لماذا الان ويكيليكس الاردن؟
ركزت المقالات التي تناولت ويكيليكس الاردن على شخصية باسم عوض الله وتبني الامريكيين له ودفاعهم عنه, ولكن لم تتوقف اي من هذه المقالات عند توقيت هذه الوثائق ولماذا غاب الاردن عنها ولم يظهر فيها الا متأخراً...
اما اهمية ومغزى هذا التوقيت فنابع من العلاقة "الغامضة" بين نشر الوثائق الامريكية الخاصة بهذا البلد او ذاك وبين رفع الغطاء الامريكي عنه وتسريع وتائر الثورة فيه او عليه, مما يسمح لنا بالتساؤل عما اذا كان الامريكان يفكرون في رفع الغطاء هنا, وانتظار تداعيات ذلك في الشارع ثم على النظام والبلد...
من الزاوية النظرية, فان مثلث او ثلثي الحراك الذي شاهدناه في اكثر من بلد, وهو يسرق الثورة الشعبية ويركب موجتها, قائم او ملاحظ في الاردن ويضم اولاً عناصر "الثورة الملونة" من اصدقاء وكتاب السفارة الامريكية ومن نشطاء مراكز الدراسات الخاصة بحقوق الانسان وحرية الصحافة ومنظمات التمويل الاجنبي الذين يسوقون انفسهم ويسوقهم الامريكان والفرنسيون والانجليز كليبراليين جدد, راحوا عبر الصحافة والمواقع الالكترونية يديرون فتنة اقليمية باسم المحاصصة والاصلاح والمبرمج على مقاس الحلول الصهيونية للقضية الفلسطينية كما يضم, ثانياً, ما يعرف بالاسلام البرتقالي, ويضم ثالثاً, جزءاً من مراكز القوى والوسط البيروقراطي في الدولة المندمج مع رجال الاعلام الجدد مع اوساط البنك الدولي..
وكما يلاحظ فان اطراف المثلث المذكور تنسجم مع رأي الامريكان المنشور في الوثائق الامريكية الخاصة بالاردن, الذي يدعو الى اعادة هيكلة الدولة والقوانين والدستور ومطبخ القرارات فيها وفق رأي الاعلامي اليهودي الصهيوني الامريكي, ساتلوف "اخضاع الاقلية البدوية الاردنية للأكثرية الحضرية الفلسطينية" وتسويق ذلك كحل نهائي دون المساس بالطابع الشكلي الاردني للدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية ..
هذا على الصعيد النظري, اما على الصعيد العملي, "فالعتمة ليست على قد ايد الحرامي" بالضرورة وسيكون بالامكان احباط هذا السيناريو ليس باستثمار بعض التحسبات الاقليمية والدولية, ولا بالتحشيد الجهوي الذي يخدم السيناريو المذكور ولا بالخوف من الاصلاح السياسي والدستوري, بل بحزمة من السياسات الوثيقة التي لا ينفصل احدها عن الآخر:-
1- اعادة الاعتبار للدولة ودورها في الحياة الاجتماعية والقطاع العام والصناعات الاستخراجية ...
2- اعادة الاعتبار للارض كقيمة وطنية لا كسلعة عقارية ووقف الزحف العمراني خارج حدود المدن وخاصة عمان..
3- وقف سطوة فريق البنك الدولي وجماعة الخصخصة ..
4- الغاء مراكز ومنظمات التمويل الاجنبي غير الحكومية التي تتستر بالدفاع عن حقوق الانسان وحرية الصحافة, وفتح ملفات الفساد المالي فيها.
5- عدم التهاون مع اية جهة تهدد "الوحدة الوطنية" وعلى قاعدة "كلنا اردنيون من اجل الاردن وكلنا فلسطينيون من اجل فلسطين .."..
6- المباشرة في اصلاحات دستورية وقانونية حقيقية تنهي احتكار الشرعية والحقيقة و الوصاية على المصالح العليا ومفهوم الرعية والاستزلام, وتؤسس لشراكة ديمقراطية لا لبس فيها ولا تدخل من اية جهة حكومية في كل المجالس والسلطات.
7- صياغة استراتيجية وطنية تحدد الكيان الصهيوني كعدو رئيسي وتؤمن الاردن ضد اخطار السياسة الامريكية عليه كما كشفت وثائق الويكيليكس.(العرب اليوم)