في الذكرى 56 للنكسة.. الأردن يضرب أروع صور البطولة والسلام
المدينة نيوز : بشرى نيروخ- لم تنل نكسة حزيران 1967 من عزيمة الأردن ولا من ثوابته الوطنية والقومية باعتبار القضية الفلسطينية قضيته الأولى وعلى رأس أولوياته وأجندته الوطنية، فذهب وما يزال يضرب أروع صور التضحية والشجاعة في الحرب والسلام منطلقا في ذلك من العرى الوثيقة التي تربطه بتوأمه الفلسطيني.
ففي حرب حزيران 67 قاتل الجيش الأردني ببسالة عزّ نظيرها دفاعا عن القدس والمدن الفلسطينية واستشهد على ثراها رجال من بواسل الجنود الأردنيين، واليوم ما يزال الأردن على العهد بقيادته الهاشمية حارسا للقدس ومدافعا عنها، وداعما لأبناء الشعب الفلسطيني الصامدين، ويبذل قصارى جهوده السياسية والدبلوماسية في كافة المحافل الدولية للتأكيد على الحق الفلسطيني.
خبراء ومعنيون بالشأن السياسي يؤكدون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) بمناسبة الذكرى 56 لهذه الحرب (النكسة) التي تصادف اليوم، أن تداعيات حرب 67، دفعت أبناء الأمة العربية وحكوماتها وقواتها المسلحة للعمل الدؤوب من أجل إعادة بناء القدرة القتالية، وتحركت القوات العربية بسرعة لإعادة تنظيم قدراتها وإمكاناتها، وتمكنت خلال فترة وجيزة لتعود أقوى مما كانت عليه وأصبحت أكثر تصميماً على متابعة النضال.
ففي 21 آذار 1968، تمكن الجيش الأردني في معركة الكرامة من الانتصار على القوات الإسرائيلية وطردها من أرض المعركة مخلفة وراءها آلياتها وقتلاها دون تحقيق أهدافها، لتكتسب هذه المعركة أهمية كبيرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وعلى الثرى الفلسطيني تطرزت الأرض بدماء شهداء الجيش الأردني عام 1967 حيث هناك
قبور لا يُعرف لأي شهيد تعود؛ ربما بسبب كيفية الاستشهاد خاصة أن هناك 270 مفقودا من الجيش العربي الأردني خلال هذه الحرب، وهناك أيضا صروح تذكارية للعديد من شهدائنا في في قلقيلية والقدس، عدا عن وجود مقبرة منظمة للشهداء الأردنيين في رام الله واليامون وطوباس وغيرها بحسب الموسوعة التاريخية للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي.
وتشهد تلك المواقع لميادين معارك الجيش العربي وروح القتال العنيفة التي تميز الجندي الأردني بها خاصة الدفاع من فوق أسوار القدس والاستشهاد في ساحة المسجد الأقصى حيث خاضت القوات الأردنية معارك مشرفة كتلك التي خاضتها كتيبة الحسين الثانية في تلة الذخيرة أمام لواء آلي إسرائيلي مسند.
مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية المهندس رفيق خرفان قال، بعد مضي 56 عاما على نكسة حزيران وتداعياتها على الأمة العربية والشعب الفلسطيني، ما يزال موقف الأردن ملكا وحكومة وشعبا ثابتا وراسخا يما يتعلق بالتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني والسعي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، وبما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف: "نؤكد على الموقف المشرف لجلالة الملك عبدالله الثاني من القضية الفلسطينية في كافــة المحافل الدولية، ودعمــه المتواصــل للقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية انطلاقا من الوصاية الهاشمية عليها وهي محط أنظار واهتمام ورعاية ملكية سامية وكانت وستبقى في قلب ووجدان جلالته مثلما هي على الدوام في قلوب الهاشميين".
وأشار خرفان الى تمسك الأردن بولاية (الاونروا )واستمرار عملها لحين إيجاد حل للقضية وفــق قرارات الشرعية الدولية وعلــى رأسها القرار رقم 194، ورفض محاولات الاحتلال تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس.
وأضاف: نحيي صمود أهلنا وأشقائنا الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وصمود واستبسال المقدسيين في الدفاع عن القدس ومقدساتها، ونضالهم العادل والمشروع لنيل حقوقهم الوطنية وإقامة الدولة الفلسطينية ورد كافة المظالم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني عبر السنوات الماضية.
النائب السابق الدكتور هايل الدعجة قال: "لقد حرصت الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك على وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية والسياسية والتاريخية في التعاطي مع القضية الفلسطينية بشكل عام والقدس بشكل خاص انطلاقا من الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
وأكد الدعجة أهمية الدور الأردني الديني والتاريخي في الحفاظ على الوضع القائم في القدس الشريف، والحيلولة دون تهويدها وتغيير هويتها وطابعها ومعالمها العربية والإسلامية والتاريخية، وهو ما يؤكد تحمل الأردن لمسؤولياته والتزاماته الدينية والتاريخية تجاه تجاه القضية الفلسطينية والأماكن المقدسة في القدس الشريف، بصورة أبقت الزخم الدولي للقضية الفلسطينية، ووضعتها في دائرة اهتمامات وأولويات المجتمع الدولي.
ولفت إلى ما أثمرت عنه جهود الدبلوماسية الأردنية أخيرا وتحديدا في 17 من أيار الماضي، حين تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قراراً حول مدينة القدس القديمة وأسوارها، أعاد التأكيد على اعتبار جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير طابع المدينة المقدسة ووضعها القانوني لاغية وباطلة خاصة ما يتعلق بالمسجد الأقصى المُبارك/ الحرم القُدسيّ الشريف، والبلدة القديمة للقدس وأسوارها.
كما أشار الدعجة الى مضامين القرارات السابقة الصادرة عن المجلس التنفيذي، وقرارات لجنة التراث العالمي الخاصة بالقدس، والتي أعربت جميعها عن الأسف لعدم امتثال إسرائيل، كقوةٍ قائمةٍ بالاحتلال، في وقف أعمال الحفر، وإقامة الأنفاق وجميع الأعمال غير القانونية في القدس الشرقية، وفقاً لقواعد القانون الدولي.
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات قال، إن للأردن دورا ثابتا تجاه القضية الفلسطينية يتبناه جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، باعتبارها القضية الأولى، حيث لم تغب عن السياسة الأردنية.
وأشار شنيكات إلى الدور الأردني في استضافته لمئات آلاف النازحين بعد حرب حزيران 67، ودوره في الضغط على الدول الكبرى والمجتمع الدولي لاستصدار قرار من مجلس الأمن، حيث صدر القرار 242 الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بما فيها القدس لكن إسرائيل لم تمتثل لتنفيذه لغاية اليوم.
وبين الشنيكات أن إسرائيل تمادت في غرورها بعد الحرب فشنت في 21 آذار 1968 هجوما عسكريا على منطقة الكرامة لكن الجيش العربي كان بالمرصاد وألحق بالقوات الاسرائيلية المهاجمة هزيمة تاريخية وأسقط نظرية "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر".
المؤرِّخ والباحث بكر خازر المجالي قال، إن حرب حزيران فيها الكثير من القصص البطولية الأردنية، مشيرا الى أنه حين نتنقل بين أضرحة الشهداء في فلسطين نتعرف أكثر على تلك التضحيات الباسلة التي بذلها جنود الجيش العربي، وحين نستمع لأهلنا في فلسطين عن قصص المعارك التي خاضها أؤلئك البواسل نشعر بحجم الفخر والتقدير لجيشنا العربي الأردني.
مركز المعلومات الوطني الفلسطيني التابع لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) يشير استبسال جنود الجيش العربي في الدفاع عن القدس حيث بدأت المعركة يوم الاثنين 5 حزيران1967 عند الحادية عشرة والنصف وخمس دقائق قبل الظهر بالأسلحة الخفيفة، ثم المتوسطة، فالأسلحة الثقيلة حيث أفشل محاولات القوات الإسرائيلية الدخول من بوابة "ماندلباوم"، وبعد نفاد الذخيرة واصل يواسل الجيش العربي المعركة بالسلاح الأبيض دفاعا عن المقدسات.
--(بترا)