الرضاعة الطبيعية.. خط الدفاع الأول ضد أمراض الطفولة
المدينة نيوز :- بشرى نيروخ- هي "خط الدفاع الأول" ضد أمراض الطفولة كما يؤكد أطباء وخبراء صحيون، كما انها وسيلة طبيعية للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
والصحة الإنجابية، هي حالة من الرفاه البدني والعقلي والاجتماعي، فمعها يستطيع الزوجان إنجاب أطفال سليمين، وتحديد عدد الأطفال ومواعيد الإنجاب.
ويشير المجلس الأعلى للسكان عبر موقعه الإلكتروني إلى أن الصحة الإنجابية حق لكل فرد، كونها الأساس لبيئة أسرية سليمة وآمنة، وللرجل والمرأة دور مهم في الصحة الإنجابية، وأن هناك ترابطا وثيقا بين التنمية والسكان والصحة الإنجابية.
خلال عقد التسعينيات تم تبني مفهوم الصحة الإنجابية بشكل واسع عالميا، كوصف لمجموعة محددة من القضايا الصحية وكتوجه عام للتفكير في القضايا السكانية، حيث شكل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994 نقطة تحول في قضايا التنمية.
ومن الناحية المحلية، اشتملت الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2020- 2030 على 4 أهداف ضمن 4 محاور، منها: البيئة الممكنة من خلال تطوير تشريعات وسياسات داعمة وممكنة لقضايا الصحة الجنسية والإنجابية المتكاملة، والخدمات والمعلومات التي يتحقق من خلالها توفير خدمات ومعلومات صحة جنسية وإنجابية مدمجة ومتكاملة ذات جودة للسكان في مناطق المملكة كافة.
وأشارت دراسة أعدها المجلس الأعلى للسكان عام 2021، بعنوان "تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية وديناميات النوع الاجتماعي على الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة في محافظة جرش"، في المحور الرابع "تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية وديناميات النوع الاجتماعي على الرضاعة الطبيعية"، إلى أن جميع المشاركين يدركون أن الرضاعة الطبيعية هي الأفضل، ولكن ليس الجميع يتبناها لعدة عوامل منها "شح المعلومات لدى المشاركات بالدراسة عن الطريقة الصحيحة للرضاعة، وكيفية زيادة إدرار الحليب، ومـكـونـات حـلـيـب الأم".
وبينت الدراسة أن هناك معلومات ومعتقدات خاطئة تمنع الرضاعة الطبيعية لدى الكثير من الأمهات، منها، "تعذر الرضاعة على الأم العاملة، عدم قدرة الحامل على الرضاعة، وضعف جسم الأم لأسباب صحية ما يـجـعـل حليبها خفيفا وغيـر مـغـذ، واعتقاد بعض النساء أن حليبهن غير دسم ولا يـكـسـب الـطـفـل النمو المطلوب فيلجأن الى اسـتـخـدام الحليب الصناعي".
ودعا المجلس الأعلى للسكان إلى تهيئة الأمهات وتوعيتهن بأهمية الرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرة أو خلال الأشهر الأخيرة من الحمل.
واكد المجلس، أن حليب الأطفال الصناعي يشكل عبئا على ميزانية الأسر الفقيرة، حيث يبلغ متوسط الكلفة الشهرية على أسرة الطفل الوليد حوالي 55 دينارا شهريا.
ودعا الى التزام كافة مواقع الخدمات الصحية بالمدونة الدولية التي تمنع الترويج لحليب الرضع المصنع أو توزيع عينات مجانية منه ومنع توزيع (قناني) الرضاعة على الأمهات أثناء وجودهن في أقسام الولادة في المستشفيات.
وأوضح أن 24 بالمئة من الأطفال الأردنيين الرضع فقط في عمر (2-3 شهور) يتمتعون برضاعة محضة معتمدة على حليب الأم، مقارنة بالمتوسط الإقليمي البالغ 34 بالمئة، وتنخفض نسبة الرضع الذين يعتمدون على حليب الأم فقط في سن (4-5 أشهر) إلى 11 بالمئة فقط.
ولفت المجلس الى أن بيانات مسح السكان والصحة الأسرية الأخير أظهر أن حوالي 30 بالمئة من المواليد في الأردن لم يمض على ولادة سابقيهم سنتان خلافا للتوصيات العالمية، حيث أن من أسبابها هو قصر مدة الرضاعة المحضة.
وأكد أن الرضاعة الطبيعية هي أفضل غذاء لحديثي الولادة والرضع، إذ أظهرت الأبحاث أن المراهقين والبالغين الذين تم إرضاعهم رضاعة طبيعة محضة، أقل عرضة لزيادة الوزن والسمنة، وأظهروا تحسنا بنتائج اختبار الذكاء، كما تساعد الرضاعة الطبيعية في تجنب ثلث التهابات الجهاز التنفسي، وتقلل من خطر وفيات الرضع المفاجئة بنسبة تصل إلى أكثر من الثلث، لأن حليب الأم يحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل خلال الأشهر الستة الأولى، ويقوي الجهاز المناعي في مقاومة العدوى والمرض، ويقلل من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
الرضاعة الطبيعية المطلقة لستة أشهر تعد تنظيما طبيعيا للأسرة، حيث تسمى هذه الطريقة بقطع الطمث بالإرضاع، وفعاليتها تفوق 98 بالمئة للتنظيم الأسري والمباعدة بين فترات الحمل.
وكانت الجمعية العالمية للرضاعة الطبيعية التي تقودها منظمة الأمم المتحدة للطفول (اليونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية قد دعتا الدول إلى اتخاذ إجراءات تركز على الاستثمار في توفير مشورة متمرسة في مجال الرضاعة الطبيعية خلال زيارات فترة الحمل، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية (القابلات والممرضات) على تقديم المشورة للأمهات والأسر في مجال الرضاعة الطبيعية، وبناء نظم تعاونية قوية لتقديم المشورة المناسبة.
ويصادف في الأسبوع الأول من شهر آب من كل عام أسبوع الرضاعة الطبيعية، والذي تقام خلاله نشاطات تذكر الأسر والجمهور ومدراء البرامج الصحية وبرامج مكافحة الفقر، بالفوائد العظيمة التي تعود على الأمهات والمواليد وميزانية الأسرة والنظام الصحي والاقتصاد الوطني عند اعتماد المولود في تغذيته على حليب الأم فقط خلال الأشهر الستة من حياته، والاستمرار في الرضاعة الطبيعية خلال السنة الأولى من عمره على الأقل.
رئيسة قسم صحة المرأة في وزارة الصحة الدكتورة حنان النجمي، تشير إلى أن الرضاعة الطبيعية ترتكز حاليا على ضرورة استمرارها للشهور الستة الأولى من الولادة، وإدخال الأغذية والمكملات الغذائية بعد انتهاء الأشهر الستة الأولى، والرضاعة في أول ساعة من الولادة والتي تعرف بالساعة الذهبية، حيث تتلامس الأم مع طفلها، بهدف تحسين مناعة الأطفال وتنظيم نبضات القلب لديهم وحمايتهم من الأمراض الجسدية والنفسية.
ولفتت إلى قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008 وتعديلاته، في المادة 4/ج الذي يشجع على الرضاعة الطبيعية لحماية الأمهات من خطر تطبيق بدائل الإرضاع الطبيعي.
وأكدت أنه وفقا للتشريعات الناظمة يتم إيقاع غرامة مالية للمخالف تتراوح ما بين 500-1000 دينار على الشركات المروجة لبدائل حليب الأم، مبينة في هذا الصدد إلى أنه لابج من إعادة النظر في القوانين والتشريعات الناظمة في هذا المجال، لتكون رادعة بشكل أكبر، مبينة دور الوزارة في تكثيف الحملات التفتيشية والرقابية، حيث تم ضبط العديد من المخالفات بهذا الشأن، كما يتم إنزال العقوبة على كل من يتعامل داخل المستشفيات الحكومية مع الشركات المروجة لبدائل حليب الأم.
ولفتت إلى دور وزارة الصحة في تكثيف الحملات التوعوية وتعريف العاملين في القطاع الصحي بهذا النظام، والمؤتمرات والندوات المعززة للرضاعة الطبيعية، ومحاربة بدائل حليب الأم، والقيام بالتوعية عن طريق 520 مركز أمومة وطفولة، موزعة على محافظات المملكة.
وقالت النجمي، إن الوزارة ستطلق حملة إعلامية بالتعاون مع مشروع التغذية والصحة المجتمعية الممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لتعزيز الرضاعة الطبيعية المطلقة لستة أشهر بعد الولادة بدون تلقي المولود لبدائل حليب الأم في تلك الفترة، للحفاظ على صحة الأم والطفل والمجتمع وكذلك البيئة، حيث أن تصنيع كيلو من حليب بودرة الأطفال يستهلك الكثير من المياه في المصانع.