السلطة والتنسيق الأمني
اذا كان التنسيق الامني الذي اعلنت السلطة وقفه ونفت اسرائيل تلقيها قرارا بذلك ، كان يقف حجر عثرة في طريق الرد الشعبي على جرائم الاحتلال وخاصة تلك التي سقط فيها عشرات الشهداء والجرحى في ما تسميه اسرائيل " كسر الامواج " التي انطلقت منذ عام تقريبا : اذا كان هذا التنسيق " الفضيحة " هو الذي يكبل الفلسطينيين ، ويحول دون دفاعهم عن وطنهم ، فقد جاءت عملية الجمعة من خارج إطار هذا التنسيق وعلى شكل رد فردي لا يمكن لأي تنسيق في العالم ان يوقفه لكونه غير مرتبط بتنظيم معروف وفق ما هو معلن عن الآن .. ومن اجل ذلك فإن كل التصريحات الرسمية الاسرائيلية التي اعقبت عملية القدس، الجمعة ، وعملية سلوان السبت ، لم تحمل السلطة اي مسؤولية عنهما وهو ما يكشف حقيقة استمرار التنسيق كما هو بغض النظر عن اعلان ابو اردينة .
ما يحدث في فلسطين ان الجيل الجديد بات يكفر بكل أبوات النضال واسماء اصحابه المتكرشين والمتكلسين الذين مردوا على الفخر بتاريخ لم ينجز سوى الخيبات للشعب الفلسطيني البطل حيث كان هؤلاء وحيث حلوا .
أبوات النضال الفلسطيني وخاصة جماعة فتح ، ونعني بهم قادتها الذين يمثلون السلطة ، لم يدركوا للآن ان الزمن لا يتوقف وأنهم باتوا من الماضي غير السعيد وغير المطلوب لا هم ولا سلطتهم التي تمارس ابشع انواع التنكيل بالفلسطينيين بنفس طريقة الاحتلال ، وهذه بشهادات منظمات حقوقية فلسطينية وغيرها ، وبات الشبان الفلسطينيون لا يثقون بالسلطة كما هو حال شباب كتيبة جنين وعرين الاسود في نابلس ولا بأي دائرة من دوائرها ، وقد رأينا أقسى عملية تتلقاها اسرائيل منذ سنوات باعتراف نتنياهو نفسه ، وسواء جاءت على طريقة " الذئاب المنفردة " أم من قبل فصيل لا يرغب بالكشف عن نفسه الآن ، فإن جميع الفلسطينيين مقتنعون أن السلطة لو كانت تعلم بنية المهاجم لابلغت عنه اسرائيل ولأحبطت خطته ، وقد حال عمله المنفرد دون ان يصبح ضحية وشاية بغيضة كما هي العادة .
انه جيل فلسطيني جديد يؤمن بأن الفصائل الفلسطينية كلها بدون استثناء ترتكب جرائم بحق القضية جراء انقساماتها الفصائلية والمصلحية وانه آن الاوان للتغيير لأن الاعتماد على المجرب الفاشل ليس سوى خسران مبين وفقدان للبوصلة سبعين عاما آخر .
ما حدث في القدس وفي سلوان ، دفع حكومة نتنياهو لمزيد من التطرف والوعيد وستشهد الساعات والأيام القادمة جرائم اسرائيلية متعددة وانفلاتا للمستوطنين والجيش والشرطة الذين طلب منهم قتل أي فلسطيني على الشبهة بدون تردد ، وهو ما لم يحدث حتى في أبشع سنوات حكم الفصل العنصري في جنوب افريقيا .
ويوم الأثنين - غدا - سيصل بلينكن للمنطقة ، وسنراه " يرجو " إسرائيل عدم التصعيد ويبوس " بسطارها " كي لا تفعل ، ولكنها ستفعل كما هو متوقع .. وفي المقابل - سيحمر عينيه في رام الله ويأمر بإعادة التنسيق الأمني علنا وسيخاطب كل أولئك العجزة في قيادة السلطة :" اوقفوا الارهاب واستمروا في التنسيق الأمني بلاش ولدنة " !.
جي بي سي نيوز