السودان.. أحداث وخلافات أشعلت شرارة الصراع غير المسبوق

تم نشره الإثنين 17 نيسان / أبريل 2023 12:34 مساءً
السودان.. أحداث وخلافات أشعلت شرارة الصراع غير المسبوق
أعمدة الدخان تتصاعد فوق الخرطوم

جي بي سي نيوز :- تسببت مجموعة من الأحداث والخلافات المتراكمة بإشعال شرارة الصراع العنيف على السلطة في السودان، حيث تستمر الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ ثلاثة أيام.

وازدادت التوترات بين أقوى اثنين من الجنرالات في السودان، قائد الجيش اللواء عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، واللذين دبرا قبل 18 شهرا فقط انقلابا عسكريا لعرقلة انتقال البلاد إلى الديمقراطية.

ووصلت التوترات حدها خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما اشتعلت معركة غير مسبوقة للسيطرة على دولة غنية بالموارد، ويعيش فيها أكثر من 46 مليون شخص.

وتعهد الرجلان، اللذان يقود كل منهما عشرات الآلاف من القوات في العاصمة الخرطوم، بعدم التفاوض أو وقف إطلاق النار، على الرغم من تصاعد الضغوط الدبلوماسية العالمية.

وفيما يلي نظرة على كيفية وصول السودان، وهو بلد له تاريخ طويل من الانقلابات، إلى هذا الصراع المحتدم والمتفاقم.

ما الذي سبق القتال؟

في الأشهر الأخيرة، كانت المفاوضات جارية من أجل العودة إلى مسار التحول الديمقراطي الذي أوقفه انقلاب أكتوبر 2021. وتحت ضغط دولي وإقليمي متصاعد، وقعت القوات المسلحة وقوات الدعم السريع اتفاقا أوليا في ديسمبر مع جماعات مؤيدة للديمقراطية ومجموعات مدنية. لكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية لم يقدم سوى خطوط عريضة عامة، تاركا القضايا السياسية الشائكة دون حل.

وخلال مفاوضات مضنية للتوصل إلى اتفاق نهائي، تصاعدت التوترات بين البرهان ودقلو. يدور الخلاف الرئيسي حول كيفية دمج قوات الدعم السريع في الجيش ومن سيكون له السيطرة النهائية على المقاتلين والأسلحة.

كما حاول دقلو، الذي شاركت قواته في حملات قمع وحشية خلال الاضطرابات القبلية والاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، أن يجعل نفسه مؤيدا للانتقال الديمقراطي. في مارس، انتقد البرهان، قائلا إن القادة العسكريين غير مستعدين للتخلي عن السلطة.

وجادل محللون بأن دقلو يحاول تبييض سمعة قوته شبه العسكرية، التي بدأت كميليشيات وحشية متورطة في فظائع بنزاع دارفور.

تصعيد

وبدأت قوات الدعم السريع، الأربعاء الماضي، في نشر قوات حول بلدة مروي الصغيرة شمال العاصمة، التي تحتوي على مطار كبير وموقع مركزي وسد كهربائي على نهر النيل. في اليوم التالي (الخميس)، أرسلت قوات الدعم السريع أيضا المزيد من القوات إلى العاصمة ومناطق أخرى من البلاد، دون موافقة قيادة الجيش.

واندلع قتال صباح السبت في قاعدة عسكرية جنوب الخرطوم، حيث ألقى كل طرف باللوم على الآخر في بدء أعمال العنف. ومنذ ذلك الحين، يتقاتل الجيش وقوات الدعم السريع بالأسلحة الثقيلة، بما في ذلك المدرعات والمدافع الرشاشة المثبتة على الشاحنات، في مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة ومدينة أم درمان المجاورة. وقصف الجيش قواعد قوات الدعم السريع بضربات جوية.

وبحلول يوم الاثنين قتل العشرات وجرح المئات في القتال.

وامتدت الاشتباكات إلى مناطق أخرى بالبلاد منها مدينة بورتسودان الساحلية على البحر الأحمر والمناطق الشرقية على الحدود مع إثيوبيا وإريتريا. ووردت أنباء عن قتال في منطقة دارفور التي دمرتها الحرب حيث تعرضت منشآت تابعة للأمم المتحدة للهجوم والنهب. وتقول الأمم المتحدة إن ثلاثة موظفين ببرنامج الغذاء العالمي قتلوا في الاشتباكات هناك، السبت.

احتمالات وقف إطلاق النار

تبدو احتمالات وقف فوري لإطلاق النار ضئيلة. البرهان ودقلو يتبادلان المطالبات بالاستسلام. كما أن طبيعة القتال الشديدة قد تجعل من الصعب على الجنرالات العودة إلى المفاوضات.

ومن ناحية أخرى، لدى الجيش وقوات الدعم السريع داعمون أجانب، طالبوا بالإجماع بوقف فوري للأعمال العدائية.

وقد يلعب التقويم الديني الإسلامي دورا أيضا. اندلع القتال خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، مع إجازة عيد الفطر المقبلة لمدة ثلاثة أيام نهاية شهر الصيام في وقت لاحق من هذا الأسبوع. ويتعرض السكان لضغوط متزايدة بسبب الضروريات، والعديد منهم محاصر في المنازل بسبب العنف.

في غضون ذلك، كانت هناك فورة من الاتصالات الدبلوماسية. ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي مسألة السودان الاثنين.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إنه ناقش التطورات في السودان مع وزيري خارجية السعودية والإمارات. وقال وزير الخارجية السعودي إنه تحدث هاتفيا بشكل منفصل مع البرهان ودقلو، وحثهما على وقف "كل أنواع التصعيد العسكري".

ودول الخليج العربية من الحلفاء المقربين من الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال كاميرون هدسون، أحد كبار المنتسبين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والدبلوماسي الأميركي السابق، إن إدارة بايدن يجب أن تجعل حلفاءها في المنطقة يدفعون من أجل السلام.

وأضاف "بدون مثل هذا الضغط يمكن أن نجد صراعا بنفس نمط الحرب في تيغراي (في إثيوبيا)".

الفاعلون الأجانب

خلال حكم الرئيس القوي عمر البشير الذي أطيح به عام 2019، كانت روسيا قوة مهيمنة. في مرحلة ما، توصلت موسكو إلى اتفاق مبدئي لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر بالسودان.

بعد الإطاحة بالبشير، بدأت الولايات المتحدة والدول الأوروبية التنافس مع روسيا على النفوذ في السودان، الغني بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الذهب، لكنه غارق في الصراعات الأهلية والانقلابات العسكرية. في السنوات الأخيرة، حققت فرقة المرتزقة الروسية فاغنر نجاحات في البلاد.

كما أقام البرهان ودقلو علاقات وثيقة مع السعودية والإمارات. قاتلت القوات السودانية المأخوذة من الجيش وقوات الدعم السريع إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب الأهلية الطويلة في اليمن.

مصر، قوة إقليمية أخرى، لها علاقات عميقة مع الجيش السوداني. يجري الجيشان مناورات حربية منتظمة، كان آخرها هذا الشهر. وكانت القوات المصرية في قاعدة عسكرية سودانية لإجراء تدريبات عندما اندلعت الاشتباكات، السبت. تم القبض عليهم من قبل قوات الدعم السريع التي قالت إنهم سيعادون إلى مصر.

ويسيطر الجيش على معظم اقتصاد البلاد، لكن قوات الدعم السريع تدير مناطق تعدين الذهب الرئيسية، وهي مصدر رئيسي للدخل للمجموعة القوية.

مئة قتيل مدني

وقتل ما لا يقل عن 97 مدنيا على ما أفادت صباح الاثنين نقابة أطباء السودان المستقلة والمؤيدة للديمقراطية، سقط 56 منهم السبت و41 الأحد، نصفهم تقريبا في العاصمة السودانية.

وأوضحت النقابة في بيان أن "365 شخصا أصيبوا" أيضا.

وسبق للنقابة أن أشارت إلى أن حصيلة القتلى في صفوف المقاتلين تعد بـ"العشرات" لكن أيا من الطرفين لم يعلن خسائره البشرية.

وضع صعب في المستشفيات

وفيما لا يرتسم في الأفق أي وقف لإطلاق النار، دق الأطباء والعاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر. فبعض الأحياء في الخرطوم محرومة من التيار الكهربائي والمياه منذ السبت فيما تقنين الكهرباء سار في الأيام العادية أصلا.

وحذرت متاجر البقالة القليلة التي لا تزال مفتوحة من أنها لن تصمد أكثر من أيام قليلة إذا لم تدخل شاحنات المؤن إلى العاصمة.

وأكد أطباء انقطاع التيار عن أقسام الجراحة فيما أفادت منظمة الصحة العالمية أن "العديد من مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية".

وقالت نقابة أطباء السودان إن المرضى وهم أطفال أحيانا وأقاربهم لا يحصلون على المياه أو الأغذية مشيرة إلى أنه لا يمكن إخراج الجرحى المعالجين بسبب الوضع الأمني ما يؤدي إلى اكتظاظ يمنع العناية بالجميع.

وعجزت "الممرات الإنسانية" التي أعلنها الطرفان المتحاربان لمدة ثلاث ساعات بعد ظهر الأحد عن تغيير الوضع، فقد استمر سماع إطلاق النار ودوي انفجارات في الخرطوم.

وفي الخرطوم حيث انشرت رائحة البارود، يتحصن المواطنون في منازلهم فيما ترتفع أعمدة الدخان الأسود في وسط العاصمة حيث المقار السياسية والعسكرية الرئيسية.

الحرة



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات