الشهيد خضر عدنان… الاحتلال الإسرائيلي ونهج الإعدام البطيء
أضافت سلطات الاحتلال الإسرائيلية واقعة شائنة جديدة إلى سجلها الحافل بجرائم الحرب وفظائع انتهاك حقوق الإنسان وشرائع احترام الروح البشرية، وذلك حين أقدمت على ما يرقى إلى مستوى الإعدام البطيء للأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان (44 سنة) الذي ظل مضرباً عن الطعام منذ 87 يوماً وتعمد الاحتلال حرمانه من النقل إلى مستشفى لائق وتلقي الحدود الدنيا من العلاج المناسب.
وكان الشهيد عدنان قد ضرب رقماً قياسياً في المقاومة السلمية لسياسات الاحتلال الفاشية بحقّه، والمئات من زملائه الأسرى الفلسطينيين، فقد اعتُقل 12 مرة وقضى في السجون الإسرائيلية نحو 8 سنوات، وسبق له أن أضرب عن الطعام 66 يوماً في سنة 2012، و52 يوماً في 2015، 59 يوماً في 2018، و25 يوماً في 2021.
وهو أحد أبرز ضحايا النهج الفاشي الذي يطلق عليه الاحتلال صفة الاعتقال الإداري، ولا يقل عملياً عن سياسة قمع عنيفة وإرهابية تعتمدها السلطات الإسرائيلية لاحتجاز أي فلسطيني وسجنه لفترات غير محددة تبدأ من 3 أشهر وتُمدد إلى 6 أشهر ويمكن أن تبلغ 5 سنوات، بقرار أوحد من المحاكم العسكرية وبتهم غامضة ملفقة، تُحجب مضامينها حتى عن محامي الأسرى.
ويحدث مراراً، كما في حالة الشهيد عدنان، أن يُحرم الأسير من زيارات أقربائه ومن العناية الطبية اللائقة في حال المرض أو الإضراب عن الطعام، وأقصى ما يمكن أن يتلقاه هو العلاج داخل السجن أو المعتقل حيث يعترف الضباط الإسرائيليون أنفسهم أن الأقسام الطبية تلك لا تلائم معظم حالات تدهور الصحة.
وسبق لجمعية «أطباء من أجل حقوق الإنسان» الإسرائيلية أن انتقدت هذه الأقسام، كما حذرت على نحو محدد من أخطار إبقاء الأسير عدنان من دون علاج لأنه يواجه خطر الموت، وكانت مديرة قسم المسجونين في الجمعية قد أكدت أنه لا سبب يبرر رفض علاج الأسير إلا إذا كانت سلطات السجون ترغب فعلياً في معاقبته وكسر إضرابه.
كذلك فإن ذرائع الاحتلال المعتادة في تبرير أعمال الإعدام البطيء هذه لا تصمد أبداً أمام أبسط نصوص القانون الدولي حول معاملة الأسرى والسجناء، فالزعم بأن سبب الوفاة طبي فقط وراجع إلى الامتناع عن تناول الطعام، لا يعفي السلطات التي تدير السجون من مسؤولية وصول صحة السجين إلى هذه المستويات الخطيرة من التدني. فكيف إذا كانت أصلاً تتقصد حرمانه من العلاج، واغتياله تدريجياً عن طريق إبقاء المعدة خاوية والجسد ضعيفاً.
وباستشهاد الأسير عدنان تقول معطيات نادي الأسير الفلسطيني إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة وصل إلى 236 منذ عام 1967، وثمة بين هؤلاء 75 أسيراً استُشهدوا بسبب الحرمان من العلاج الطبي. ولأنّ هذا السلوك العقابي معتمد ومستمر منذ أكثر من 56 سنة واستقر بالتالي كسياسة عليا منهجية، فالسؤال برسم أصدقاء دولة الاحتلال وحماتها من رافعي رايات حقوق الإنسان والديمقراطية في طول العالم وعرضه: كم من الشهداء قبل أن يواجه الاحتلال الحدود الدنيا من المساءلة عن جرائم الإعدام البطيء؟
القدس العربي