ضد الحكم بالإعدام
قرأت حكاية رجل جزائري قتل زوجته وأولاده الثلاثة (15 سنة، وتوأمان 12 سنة) خنقاً، مما أعاد مطالبة الناس لتفعيل عقوبة الإعدام (هذا إلى جانب العديد من جرائم القتل والاختطاف).
من طرفي، أعتقد أن هذا الرجل الذي خنق زوجته وأولاده (3 أطفال) لا يستحق عقوبة الإعدام؛ فإعدامه رحمة لا يستحقها.
عذاب الضمير أكثر قسوة
هذا الرجل مثلاً يستحق أن يظل حياً في زنزانة انفرادية ليكون فريسة لعذاب الضمير بقية حياته، ولسع الندم. وهذا أكثر قسوة من الإعدام، حيث ينتهي كل شيء بموت المجرم. مجرم كهذا يجب أن يظل حياً ليعرف «إعدام» الندم له في كل لحظة وهو حي.
بصفتي روائية، أتخيل المشهد: كيف يستطيع رجل خنق أطفاله دون أن يقترفوا ذنباً، غير أن تصادف أنه كان والدهم؟
صراصير للغداء؟ (صحتين)!
زرت بانكوك وغيرها من مدن الشرق الأوسط مثل هونغ كونغ ومانيلا وسواهما، ولكن المطاعم التي أكلت فيها لم تكن تقدم أطباقاً متنوعة من الصراصير. نعم، الصراصير. في سنغافورة مثلاً، التهمت طعاماً لم أكتشف حقيقته إلا بعدما أنجزنا الغداء، وقال لنا دليل رحلتنا حقيقة ما أكلناه؛ فيه حشرات، كما في هونغ كونغ حيث التهمت مع بقية رفاق الرحلة السياحية حلوى من الحشرات ووجدتها لذيذة، لكنني حين عرفت ما التهمت شعرت بالنفور. فالطعام عادةٌ فيما يبدو تنمو منذ الصغر ومع الأسرة وعاداتها الطعامية، مثل الكبة النيئة مثلاً التي أحبها منذ طفولتي في دمشق، وحين زارني وزوجي صديق بريطاني وعرف أن اللحم يؤكل نيئاً في هذا الطبق نفر منه!
ترى، لو أكلت أطباق الصراصير منذ طفولتي في دمشق، هل كنت سأحبها اليوم؟ ما رأي القارئ في هذه المغامرة (الطعامية)؟
في (مانيلا) مثلاً في الفلبين، أكلت وابني الذي كان صبياً صغيراً أطباقاً من الحلوى اكتشفنا فيما بعد أن بعض الحشرات تدخل في إعدادها!
وأذكر أننا بعد حوالي قضاء شهر بين هونغ كونغ وبانكوك وسنغافورة ومانيلا وسواها، لم نعد نأكل إلا «الهامبرغر» ريثما نعود إلى بيروت! لكنني اليوم أتساءل: هل كانت سندويشات الهامبرغر هذه مزودة بجرعة من الحشرات والصراصير دون الإفصاح عن ذلك؟
ما أجمل العودة إلى الوطن وطعامه الذي عرفناه وألفناه منذ الطفولة، على الرغم من أن الغريب قد ينفر منه كما نفر كريستوفر البريطاني زميل أخي في الدراسة حين زار بيروت، وظننت أنني أكرمه بطبق من (الكبة النيئة)، وعافه!
البنوك اللبنانية: مأساة المودع
من جديد أعود إلى لبنان، ومأساة إضافية فيه.. ومنذ اليوم الذي دخل إلى أحد البنوك مودع لماله وهدد بإحراق نفسه والبنك إذا لم يعيدوا إليه ماله، ودخلت تلك السيدة إلى بنك آخر وهي تحمل مسدساً (تبين أنه من البلاستيك) مطالبة بمالها لعلاج أختها المريضة بالسرطان، توالت الحوادث المشابهة؛ وهي في جوهرها سرقة البنوك عامة لأموال المودعين أو إعادة بعضها (بالقطارة) قطرة بعد أخرى.. أي أنها سلبت المودع حقه في استعمال ماله كما يشاء.
ولا أظن أن من واجب المودع أن يقدم للبنك سبب حاجته إلى المال، فالمال ماله وهو حر في طريقة إنفاقه. وسمعت في إحدى الإذاعات أن جمعية المصارف اللبنانية قررت إغلاقها ثلاثة أيام.
ثم ماذا؟
قد تغلق المصارف في بيروت أبوابها لفترة، لكن ذلك ليس حلاً، بل يزيد في تأجيج غضب المودعين.
الحل ببساطة في أن تعود للمودع حقوقه؛ أي يحصل على ماله حين يحلو له دون أن يقدم تفسيراً عن أسباب حاجته لجزء من ماله أو كله. ويبدو أن المصارف صارت شبه مفلسة. وتلك حقيقة مؤلمة لكنها الأمر الواقع. والحل واضح: إعلان أسماء الذين سرقوا أموال المودعين وإرغامهم على إعادتها. أما هذا (المبني للمجهول) في السرقات كلها بحق الشعب اللبناني، فهو أمر لم يعد يطاق، والدليل ما يدور.
أعيدوا لهم أموالهم
أكرر: الحل ليس سراً.
1 ـ في إعلان ما حدث لأموال المودعين دون إخفاء أسماء الذين (سرقوها) بفضل نفوذهم.
2 ـ في إعادة الأمر إلى نصابه السابق، دون تفسير، ولكن مقابل أن يعود بوسع المودع الحصول على المال الذي أودعه وليس جزءاً منه، ولا (بالتقسيط)، بل ألّا يخون البنك ثقة الذين أودعوا أموالهم فيه.
من الضروري إعلان أسماء الذين نهبوا أموال الناس من البنوك وحوّلوها إلى سويسرا أو غيرها. لا بد من اعلان الحقيقة، ومعاقبة السارق مهما كان مركزه مرموقاً أو كان دوره السياسي مهماً وخطيراً. لقد تحمل (أوادم) الشعب اللبناني الكثير من الخسائر والسرقات والنهب والأسرار التي لم تُعلن أسبابها، بما في ذلك الانفجار الرهيب في المرفأ الذي لم يتم بعد تصليح الهدم الذي سببه لبيوت الناس، فضلاً عن الضحايا.. ذلك كله لم يعد يطاق، والشعب اللبناني صار على حافة الانفجار.. ربما قبل أن ننجز قراءة هذا المقال!! الشعب اللبناني لم يأكل الصراصير لكنه أكل الرماد…
رماد الانفجارات والحرائق واللامبالاة بهموم الناس.
بل ورغبة المنتفعين من الحكم في تجديد أيام حكمهم! وكل شيء ممكن في لبنان!
القدس العربي