من يقف وراء استباحة المحاكم السودانية وتمزيق الملفات؟
المدينة نيوز :- فيما تدخل الهُدنة المعلنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يومها ما قبل الأخير، ارتفعت معدلات استهداف المحاكم بالخرطوم وحرق وتمزيق ملفات المتهمين، ولعل آخر هذه الحوادث نهب محكمة الفساد وإتلاف ملفات القضايا، ليبق السؤال من المستفيد من وضع دور المحاكم في عين العاصفة الهوجاء؟
في التفاصيل، أحصت مجموعة "محامو الطوارئ" استهداف عدة محاكم بمناطق الخرطوم المختلفة بالقصف والنهب والسرقة والتخريب والتدمير وإتلاف الملفات والأوراق الرسمية. وأطلق "محامو الطوارئ" تحذيراً من أن تدمير المحاكم والمقرات القضائية والعدلية ينذر بضياع حقوق المتقاضين وانهيار المنظومة العدلية والقضائية بالبلاد.
رغم أن تلك التجاوزات الخطيرة رُصدت ضمن حالة الفوضى العامة الناجمة عن القتال الذي استباح كل الشعب السوداني بمختلف فئاته، إلا أنها تُعطي مؤشرات قوية أيضاً بوجود استهداف خاصّ للمؤسسات القضائية والعدلية لمحو آثار الجرائم المرتكبة وطمس الحقائق وإخفاء الأدلة وإضاعة الحقوق العامة والخاصّة، لاستمرار نهج الإفلات من العقاب.
ومنذ بدء اقتتال العسكر منتصف أبريل الماضي، قصفت مباني رئاسة السلطة القضائية بالسودان، ومحكمة جنايات الخرطوم شمال، ومكتب أراضي الخرطوم شمال، والمحكمة الجزئية بالخرطوم. كما نهبت مباني قسم شرطة الأزهري، ومحكمة جنايات أمبدة ومحكمة أمدرمان غرب السوق الشعبي. كذلك نهبت مجمع محاكم دار السلام وأضرمت النيران فيه. كما نهبت تسجيلات الأراضي بدار السلام بأمدرمان قبل تدمير مقرها وإتلاف ملفاتها وسجلاتها الرسمية بالكامل. وأخيراً نهبت محكمة جنايات محكمة مكافحة الفساد ومخالفات المال العام وأتلفت ملفات القضايا قبل إضرام النيران داخلها. هذه المحكمة المنكوبة بالذات تنظر في قضايا فساد مالي لقادة بارزين بالنظام السابق بينهم العقل المدبر للنظام ونائب البشير الأسبق "علي عثمان محمد طه" الذي فرّ مع قادة النظام من السجن بعد اندلاع القتال في 15 أبريل، وذلك بعد قضائه قرابة الأربعة أعوام خلف القضبان. المحكمة نفسها دانت زوجة البشير "وداد بابكر" بالثراء غير المشروع.
المحامي والعضو المؤسس لمجموعة "محامو الطوارئ" عثمان البصري قال : إن "ارتفاع معدلات استهداف المحاكم وثيق الصلة بفرار آلاف السُجناء بالخرطوم إثر تفجر الصراع الأخير، لأن مسألة وجودهم بالسجن سابقاً أو عودتهم إليه مرة أخرى مرتبط بطريقة مباشرة بالأوراق الرسمية المحفوظة بالمحاكم ولكي يتم "قتل القضية نهائياً" هم يستهدفون المحاكم بالحرق والإتلاف والتخريب لمحو أي أثر يخص السُجناء المحكومين أو المنتظرين"، بمن فيهم رموز النظام السابق.
إلا أن الفائدة الكبرى تعود على السُجناء الذين لا يزالون رهن المحاكمة - المنتظرين - فهؤلاء كما يقول المحامي عثمان البصري، تكون جميع أوراقهم بملف القضية بالمحكمة المختصة، لأن الملفات تحمل بواسطة الشرطة من النيابة للمحكمة، وعند إيداعها أمام المحكمة لا تحتفظ الشرطة أو النيابة بأي نسخة من الملفات.
وختاماً أكد عثمان البصري لـ"العربية.نت" أنه بعد اقتحام أقسام الشرطة والنيابة والمحاكم لا توجد جهة أخرى تحتفظ بأوراق القضايا، بما فيها ملفات رموز العهد السابق.
المصدر : العربية