ايران وازمة العراق
حشود ضخمة أطلقها الإطار التنسيقي من جهة والتيار الصدري من جهة أخرى ، ما يعني انسدادا خطيرا يضع العراق على مفترق طرق .
الإطار التنسيقي الموالي لإيران والمدعوم من الحرس الثوري طلب من انصاره النزول للشارع والإعلان عن اعتصام مفتوح لينقل الأزمة إلى صفحة أخرى قد تتبعها صفحات أخطر ، بعد أن بدأ الإحتكام للشارع هو السبيل الوحيد لتعبير كل طرف عن قوته .
الصدر يرغب بـ " ثورة اصلاحية " وفق ما يقول ، ولما تعذر عليه ذلك دعا القضاء للتدخل وأمهله اسبوعا لحل البرلمان ، وتحديد موعد انتخابات برلمانية جديدة ، ما أغضب الإطار الذي عبر عن غضبه ومن ثم أعلن عن نزول أنصاره إلى الشارع لـ " حماية الدستور " وتشكيل الحكومة ..
ولمن لا يعرف سبب تقديس الإطار التنسيقي للدستور فإنه ليس مفاجئا القول بأن ذلك هو موقف ايران القطعي ، وإذا سأل سائل : ما علاقة ايران بذلك ، فإننا نذكر بأن المحاصصة الطائفية في الدستور العراقي كتبت بحبر وأصابع ايرانية بالتنسيق مع المحتل الأمريكي وبالتفاهم مع الأكراد آنذاك ، حيث إن مؤتمرات المعارضة العراقية إبان فترة حكم صدام حسين كانت تعقد في ايران وفي الخارج كما هو معروف ،وقد وضعت المحاصصة وتم تثبيتها في الدستور المقترح الذي نوقش في هذه الإجتماعات لتضمن ايران سيطرتها وتفردها بالنفوذ ، وما أن أقر الدستور رسميا في العام 2005 بما ترغبه ايران حتى بات نصا مقدسا ومن غير المسموح الاقتراب منه ، مع التذكير بأن المحاصصة جاءت نظير اقرار مواد تحافظ على حقوق الأكراد ، أما العرب السنة فإنهم لم يصوتوا على الدستور ولم يستشاروا بشأنه اصلا ، وسط مذابح ارتكبت ضدهم على الهوية سواء في بغداد أو مختلف المحافظات و المدن وشارك فيها كل هؤلاء بمن فيهم التيار الصدري نفسه الذي يطبل الآن لتغيير الدستور مع أنه كان من أشد مناصريه .
ما يجري في الشارع الآن " قتال " على المصالح والنفوذ والحظوة ، وإيران قد توافق على اي أمر باستثناء تعديل الدستور الذي هو بالنسبة لها خط أحمر ، ومن هنا تبدأ المعضلة وهنا تنتهي : فالعراق بات أمام اتجاهين : إما حل البرلمان وهو ما يرفضه الإطار ، وإما تطبيق الدستور وتشكيل الحكومة وهو ما يرفضه الصدريون ، ليصبح الصراع الآن شارعا مقابل شارع ، ولينتهي بمظاهرة مليونية دعا إليها الصدر في موعد يحدد تباعا .
لقد بتنا الآن أمام اعتصامين يفصل بينهما نهر دجلة وقوات الأمن ، وهذا يعني - كما قلنا أكثر من مرة - أن الإنزلاق إلى الصدام قد يكون واردا وقد يشعله أي احتكاك بين الطرفين إلى أن يتخذ الايرانيون موقفا عقب توقيعهم على الاتفاق النووي بعد أيام ، خاصة وأن الأميركيين باتوا جاهزين كما أعلنوا هم أنفسهم السبت .
لقد كان العراق ، ولا يزال ورقة ايرانية هي الاقوى بغض النظر عن اي لاعب آخر ..
إنها حقيقة " مُرة " للأسف ، والأيام القادمة ستكشف اين سيذهب هذا البلد المحتل ، والجائع ، والضائع والأكثر فسادا على وجه الأرض .
جى بي سي نيوز