
وأشار إلى ما يعانيه الاقتصاد الأردني من انخفاض معدلات المشاركة الاقتصادية، خصوصاً في أوساط الشباب والمرأة، وذلك رغم النمو الاقتصادي المتحقق خلال العقود الماضية، إضافة إلى تراجع القدرة التنافسية، وهو ما يمثل خطراً حقيقياً على مستقبل الاقتصاد الوطني، وبالأخص في اقتصاد يسعى إلى رفع نسبة التصدير في السلع والخدمات.
وأكد فاخوري أن تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في الوصول لأردن مزدهر ومنيع يحتم الارتكاز إلى قاعدة قوية للنموذج التنموي الأردني، تستند الى عشرين أولوية تنموية منبثقة عن أربعة محاور، تتمثل في المواطنين المنتمين لوطنهم والمشاركين بازدهاره بفاعلية وفق الرؤى الملكية في الأوراق النقاشية، والمجتمع الذي يتمتع بالأمن والاستقرار، والقطاع الخاص الديناميكي والقادر على المنافسة عالمياً، إضافة إلى قطاع حكومي ذي كفاءة وفاعلية.
وقال إن العمل من أجل تطوير الوضع الاقتصادي لا بد من أن يرتكز على جملة من القطاعات المختلفة، وبسبب صغر السوق المحلية، فيجب على الأردن أن يصبح أحد البوابات الاقتصادية الإقليمية الرئيسة، من خلال، تطلعه إلى محيطه المباشر المتمثل في السوق الإقليمية كقاعدة أساسية، إضافة إلى تعميق استغلال اتفاقيات التجارة الحرة، التي يمتاز بها الأردن مع العديد من الدول للوصول إلى اقتصاد أكثر اعتماداً على التصدير.
وأضاف فاخوري أن نموذج النمو الجديد الذي تعتمده الوثيقة يركز على مفهوم العناقيد كأسلوب فعال للتنمية الاقتصادية، يعتمد على استغلال الميزات النسبية للأردن، كما أنه يقوم بربط العناقيد المختلفة للوصول إلى نمط اقتصادي متكامل وفعّال، كما يستهدف النموذج وصول الأردن إلى مستويات عالية من النمو الاقتصادي وانخفاض ملموس في معدلات البطالة، والتراجع في مستويات الدين العام لتصل إلى ما نسبته 47 بالمئة، بحلول العام 2025.
ولفت فاخوري، خلال الكلمة، إلى أن الوثيقة هي رؤية واستراتيجية وطنية اشتملت على جملة من المبادرات ذات الأولوية، من أهمها تعزيز قدرات الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص وتهيئة البيئة التشريعية المناسبة وتبسيطها، والإسراع في تطبيق الحكومة الإلكترونية، وتهيئة السبل الكفيلة للنهوض بالأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم خصوصاً الريادية منها، وتطوير المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال للمملكة بهدف تجسير الفجوة التنموية بين المحافظات، وإحداث نقلة نوعية في خدمات النقل العام، ورفع مستوى البنية التحتية في جميع القطاعات، ورفع كفاءة العاملين في القطاع العام، وإنشاء نظام تأمين صحي وطني شامل وموحد.
ولتنفيذ الوثيقة بالشكل السليم والمنشود، قال إنه سيتم ذلك من خلال البرامج التنموية التنفيذية الثلاثة المقبلة وصولاً للعام 2025، حيث بدأت الحكومة، اخيرا بإعداد البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام (2016-2018)، والذي يتضمن المرحلة الأولى لتنفيذ الوثيقة، ويتضمن سياسات وتشريعات واجراءات وبرامج ومشاريع واضحة ومحددة المعالم وفترة التنفيذ الزمني ومعايير الأداء، وسيتم وضع هذه البرامج بطريقة تشاركية مع جميع الفعاليات الاقتصادية وعلى رأسها القطاع الخاص.
وتابع فاخوري، في السياق، أنه سيتم إدراج مبادرات الشراكة كافة مع القطاع الخاص في هذه البرامج التنفيذية التنموية، وتدارك أي مجالات لم تتعرض لها وثيقة "الأردن 2025"، خصوصاً ذات الأولوية للقطاع الخاص، وبشكل متواز، بدء العمل على إعداد برامج تنمية المحافظات للأعوام (2016-2018) بنهج تشاركي وبإشراك مؤسسات القطاع الخاص على مستوى المحافظات، وبما يعزز نهج اللامركزية.
وأشار إلى أنه سيتم استخدام مخرجات هذه البرامج النابعة من الميدان كمدخلات أساسية في البرنامج التنموي التنفيذي، إضافة إلى تضمين مخرجات لجنة الموارد البشرية حال الانتهاء من إعدادها، إضافة إلى استكمال خرائط الاستثمار لجميع محافظات المملكة، والتي سيتم توظيفها لتعزيز القطاعات الرائدة والمنافسة.
ولفت إلى أن الوثيقة أوصت بإعادة هيكلة وتشكيل المجلس الوطني للتنافسية والابتكار، حيث سيتولى المجلس بالإضافة إلى أعماله الإشراف على تنفيذ التوصيات المتعلقة بالعناقيد الاقتصادية الواردة في الوثيقة بهدف تعزيز مساهمتها في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي وإيجاد المزيد من فرص العمل، خصوصاً للشباب الأردني والمرأة الأردنية.
وتابع، في هذا السياق، سيشرف المجلس على تنفيذ التوصيات الواردة في خارطة الطريق لتحسين مرتبة الأردن التنافسية، والتي عملت الحكومة، مؤخراً، على تطويرها وتحديثها بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية من القطاعين العام والخاص، ويأتي ذلك مدعوماً بمبادرة تم إطلاقها أمس بهدف تحسين بيئة الاعمال والاستثمار في الأردن وانعكاس ذلك ايجاباً على مرتبة الأردن في تقارير التنافسية الدولية المختلفة.
وتنقسم وثيقة الأردن 2025 إلى جزأين: الأول يضم عدداً من الفصول تشمل ملخصا للواقع الاقتصادي والاجتماعي بما فيها قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل والمشاركة الاقتصادية، فيما يستعرض الجزء الثاني المبادرات والإجراءات ضمن مختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها الحكومة (القطاع العام) والأعمال والمجتمع والمواطن.
وتهدف الوثيقة إلى تحسين الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، وصولا إلى مجتمع متواز تتاح فيه الفرص لجميع الشرائح وتجسير الهوة بين المحافظات، وتحقيق الاستقرار المالي القائم على الاستدامة المالية والاعتماد على الذات، وتعزيز الإنتاجية وتنافسية الاقتصاد الأردني واستهداف الفئات المستحقة للدعم مباشرة، الأمر الذي من شأنه تعزيز منعة الاقتصاد والحد من تأثير الصدمات الخارجية على أدائه. بترا