د.عبد السلام المجالي ..طبيب أخلص للسياسة !
المدينة نيوز – خاص – كتب محرر الشؤون المحلية - اذا كانت الاوراق الشخصية للدكتور عبد السلام المجالي تشير الى انه من مواليد عام 1925، فان الرجل يعترف انه لجأ لتقدير سن ليساعده ذلك بالتسجيل في الجامعة السورية التي رفضت قبوله لصغر سنه، لان ذاكرة الباشا تشير انه ولد في شباط 1926.
من الكتاتيب الى مدرسة الكرك وصولا ًالى ثانوية السلط، رحلة قطعها الدكتور المجالي مع شقيقه وبعض ابناء عمومته، قبل ان يلتحق بكلية الطب في دمشق، وفي هذه المرحلة شارك في الحراك السياسي الذي شهدته العاصمة السورية، من تظاهرات، وتطوع في الدرك لمواجهة العدوان الفرنسي وصولا ًللأنتماء لصفوف حزب البعث، حيث كان هذا الطالب الكركي من اوائل الاردنيين الذين انتموا للبعث.
مع اشتداد الهجمة الصهيونية على فلسطين عام 1948، كان عبد السلام المجالي قد انهى السنة السادسة من دراسته، وعندما فشل في التطوع في الجيش السوري وجيش الانقاذ، اقنعه السفير الاردني في بيروت فرحان شبيلات بالتطوع في صفوف الجيش العربي، ليكون اول طبيب اردني يحمل رتبة عسكرية منذ تموز عام 1948، وبالاضافة لذلك فإن هناك اوائل عديدة في الحياة السياسية والمهنية للدكتور المجالي :
ـ فهو اول طبيب اردني يتخصص في امراض الانف والاذن والحنجرة .
ـ وهو اول مدير للخدمات الطبية الملكية .
ـ وهو اول من عمل على شمول عائلات العسكريين بالتأمين الصحي .
ـ وهو اول من عمل على دخول المرأة ممرضة بالجيش .
ـ وهو اول من تسلم رئاسة الجامعة الاردنية لمرتين، بل هو الطبيب الوحيد الذي قاد الجامعة لاربعة عشر عاما، وادخل عليها نظام الساعات المعتمدة ً.
في عام 1969 تم تعيين اللواء الدكتور عبد السلام المجالي وزيرا ًللصحة في حكومة الرئيس عبد المنعم الرفاعي، ليتم اسناد هذا المنصب له في ثلاث حكومات لاحقة، هي : الحكومتان الخامسة والسادسة للرئيس بهجت التلهوني والحكومة الاخيرة للرئيس وصفي التل الذي اسند له ايضا ًحقيبة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء .
في عام 1971 اصبح الدكتور المجالي رئيسا ًللجامعة الاردنية، وهو الذي يعرف عنها كثيراً، منذ كان عضوا ًفي اللجنة التي وضعت مشروع تأسيسها في خريف 1962، وكذلك صار عضوا ًثم نائبا ًلرئيس مجلس امنائها، وفي فترة رئاسته الاولى للجامعة عمل استاذا ًفي كلية الطب، قبل ان يستدعيه الرئيس مضر بدران ويسند اليه عام 1976 حقيبة التربية والتعليم ووزيرالدولة لشؤون مجلس الوزراء، ليعود بعد استقالة الوزارة الى رئاسة الجامعة ويستمر في منصبه حتى عام 1989.
المسيرة السياسية اللاحقة للدكتور عبد السلام المجالي اثارت ضده كثيرا ًمن الخصوم السياسيين، فعند انعقاد مؤتمر مدريد نهاية تشرين الاول 1991 ترأس الدكتور المجالي الوفد الاردني الفلسطيني المشترك، واستمر يفاوض الاسرائيليين لفترة عام ونصف العام، وقبل ان يتم الاعلان عن التوصل لاتفاقية وادي عربة تم تكليفه بتشكيل الحكومة عام 1993 لتذهب حكومته للتوقيع على هذه المعاهدة التي اثارت ردود فعل غاضبة في الشارع الاردني، وما تزال القوى الحزبية والشعبية والنقابية تطالب بالغائها، وتعرضت حكومته الى اسئلة حادة في البرلمان الثاني عشر، الذي منحها الثقة بفارق صوت واحد .
في أي قراءة للتاريخ السياسي الاردني المعاصر، سيتم التوقف طويلا ًامام اسم الباشا عبد السلام المجالي وتوقيعه الشهير .
واذا كانت اتفاقية وادي عربة هي العاصفة التي واجهت حكومة الدكتور المجالي الاولى، فإن قضية تلوث المياه القادمة من بحيرة طبريا بموجب الاتفاقية ذاتها، هي التي شكلت تحديا ًلحكومته الثانية التي شكلها عام 1997، ، فيما تشير الاوراق الرسمية ان حكومته الاولى حلت البرلمان الحادي عشر وتبنت قانون الصوت الواحد، وان حكومته الثانية اقرت ضريبة المبيعات .
غادر الرئيس مكتبه في الدوار الرابع، لكنه لم يغادر الحكم، فقد تم تعيينه عينا ً، ليشغل في فترة لاحقة موقع النائب الاول لرئيس مجلس الاعيان، في وقت شغل فيه العديد من المواقع الاخرى من بينها رئاسة جمعية الشؤون الدولية، وعضو نقابة الاطباء وجمعية الجراحين الاردنيين، وزميل كلية الجراحين البريطانية، وعضو المجلس القومي للتخطيط، فيما حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة انقرة.
في العقود الاخيرة تخلى الدكتور المجالي عن لقب الباشا، الذي نادرا ما ًيرافق اسمه في وسائل الاعلام، مكتفيا ًبلقبه المهني، فيما تشير المعلومات ان الطبيب الذي امتهن السياسة، لم يكن " مخلصا ً " تماما ًلمهنته الاولى، رغم انه واحد من اوائل الاطباء الاردنيين.
مثل غيره من السياسيين، صار للدكتور المجالي صالونه السياسي، الذي انبثق مع عودة الحياة الديمقراطية للبلاد، وكان يعقد جلساته الحوارية يوم الاثنين، لينتقل بعد ان ازداد عدد رواده الى قاعة جمعية الشؤون الدولية .
واذا كانت حكومة الدكتور فايز الطراونة هي التي ادارت الفترة الانتقالية بين المملكتين الثالثة والرابعة، فان حكومة الدكتور المجالي الثانية هي اخر الحكومات في عهد الملك الراحل الحسين .