معاريف: إسرائيل تنتمي إلى التحالف السني في سوريا
المدينة نيوز - : كتب اللواء احتياط اليعيزر (تشايني) مروم قائد سلاح البحرية الأسبق :
تواصل الأحداث في سوريا إجراء تغييرات غير مرتقبة في المبنى الجغرافي السياسي في منطقتنا، وتلزم إسرائيل بالعمل وتنفيذ التكيفات اللازمة.
تخرج الأزمة في سوريا منذ زمن بعيد عن كونها أزمة سياسية أو إقليمية، وهي بلا شك أزمة عالمية تهدد السلام العالمي بأسره. فالتواجد الروسي المكثف في سوريا، والذي ازداد جدا في السنة الأخيرة وتضمن حتى القصف من الجو، التواجد البحري والآن أيضا صواريخ اس 300 ذات مدى يصل إلى مئات الكيلومترات، والتي تهدد عموم الطيران المدني والعسكري، مع التشديد على إسرائيل والولايات المتحدة، يجسد عمق التغيير والخطر على المنطقة بأسرها.
بعد أن انهارت محاولة تنسيق القتال في سوريا بين روسيا والولايات المتحدة، ألغت روسيا الاتفاق النووي في 2010، وهددت الولايات المتحدة بالهجوم على قوات الأسد. وإدخال منظومة صواريخ أس 300 هي قول روسي واضح للولايات المتحدة: حتى هنا.
لقد مر التواجد الروسي في سوريا على مدى السنين في صعود وهبوط. فالاتحاد السوفيتي احتفظ على مدى السنين برصيف سوفيتي في شمالي ميناء طرطوس وفيه قوة بحرية (كان الروس بحاجة إلى ميناء في المياه الساخنة في البحر المتوسط). وإضافة إلى ذلك احتفظ الروس بقواعد استخبارية في سوريا، وفرت للسوريين معلومات استخبارية في الزمن الحقيقي، وطائرات كانت تحوم كل يوم تقريبا فوق مياه البحر المتوسط وتتابع أعمال الأسطول السادس الأمريكي وسلاح البحرية الإسرائيلي.
حتى نهاية الثمانينيات كان في سوريا مئات المستشارين العسكريين الروس، ولكن انهيار الاتحاد السوفيتي أدى إلى تردي هائل في عدد المستشارين، والقوات التي احتفظ بها ورثة الروس في سوريا قلت جدا، لدرجة أنه كان يخيل أن المصلحة الروسية في المجال خبت.
إما تغيير السياسة الأمريكية، الذي انتهجه الرئيس أوباما، الأحداث الجغرافية السياسية المستمرة منذ أكثر من ست سنوات في الشرق الأوسط، الحرب في سوريا، صعود داعش، والاتفاق النووي مع إيران – كل هذه خلقت واقعا جديدا، قد تكون في نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعتبر فرصة. فالتلعثم الروسي في بداية الحرب في سوريا، بما في ذلك في أثناء أزمة السلاح الكيميائي، أصبح حديثا بصوت عال وواضح: “سوريا هي مرعية روسية، ونحن هنا كي ندعم الأسد ونثبت حكمه”.
إن إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات نحو طائرات سلاح الجو الذي هاجمت أهدافا في سوريا في بداية أيلول كان إشارة واضحة لإسرائيل بأن الوضع لم يعد كأمس وأول أمس. ومثلما انهار التنسيق الأمريكي – الروسي يبدو أن التنسيق الإسرائيلي – الروسي لم يعد كما كان. ويستدعي الوضع الجديد في سوريا بلا شك من الولايات المتحدة أن ترد وأن تكيف عملها، ويتعين على إسرائيل هي الأخرى أن تحسب خطواتها بحكمة.
على مدى كل القتال في العراق وفي سوريا نشأت تحالفات جديدة وقديمة. فعدو عدوي ليس بالضرورة صديقي. هذا واقع ألزم إسرائيل بالمناورة بحكمة بين مراكز القوة في المنطقة. فالعمل الروسي الأخير يخلق حاليا تحالفين واضحين: التحالف الروسي – الشيعي، والذي يضم روسيا، الأسد والعلويين، إيران وحزب الله؛ وبالمقابل، التحالف الغربي – السني، الذي يضم الولايات المتحدة والدول الغربية، الثوار، السعودية، الأردن، دول الخليج وأجزاء من العراق. مكان تركيا لا يزال غير واضح، وكذا أيضا مكان الأكراد.
لقد نجحت إسرائيل حتى الآن في أن تبقى خارج الحرب في سوريا واتخذت سياسة حكيمة سمحت لها بالحفاظ على المصلحة الإسرائيلية. ورغم التواجد الروسي، حافظ سلاح الجو على حرية العمل وهاجم (حسب مصادر أجنبية) قوافل وسائل قتالية مخصصة لحزب الله. أما السياقات الأخيرة التي وقعت في سوريا، بما فيها إطلاق مضادات الطائرات وإدخال منظومة اس 300 فستقيد عمل الجيش الإسرائيلي في الساحة الشمالية وستلزم إسرائيل بان تمتشق من صندوق الأدوات قدرات أخرى حين ترغب في أن تعمل مرة أخرى ضد أهداف في هذه الساحة.
التحالفات الجديدة التي تنشأ من شأنها أن تلزم إسرائيل، لأول مرة منذ اندلاع الأزمة باتخاذ موقف وتوضح بأنها تنتمي إلى التحالف الغربي السني. مثل هذه الخطوة ستحسن العلاقات مع الولايات المتحدة، ولكنها ستفاقم العلاقات مع روسيا. ولهذا الأمر ينبغي الاستعداد.