هزائم روسيا والقومجيون العرب
بداية ، يجب أن نستهل مقالنا بتنويه لا بد منه فحواه أننا لسنا مع زيلنسكي الصهيوني المهرج ، ولكن لكل مقام مقال .
وما يحزنك ويثير استغرابك في آن ، أن القومجيين العرب والناصريين ودعاة اليسار من الكتاب والصحفيين واشباه المثقفين لم يكتفوا بالصمت والترقب حيال الهزائم الروسية في "خاركيف "وخيرسون الاوكرانيتين ، بل رأيناهم يتوعدون أمريكا والغرب بالويل والثبور وعظائم الأمور ، مبشرين ومنذرين بأن بوتين لن يسكت ، وأن القوات الروسية لا تهزم ، وأن النصر آت لا محالة ، هذا في الوقت الذي تم فيه تحرير أهم المدن مثل إيزيوم وبلاكليا و كوبيانسك ومئات القرى في الشمال الشرقي وقبالة الحدود مع روسيا ، ناهيك عن زيارة الرئيس زيلنسكي لإيزيوم على حدود " العدو " وهي ضربة معنوية شديدة للروس ، وما كشفته الخطة العسكرية و" الهجوم " الخادع الذي اوهم الروس بأن التركيز ينصب على خيرسون جنوبا ، فوقعوا في الفخ ونقلوا جنودهم جنوبا ليكتشفوا أن هجوم خيرسون ليس سوى هجوم وهمي وأن الثقل والزخم يتركز على خاركيف شمالا ، حيث تم دحر القوات الروسية التي هزمت شر هزيمة ، ليعلن الرئيس الاوكراني أن قواته حررت 8 آلاف كيلو متر مربع ، وأن الهجوم مستمر .
لم يتحدث الكتاب العرب ، القومجيين بائعي الشعارات عن أي شيء موضوعي ردا على التطورات العسكرية في اوكرانيا ، بل رأيناهم يدافعون عن الجيش الروسي الذي أظهر ضعفا وخورا لم يكن يخطر على بال ، حيث شاهدنا مئات الدبابات والجثث التي تركها الضباط والجنود قبل ان يفروا بجلودهم هربا من ساحات المعارك مع الجيش الأوكراني الذي تم تزويده بأفضل أنواع الأسحة والتكنولوجيا التي فضحت بدائية الروس وكيف أنهم مجرد قنبلة دخانية ولا يملكون في الحقيقة سوى رؤوس نووية مكدسة ليس بإمكانهم استخدامها .
كما وأظهرت حرب اوكرانيا أن هؤلاء الكتاب يحفظون أسماء المدن والقرى والبلدات الاوكرانية التي اخلاها الروس أكثر مما يحفظون أسماء القرى في بلدانهم أو أسماء قرى فلسطينية يزعمون بأنهم ما كانوا قومجيين إلا لأجلها ، مع أنهم لم يفعلوا لها سوى إلقاء الخطب الجوفاء وتطريز المقالات الانشائية ، وما على القارئ الكريم إلا إجراء عملية بحث بسيطة عن كتابات هؤلاء الأخيرة بشأن فضيحة روسيا في الحرب ليعرف اين وصل هؤلاء الثوريون اليساريون المنافقون ، وما هي أوضاعهم النفسية والعقلية ، خاصة بعد أن تبين للعالم أجمع بأن روسيا ما كان لها أن تنكشف ميدانيا بهذه الهشاشة لولا تركيزها الحكم على العرق الروسي الذي يعاني من ندرة وقلة في العدد شأنه شأن الفرس في ايران ، ولذلك رأينا بوتين يستحث الروس على الإنجاب ويمنح أموالا للمرأة الروسية التي تنجب أكثر .. ومن أجل ذلك فإنه ليس من زخم بشري في الجيش الروسي سوى للقوميات الأخرى ، وما رمضان قاديروف ، رئيس الشيشان الذي سيخلعه بوتين بعد الحرب كما هو متوقع ، إلا مثالا على هذا الهراء وهذه الدولة المنهزمة التي عاشت مؤخرا أسوأ لحظات وجودها ، وسجل أرشيفها أظلم صفحاتها التاريخية .
لا زال هؤلاء القومجيون المنافقون والمصلحجيون يرفعون شعارات تخلى عنها الروس انفسهم منذ ثلاثين سنة ـ وها هم يهبون هبة رجل واحد للدفاع عن " الجيش الأحمر " المهزوم ويبشرون بالنصر الروسي المؤزر ،وبوتين المظفر ، وجيشه الغضنفر .
يكفي خزيا وفضيحة لهؤلاء أنهم أعداء للحريات وأنهم الواقفون بصلابة مع الدكتاتوريات وأنهم ليسوا سوى طلائع للنكوص والتخذيل والثورات المضادة .
جي بي سي نيوز