إيران وأزمة العراق
كما توقعنا في مقالنا السابق ، فقد تعطلت محاولات تشكيل الحكومة العراقية بعد أن احتل أنصار التيار الصدري البرلمان عقب ترشيح الإطار الشيعي لمحمد السوداني كرئيس للحكومة .
الصدريون منعوا عقد جلسة نيابية أريد لها أن ترشح رئيسا للجمهورية ليتسنى تسمية رئيس الوزراء الجديد بدون التشاور مع الصدر الذي حصد أغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة ، قبل أن يستقيل نوابه جميعهم بعد فشل التيار في تشكيل حكومة أغلبية .
وكما هو معروف ، فإن الأطار الشيعي الذي يضم المالكي ما غيره ، وتيار العامري المشرف على الحشد الشعبي الايراني مضافا اليهم آخرون منهم رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي المتحالف مع الحكيم ، هؤلاء لم يتراجعوا أمام " قرصة الأذن " كما أطلق عليها أحد مساعدي الصدر ، وأعلنوا بعد الإقتحام الأول أن اختيارهم لن يتغير وإنهم ماضون في ترشيحه ودعوا إلى عقد جلسة السبت مما دفع بالصدر إلى دفع أنصاره لاحتلال البرلمان مرة أخرى في اعتصام مفتوح هذه المرة .
ولأن نوري المالكي الذي يترأس دولة القانون فشل في أن يعود إلى الواجهة السياسية شخصيا كرئيس حكومة بعد التسريبات الشهيرة ومن قبلها الفضائح والمجازر التي ارتكبها في العراق ، فإنه والأطار توافقوا على السوداني المحسوب على حزب الدعوة في تحد للصدر لا يعتقد كثيرون أنه سيمر ، بل إن اي رئيس حكومة يؤتى به إلى البرلمان بدون توافق مع الصدريين سيجر العراق كله إلى حرب شوارع جماهيرية أولا ، بل وربما حرب مسلحة قد تحرق الأخضر واليابس ، وهذا التحدي الذي أبداه أنصار ايران في التأكيد على ترشيح السوداني ترجمه نوري المالكي في صور اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي والأعلام عموما حينما ظهر يحمل سلاحا رشاشا ويحيط به حراسه في بعض الشوارع ، وكذلك ظهر من داخل مكتبه واقفا وفي يده الرشاش كناية عن أنه مستعد لتنفيذ وعيده حينما هدد باقتحام النجف واخضاع الصدر بالقوة .
ولأن الأطار التنسيقي يعمل بأوامر ايران مباشرة ، فإنه تراجع عن حشد أنصاره في الشارع للرد على حشود الصدريين بعد أن طلب خروجهم بقوة ، ولكن تراجعه وعودته للطلب منهم عدم الخروج كشف التدخل الايراني في اللحظة الأخيرة ، إذ تبين بأن ايران طلبت عدم الزج بجماهيرها في الشوارع بحثا عن حل توافقي لا يبدو أن الصدر مستعد للإستماع إليه طالما أن اسم السوداني لا زال مطروحا لتشكيل الحكومة ، دون أن يعني هذا بأن الصدر بعيد عن الرغبات الايرانية ولكنها المساحة التي أعطيت له ليتحرك فيها ، وقد تدفع ايران باسم آخر يكون بعيدا عن نوري المالكي أو قد لا تفعل بالأساس لتظل اللاعب المؤثر بعد أن تمكنت من إخضاع جزء من الأكراد بملف الغاز وتأكيدهم بأنها ستساعدهم في أن يكون لهم خط غاز خاص بهم يدر عليهم المليارات .
ما يحدث في العراق يؤكد المؤكد ، وهو أن مصيبة هذا البلد كانت ايران ، ولا زالت أيران وستظل إيران .
جى بي سي نيوز