خطاب عباس في الأمم المتحدة والقرار 181
الذي تابع كلمة رئيس السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة يدرك حقيقة ما تخفيه السلطة حيال ما تبقى من الأرض المحتلة ، ويدرك بما لا يدع مجالا للشك بأن هذه السلطة لا زالت تحلم باللبن والعسل في زمن المرار والعلقم الذي يتجرعه الشعب الفلسطيني صباح مساء .
الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني الجمعة كان خطابا استعراضيا ، عرض خلاله مشاهد كلامية وصورية من الممارسات الصهيونية في فلسطين وتنكيل الكيان بالشعب الفلسطيني الأعزل .
ومن انطلت عليه لغة الخطاب " الثورية " الذي يبدو أنه مدروس بعناية ، يخرج بانطباع ايجابي عن أن السلطة تقاوم وتحاول أن تسجل نقاطا ضد الكيان من على منبر الأمم المتحدة ، ولكن الحقيقة التي يتوقف عندها القارئون من خلف السطور هي غير ذلك تماما ، بل إن هذا الخطاب يعتبر الأخطر على الإطلاق ، من بين كل ما قيل وما يمكن أن يقال بشأن الإحلال ورؤية السلطة تجاه الحل المفترض .
فبعد أن تحدث عباس عن ممارسات الكيان ، وكيف أنه يقتل الفلسطينيين ويحكمهم عشرات المؤبدات ، وكيف أنه يأمرهم بهدم بيوتهم بأيديهم تحت طائلة الغرامات الباهظة إن لم يفعلوا ، وعن سجن الأطفال وقتل الصحفيين وقضم الأرض ، وتأكيده بان ربع الضفة تم ابتلاعها وبأن مايقرب من مليون يهودي مستوطن باتوا في المستوطنات ، وعن أحراق الشجر والإعتداءات المستمرة على المدن والفصل العنصري إلخ ... بعد أن تحدث عن كل ذلك خاطب ممثلي الوفود بأنه ينزع للسلام ، وبأنه لن يقاوم الإحتلال إلا بالسلام والكلام ، وبأنه يريد من الحضور والأمم المتحدة أن ينفذوا القرارات الأممية ، ولو حتى قرارا واحدا من هذه القرارات التي لم تنفذ مستدرا عطفهم وحماسهم لعدالة القضية ، ولكنه في النهاية دس السم في الدسم ،وقال ما لم يقله أحد من قبله عبر المنصة الدولية ، لتكون هذه مفاجأة المفاجآت ، وهنا ذاب الثلج وبان المرج ..
ماذا طلب رئيس السلطة من الأمم المتحدة قبيل نهاية كلمته العاطفية تلك .. ؟؟
لقد طلب بشكل رسمي ، أن يقوم المجتمع الدولي بتطبيق القرار 181 ، وهي المرة الأولى التي يطالب فيها مسؤول فلسطيني من على منصة الأمم المتحدة بتطبيق هذا القرار .
ولمن لا يعرف ، فإن هذا القرار 181 الذي طلب عباس تنفيذه والصادر قبل قرار التقسيم 194 ، ينص على تشكيل ثلاثة كيانات في فلسطين :
كيان عربي ، بمساحة 11ألف كيلو متر مربع .
كيان يهودي بمساحة 15 ألف كيلو متر مربع .
والأخير ، وهنا المفاجأة : كيان ثالث يضم القدس وبيت لحم ووضع المدينة المقدسة كلها تحت الوصاية الدولية .
هذا ما طلبه عباس بملء فمه ، لتذهب كل شعارت السلطة عن الدولة المستقلة التي عاصمتها القدس في خبر كان .
بمعنى : لقد طالب رئيس السلطة بأن تظل القدس محتلة تحت الإشراف الدولي .. لأن هذا ما يقوله القرار 181 ، فاعتبروا يا أولي الابصار .
جي بي سي نيوز