الإبقاء على المادة 33/2 من الدستور تجنبا للتناقض الظاهري

المدينة نيوز - قال وزير العدل الدكتور إبراهيم العموش أنه تم الإبقاء على نص المادة (33/2) من الدستور دون الأخذ بالتعديلات المقترحة من قبل اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة الدستور.
وأضاف العموش أنه وبعد الدراسة الفاحصة لكافة الآراء الفقهية والدستورية من قبل خبراء القانون والمحامين والنشطاء في هذا المجال، قرر مجلس الوزراء الإبقاء على نص المادة، بحيث أنها مستقرة وفيها قرار تفسيري من قبل المجلس العالي لتفسير الدستور.
وأكد أن المادة لم تُثر أي إشكالات في التطبيق العملي، وارتأى مجلس الوزراء الإبقاء عليها كما هي في نص الدستور من باب السلامة وتجنباً للتناقض الظاهري بين هذه المادة المقترحة مع المادة الأولى من الدستور.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 33 بعد تعديلها من قبل اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة الدستور على أن «معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الأخرى التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها أو تحميل خزانتها شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة ما مناقضة للشروط العلنية».
فيما كانت المادة السابقة تنص على أن «المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية».
وكانت آراء فقهية ودستورية انتقدت هذا المقترح بحيث أنه يتعارض مع المادة الأولى من الدستور والتي تنص على أن « المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه , والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي»
وما أن انتهت اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة الدستور انجاز ما كلفت به برئاسة السيد أحمد اللوزي وتسليم مخرجاتها بين يدي الملك في السادس عشر من آب الجاري، حتى بدأ اللغط والانتقاد يوجه صوب بعض التعديلات من جهة، فيما لاقت معظم التعديلات ترحيب الأوساط الحزبية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني، مع مطالب بضرورة إجراء تعديلات أخرى بخاصة فيما يتعلق بالمواد الدستورية المحققة لمبدأ الشعب مصدر السلطات.
ومع تأكيد العديد من القوى والأحزاب والتيارات السياسية والاجتماعية على أن تعديل الدستور مطلب إصلاحي هام، تفرضه أهمية المرحلة، بحيث لبت التعديلات التي خرجت بها اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور جزءا كبيراً من المطالب الشعبية إلا أن هناك مطالب يرى المنادون بها انها مكملة لمنظومة التعديلات وتتعلق بتعديلات مرتبطة بفصل السلطات وانتخاب مجلس الأعيان كسلطة تشريعية.
تيارات حزبية ونقابية طالبت بإلغائها.
الجبهة الوطنية للإصلاح رأت خلال استعراض رؤيتها للتعديلات الدستورية أن النص في المادة (33/2) من الدستور على جواز إبرام معاهدات يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أونقص في حقوق سيادتها، يناقض أحكام المادة الأولى من الدستور، فيما انتقد تجمع نقابيون من أجل الإصلاح اقتراحات اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور، مشيراً إلى أنها غير كافية وبخصوص التعديل على المادة (33 /2 ) فقد اعتبرها التجمع خطيرة، بحيث سمحت لمجلس النواب عقد معاهدة تؤدي إلى تعديل في أراضي الدولة أو نقص حقوق سيادتها، منوهة إلى وجود تعارض مع نص المادة الأولى في الدستور التي تقول بأنه لا يجوز التنازل عن أرضي الدولة وسيادتها نهائياً، وأعرب أعضاء التجمع عن خشيتهم من أن تكون هذه المادة «توطئة للتنازل عن سيادة «الباقورة والأراضي الواقعة تحت السيطرة الصهيونية في وادي عربة»
وكانت العديد من الآراء الفقهية الدستورية لخبراء القانون أشارت إلى أهمية هذا التعديل وايجابيته بحيث لا وجود لتعارض مابين نص المادتين، وأن ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 33 تشكل قيداً هاماً على أعمال السلطة التنفيذية لا يجيز لها أن تتصرف في ما تتضمنه الفقرة إلا بموافقة مجلس النواب وبالتالي المجلس هو من يتحمل المسؤولية في هذا الخصوص، فيما ترى آراء فقهية أخرى أن فيها تعارضا واضحا مع نص المادة الأولى.
الحموري: مجلس الوزراء استجاب للمنطق الدستوري بإلغاء التعديل المقترح.
وفيما كان يرى الخبير القانوني والفقيه الدستوري وزير العدل الأسبق الدكتور محمد الحموري أن النص المقترح يتعارض مع المادة الأولى في الدستور والتي تنص على أن المملكة دولة مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه ففي حين نجد المادة الأولى تمنع التنازل عن أي جزء من ارض الأردن وسيادته على أي جزء على نحو مطلق يأتي اقتراح المادة 33 ليلغي هذا الحق المطلق وكأنه لم يكن، مضيفاً أن هذه المادة التي تجيز التنازل عن أراضي الدولة أو تنقص من سيادتها تتعارض مع المادة الأولى من الدستور.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء وبإلغائه التعديل المقترح على الفقرة الثانية من المادة 33، قد استجاب للمنطق الدستوري السليم، حيث أن اقتراح اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة الدستور كان يتعارض بشكل واضح مع المادة الأولى من الدستور الأردني، وأضاف أن مجلس الوزراء أحسن صنعاً في إزالة هذا التعارض والانتماء إلى روح المطالب الشعبية التي لا تقبل نصاً في دستورنا يجيز التنازل عن أية أراضٍ أردنية أو السيادة عليها.
أبو يامين: شطب كلمة الاتفاقات لا يرتقي من الأهمية إلى مستوى المعاهدة.
النائب الأسبق المحامي مبارك أبو يامين أكد أن لاوجود لتعارض مابين نص المادتين، مشيراً إلى وجود هذه المادة بالأصل بحيث تم شطب كلمة الاتفاقات وتم حصرها في موضوع المعاهدات التجارية.
وأضاف أبو يامين أن المادة في أحكامها لا يوجد فيها أدنى تعارض مع نص المادة الأولى من الدستور حيث لم يتم التغيير والتعديل بفكرتها الرئيسة من قبل اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة الدستور، مضيفاً أن هذه الإضافة ترتقي في صناعة المستقبل الاقتصادي للمواطنين والمرتبط بطبيعة الحال بالمستقبل السياسي للبلاد.
وبرأي أبو يامين فإن شطب كلمة الاتفاقات لا يرتقي من الأهمية إلى مستوى المعاهدة حتى يتم النص عليها في الدستور، وحول مجمل التعديلات الدستورية يرى أبو يامين أنها تعد أبرز إنجاز في عهد الملك عبد الله الثاني، على المستوييّن السياسي والتشريعي، لكن هذه التشريعات بحاجة إلى صياغة فنية عالية المستوى شريطة ألا تؤثر هذه التعديلات بالحقوق المكتسبة للأردنيين بموجب الدستور الساري المفعول.
وبالعودة إلى المادة الأولى والتي تنص على أن «المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي»، فإن عديد الآراء الفقهية تذهب إلى حملها لأكثر من تفسير ومعنى حيث تعد وصفاً للدولة من حيث مركزها الدولي، والنص لهذه المادة مشابه لما ورد في الدستورين الفرنسي والبلجيكي.
الغزوي: نستغرب التكرار والتصدي للإصلاحات الدستورية.
وبرأي الدكتور محمد سليم الغزوي عميد كلية القانون وأستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية في جامعة عمان العربية، فإن من الغرابة التكرار والتصدي للإصلاحات الدستورية بالقول أن هناك تعارضاً بين المادة 33 / 2 المقترحة من قبل اللجنة الملكية» مع المادة الأولى من دستور 1952 التي تنص على أن «المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي «، مضيفاً بأن لا وجود لأي تعارض لا بل جاء النص الجديد كما اقترحته وصاغته اللجنة الملكية محكماً، مستدلاً على ذلك بأن المادة الأولى من دستور 1952 تجمع أكثر من معنى، فنص الماده بأن»المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية ذات سيادة فهذا وصف للدولة من حيث مركزها الدولي، وأما نص المادة بأن ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه فالمقصود به أن سلطانها لايتجزأ وهو مطابق لما ورد في مواد شبيهة في الدستورين الفرنسي والبلجيكي.
ويضيف الغزوي أن بيان ذلك أن السيادة من خصائصها كما تحدث عن ذلك وبينه الفقه الدستوري أنها سلطة عليا بمعنى أنها لا تجد في ميدان نشاطها داخل الدولة سلطة أعلى منها ولا معادلة أو منافسة لها فالمقصود بالسيادة هو أن يكون لإرادة الأمة تلك السلطة العليا وتلك الإرادة تظهر في صورة القانون.
وبرأي الغزوي وهو عميد سابق لكلية القانون في الجامعة الأردنية فإن لمبدأ السيادة ميزات أخرى، فالسيادة واحدة وغير قابلة للتجزئة، ويقصد بكونها واحدة أنه لا يوجد في إقليم معين سوى سلطة عليا واحدة أما القول بأنها غير قابلة للتجزئة فيقصد به أن ذلك المجتمع الذي يملك تلك السيادة لا يمتلكها في حالة الشيوع.
ويضيف الغزوي فيما يتعلق بنص المادة بأن الشعب الأردني جزء من الأمة العربية فالمقصود به أن لدي الأردن طموحاً قومياً وعليه أن يسلك كافة الدروب التي تشخص هذا الطموح كما فعل في مرات عده، ويختم الغزوي أن النص أضاف إلى المعاني السابقة أساس نظام الحكم وأجمله في كلمات ثلاث ليس كل ما في الدستور إلا تفصيلاً لها وهي «نيابي ملكي وراثي»، مضيفاً أن ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 33 تشكل قيداً هاماً على أعمال السلطة التنفيذية لا يجيز لها أن تتصرف في ما تتضمنه الفقرة إلا بموافقة مجلس النواب وبالتالي المجلس هو من يتحمل المسؤولية في هذا الخصوص.
وكان جلالة الملك عبد الله الثاني قد عهد لرئيس الوزراء الأسبق أحمد اللوزي برئاسة اللجنة الملكية لمراجعة الدستور في السادس والعشرين من نيسان الماضي وضمت 9 أعضاء فضلاً عن الرئيس، شرعوا بدراسة التعديلات الدستورية و إجراء التعديلات اللازمة في سبيل الوصول للإصلاحات الشاملة.
وسلمت اللجنة نتائج عملها بين يدي الملك في الرابع عشر من الشهر الجاري، ووصلت تلك التعديلات الحكومة في اليوم التالي ثم أحيلت إلى ديوان التشريع والرأي الذي بدأ العمل مع وزير العدل بشكل متواصل لدراستها وصياغتها الفنية.
ومع إقرار مجلس الوزراء في الرابع والعشرين من الشهر الجاري للتعديلات الدستورية وإدخال بعض التعديلات عليها والتوجه بها نحو البرلمان ما تزال تطارد بعض التعديلات المقترحة مطالب بإلغائها من مثل محكمة أمن الدولة، وانتخاب مجلس الأعيان، والتعديل المتعلق بالمادة 70 حيث تنصب دعوات لإلغائها والتي تنص على أنه يشترط في عضو مجلس النواب زيادة على الشروط المعينة في المادة 75 من هذا الدستور أن يكون قد أتم خمسة وعشرين سنة شمسية من عمره، في حين نصت المادة قبل تعديلها على أنه «يشترط في عضو مجلس النواب زيادة على الشروط المعينة في المادة (75) من هذا الدستور أن يكون قد أتم ثلاثين سنة شمسية من عمره».(الدستور)