الحديقة والغابة عند جوزيف بوريل
لعل جوزيف بوريل ، ممثل الإتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية كان يعكس كبته الإجتماعي وإحباطه السياسي في بلده الأصلي إسبانيا ، إذ حرمته شبهات الفساد لدى عدد من معارفه ومقربيه من الترشح لمناصب عليا عقب حصوله على وزارة ذات حكومة عاصفة .
فهذا العجوز " المنبثق " من كاتالونيا ممنوع من دخول المقاطعة بعد أن اتهمه أهلها بـ " الخيانة " اثر رفضه مناصرة مطالبهم السياسية ، ووفق هذه الخلفية ، وغيرها ، فإنه لا غرابة أن يطلق على العالم وصف " الغابة " بينما يصف أوروبا بالحديقة التي يخشى أن يلتهمها الأدغال المتوحش .
تصريحات بوريل أغضبت ليس فقط بقية العالم بل حتى أولئك المدافعين عن المساواة والحرية في أوروبا نفسها ، ما اضطره إلى نشر توضيح يقول فيه إن كلامه تم إخراجه عن سياقه ، وهو ما يفنده حتى نص التوضيح الذي لم ينجح في مسح ما قاله بحق كل البشر .
لقد أعاد جوزيف بوريل إلى الأذهان والذاكرة العالمية غير المثقوبة حقيقة الرجل الأبيض بتاريخه الأسود : ولو ألقينا نظرة على الأطلس السياسي للعالم لقفزت ملء الجفون صور وأحداث لا يمكن أن تمحى ، ولكشفت حقيقة أن بوريل واشكاله من العنصريين هم سبب بؤس كل هذه المليارات من البشر على ظهر الكوكب .
عبثا حاول بوريل اصلاح تصريحه النازي والعنصري فأطلق توضيحا سارعت كل وسائل الإعلام الأوروبية إلى نشره ، وها هو حتى في توضيحه ، يصر على إطلاق الغابة والحديقة على أوروبا والعالم محاولا مرة أخرى إخراج التوضيح عن سياقه بكل وقاحة .
ولمن لا يعرف ، فإن هذا الوصف سبقه به المحافظون الجدد في الولايات المتحدة من أمثال ترمب ومن على شاكلته من اليمينيين المجانين ، وها هي اوروبا وبرلمانها الموحد تصمت صمت القبور ، لتتكشف حقيقة هؤلاء السياسيين : (الحديث عن السياسيين ) كيف يفكرون وبأي عين ينظرون إلى بقية العالم خارج حدود حديقتهم الشمطاء التي رويت بالدم والعرق والدموع والرق والحروب العالمية والاستعمار والقتل والتخريب والإجرام وتجارة العبيد .
جوزيف بوريل ليس رجلا عاديا من العامة ، إنه رأس خارجية ثماني وعشرين دولة ، وبتصريحه العنصري كشف كنه الابتسامات الأوروبية " السياسية " التي اعتقد كثيرون أنها حقيقية ليتبين بأنها تخفي خلف شفاهها الوردية أنياب دراكولا .
جي بي سي نيوز