دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي تدعو لنظام ضريبي تصاعدي
المدينة نيوز :- قالت دراسة أجراها المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن النظام الضريبي العادل يقوم على مبدأ التكليف التصاعدي، ويكون مجهزاً بقدرات توزيعية حقيقية، ويضمن المساواة وعدم التمييز، ويتواءم مع القرارات الاستثمارية المحلية والدولية، التي تعزز الشمولية، وتشجع على ممارسة الحوكمة الرشيدة.
وأضافت الدراسة، التي اطلقها المجلس، اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة في الأردن بعنوان: "الضرائب وحشد الموارد- النهج القائم على حقوق الإنسان لمعالجة أوجه عدم المساواة"، إن المسألة لا تتعلق بمجرد جمع الإيرادات من خلال تغيير القوانين والأنظمة (اللوائح) لحشد الإيرادات، بل تتعلق بإدخال إصلاحات طويلة المدى لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ودعت إلى حشد الإيرادات لتغطية الاحتياجات التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بوتيرة تواكب النمو الاقتصادي وأعمال حقوق الإنسان في الأردن.
وأوضحت أن النظام الضريبي القوي يتّسم بالكفاءة الاقتصادية، والبساطة، والمرونة، والمسؤولية السياسية، والعدل.
وتشير الكفاءة الاقتصادية، بحسب الدراسة، إلى أنّ أي نظام ضريبي لا يتدخل في التخصيص الفعال للموارد، أمّا البساطة فتعني أن النظام الضريبي سهل وغير مكلف نسبيًا من الناحية الإدارية، أما المرونة فتشير إلى النظام الضريبي القادر على الاستجابة للتغييرات في دورات أنشطة الأعمال الاقتصادية والصدمات.
وفيما يخص المسؤولية، تشير الدراسة إلى إمكانية تصميم النظام الضريبي بحيث يستطيع الأفراد التحقق مما يدفعوه، وتقييم الدقة التي يعكس النظام بوساطتها ما لديها من تفضيلات، ويشير العدل إلى وجود نظام ضريبي عادل في معاملته النسبية لمختلف الأفراد.
وطالبت الدراسة بإعادة النظر في زيادة العبء الضريبي على فئات معينة من الأشخاص وبالتحديد فئة الدخل المرتفع، لتحقيق أقصى حد من الإيرادات من دون أن يعكس ذلك أثرا سلبيا غير متناسب على الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع هشة.
ودعت إلى إعادة النظر في إصلاح الضريبة العامة على المبيعات وبرنامج الحماية الاجتماعية في الأردن، بهدف حشد الموارد مع الحفاظ على نسب مخفضة من الضريبة العامة على المبيعات على العديد من السلع والخدمات التي يتم استهلاكها على وجه التحديد من قبل الفئات الهشة (المستضعفة).
وأكدت ضرورة إجراء مراجعة للنسب الضريبية والاتفاقيات الضريبية الحالية، وخاصةً تلك المتعلقة بالسلع الكمالية، مع إعادة النظر في تحويل بعض المبالغ من الإيرادات الضريبية للحد من أوجه عدم المساواة في الدخل.
ونوهت إلى أهمية إجراء دراسة تحليلية جديدة للعبء الضريبي باستخدام أحدث وأفضل البيانات، بحيث تأخذ بعين الاعتبار الضرائب والإنفاق على الحماية الاجتماعية بشكل مشترك، مشيرة إلى إمكانية إجراء دراسة تحليلية للعبء الضريبي باستخدام نماذج المحاكاة الدقيقة للمنافع الضريبية.
وأوصت الدارسة بضرورة أخذ مبادئ حقوق الإنسان (الحق في المشاركة في الشؤون العامة، والحق في المساواة وعدم التمييز، ومبادئ الشفافية والمساءلة) بعين الاعتبار عند تصميم وتنفيذ الضرائب والموازنات، مع الإشارة إلى أنّ النظام الضريبي، المرغوب به والذي يعتبر عادلاً، يستطيع أن يعزز الثقة بين الحكومة والناس.
ودعت الدراسة إلى ضرورة مراجعة وفحص تنفيذ التشريعات أو السياسات أو الممارسات المالية من حيث تأثيرها على التمتع بحقوق الإنسان في الأردن، وضمان الشفافية والمشاركة البناءة في تنفيذ العمليات.
كما أكدت الدراسة أهمية ربط تحصيل الإيرادات من السلع العامة بزيادة الخدمات المقدمة من قبل الحكومة من خلال زيادة الاستثمارات العامة في قطاعات التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والأمن الغذائي وتدابير التخفيف من آثار تغير المناخ وزيادة الوعي حول هذه النفقات التي ستعزز جميعها رغبة المواطنين في دفع الضرائب.
وأشارت إلى ضرورة تعزيز المساءلة والشفافية في تحصيل الإيرادات من خلال نشر مكونات تفصيلية للإيرادات المحلية من الضرائب والرسوم التي يتم تحصيلها وربطها مع الاتفاق من أجل الإعمال بحقوق الإنسان في مجال التعليم والصحة والنقل والبيئة وغيرها.
كما أكدت ضرورة بذل جهود أكبر لمعالجة التهرب الضريبي وتمكين السلطات من استهدافه.
ودعت الدراسة إلى أهمية بناء نظام للخصم الضريبي يشمل الشركات والمواطنين، ويدعم النظام الضريبي الذي يعمل بمبدأ التكليف التصاعدي، إضافة إلى (رسمنة) إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد من خلال تسجيل المواطنين العاملين القطاعات غير النظامية.
وجاء إطلاق الدراسة بالتزامن مع الذكرى 75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأن القوانين المطلوبة من الدول للوفاء بالتزاماتها نحوها لاحترام وحماية وإعمال الحق بالمساواة وعدم التمييز.
وقال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدكتور موسى شتيوي، إنّه ومع الإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها في مجال حقوق الإنسان في المملكة، إلا أنه ما زال هناك العديد من الإجراءات التي من الممكن اتخاذها في مجال تخصيص الموارد المالية وإعادة توجيه الإنفاق العام وترتيب الأولويات لتعزيز النمو الاقتصادي في المملكة تجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأضاف: بعد مرور 3 عقود على الشروع في الإصلاحات الهيكلية، ما يزال الاقتصاد الأردني يواجه تحديات كبيرة مستمرة، بسبب الاعتماد على المستوردات، والأزمات الإقليمية، وارتفاع معدلات البطالة، وعدم المساواة، وارتفاع معدلات الفقر وموجات اللجوء القسري.
وتابع شتيوي: أدّت هذه التحديات إلى حدوث عجز مرتفع في الموازنة؛ وزيادة في الإنفاق العام وقد رافق هذه التحديات تباطؤ في عجلة النشاط الاقتصادي، بمعدل لا يتجاوز 2 بالمئة في السنوات الماضية، وبلغ العجز في الموازنة 6.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي، وارتفع الدين العام، ليبلغ أكثر من 110 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ونوه الدكتور شتيوي إلى أن الهيكلة الضريبية شهدت تغييرات على مدار الأعوام 2000 – 2021، من خلال زيادة حصة الضرائب المباشرة وغير المباشرة في الإيرادات المحلية، بالرغم من هذه الإصلاحات الضريبية، ما زالت الضريبة العامة على المبيعات تشكّل نحو 69.9 بالمئة من التحصيلات الضريبية، بينما تشكل ضريبة الدخل 20.4 بالمئة فقط من التحصيلات الضريبية مما يترتب عليه آثار عديدة على المساواة الاجتماعية.
من جهتها، قالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن، شيري ريتسيما-أندرسون، أنّ حقوق الإنسان تتراوح بين الحق الأكثر جوهرية، وهو الحقّ في الحياة، إلى الحقوق التي تجعل الحياة جديرة بأن تُعاش، مثل الحق في الغذاء والتعليم، والعمل والصحة والحرية.
وقالت يسعى اقتصاد حقوق الإنسان إلى انتصاف الأسباب الجذرية والعوائق الهيكلية التي تحول دون الوصول إلى المساواة، والعدل، والاستدامة، من خلال إعطاء الأولوية للاستثمار في الحقوق.
وأضافت أن الأمم المتحدة تسعى لتوفير أقصى قدر من الحماية الاجتماعية، والتعليم الجيد والرعاية الصحية للجميع؛ والوصول إلى العدالة وسيادة القانون؛ الحريات الأساسية، وأوسع مساحة مدنية ممكنة.
ويشمل ذلك توفير أقصى قدر من الحماية الاجتماعية، والتعليم الجيد والرعاية الصحية للجميع؛ الوصول إلى العدل وسيادة القانون العمل الفعال من أجل البيئة والمناخ؛ وضمان الحريات الأساسية.
--(بترا)