وزير الصحة: حلول علمية متقدمة لمشاكل الاكتظاظ ورفع كفاءة النظام الصحي
المدينة نيوز - عمر الدهامشـة - أكد وزير الصحة الدكتور فراس الهواري أن الأردن لم يعد بإمكانه تحمل الضغط على القطاع الصحي والكلف المترتبة عليه دون التفكير بحلول جديدة أكثر واقعية وفعالية وعلمية لرفع كفاءة النظام الصحي، الأمر الذي دفع الوزارة لإرساء استراتيجيات جديدة متقدمة علميا لرفع كفاءته، والتغلب على تحدي عدد الأسرة لكل ألف شخص في الأردن، منها إنشاء مستشفى افتراضي.
وأضاف الهواري خلال ندوة نظمتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن القطاع الصحي الأردني يشهد تطورا في تقديم الخدمات للجميع، إضافة إلى تنفيذ ودراسة مشاريع لإنشاء عدد من المستشفيات الجديدة وإدخال التكنولوجيا إلى النظام الصحي، في المقابل ما زال يواجه القطاع تحديات الاكتظاظ، ولا سيما في ظل تدني عدد الأسرة نسبة إلى كل ألف شخص.
وعرض الدكتور الهواري لأبرز إجراءات الوزارة في تطوير البنية التحتية وكوادرها العاملة لتلبية الاحتياجات الصحية للسكان، بسبب ضغط الهجرات القسرية التي وصلت إلى الأردن خلال نحو 100 عام، وآخرها الأزمة السورية ودخول مليون و300 ألف لاجئ إلى المملكة.
وأكد أن الوزارة ماضية نحو ترجمة التوجيهات الملكية للحكومة بتطوير وتحسين الرعاية الصحية للمواطن، من خلال توفير الخدمات الصحية اللائقة للمرضى، لا سيما عبر فتح المستشفيات ضمن الممكن، والتوسع في إدخال التكنولوجيا للقطاع الصحي، وأتمتة الملفات الإلكترونية في جميع المستشفيات، والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية الأولية المقدمة في المراكز الصحية، وتحسين كفاءة القطاع عبر نظام إلكتروني لسلاسل التوريد والأدوية، والتشاركية مع الخدمات الطبية الملكية والجامعات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
**مستشفيات جديدة
وبين أن إنشاء مستشفيات جديدة يعد مكلفا على خزينة الدولة، ما يوجب إيجاد خطط بديلة للتعامل مع الاكتظاظ، عبر تحسين الرعاية الصحية الأولية المقدمة في المراكز الصحية، تقوم على مبدأ طب الأسرة.
وأوضح أن الأردن يشهد إنشاء مستشفيات جديدة، منها مستشفى الأميرة بسمة في محافظة إربد بسعة 550 سريرا قابلا للزيادة إلى 650 سريرا، وبنسبة إنجاز وصلت 55 بالمئة، ودراسة إقامة مستشفيين جديدين في محافظتي المفرق ومادبا، ومستشفى عسكري في محافظة الزرقاء بسعة 400 سرير، ومستشفى عسكري آخر في محافظة معان، ومستشفى جامعي بسعة 300 سرير من خلال شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار، بالإضافة إلى رفد المستشفيات القائمة؛ مثل مدينة الحسين الطبية ومستشفيات البشير بأقسام ومبان جديدة.
**المستشفى الافتراضي
وكشف الهواري، أن الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة على دراسة إنشاء مستشفى افتراضي للتخفيف من دخول المرضى إلى المستشفيات المركزية، ويقدم رعاية صحية مماثلة، مشيرا إلى أن المستشفى الافتراضي المنوي إنشاؤه هو مستشفى إلكتروني يقدم خدمات الرعاية الصحية من خلال تطبيق التقنيات الحديثة وتقنيات الرعاية الصحية الافتراضية، ويتعامل في بداياته مع اختصاصات الأشعة، والعناية الحثيثة، وغسيل الكلى، كما سيتم ربطه إلكترونيا مع مستشفيات كبرى بالمملكة، ويعمل على تقليل الحاجة لنقل الكوادر إلى المستشفيات الطرفية أو نقل المريض فيها إلى مستشفيات أخرى، حيث يقرأ الطبيب الاختصاصي الصور والفحوصات الطبية ويصدر التقرير ويرسله إلى الطبيب في المستشفيات الطرفية.
**نظام الطبابة عن بعد
ولفت إلى أن المستشفى الافتراضي يحتاج إلى تنظيم قانوني عبر نظام الطبابة عن بعد، ويمر بمراحله التشريعية عند اللجنة القانونية في رئاسة الوزراء.
وتابع أنه منذ عامين أنجز نحو 40 تشريعا (قوانين، أنظمة، تعليمات) لتنظيم العمل والتسهيل على متلقي الخدمة، شملت تعديل نظام التأمين الصحي، وهياكل تنظيمية للمستشفيات، ونظام التنظيم الإداري للوزارة، وتعديل نظام المستشفيات الخاصة، وإعداد استراتيجية جديدة للوزارة للأعوام الثلاثة (2023-2025).
**تراجع الدعم الدولي للدول المستضيفة للاجئين السوريين
من جهة أخرى، حذر الهواري، من تراجع دعم المجتمع الدولي للدول المستضيفة للاجئين السوريين، ما يؤثر سلبا على استدامة منعة القطاع الصحي، رافضا المساومة على استدامة القطاع الصحي ومنعته.
وأكد أهمية الدعم المالي المقدم للأردن بسبب استضافة اللاجئين، مبينا أنه تحدث خلال زيارته إلى جنيف أخيرا مع رئيس منظمة الصحة العالمية، والمدير الإقليمي للمنظمة، على ضرورة الاستمرار بدعم اللاجئين في الأردن من قبل منظمة الصحة العالمية وسائر الجهات المانحة لدعم أولويات القطاع الصحي الأردني.
وشدد الهواري على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه اللاجئين في الأردن، حفاظا على الإنجاز الذي حققه القطاع الصحي بالمملكة، ولا سيما أن آثار أزمة اللجوء السوري ما تزال ماثلة، وتشكل تحديا كبيرا وعبئا على النظام الصحي الأردني والمؤشرات الصحية الوطنية.
وأضاف أن عدد الأسرة في القطاع الصحي الأردني أنخفض بسبب أزمات اللجوء نسبة لكل ألف شخص، إذ انخفض خلال العقد الماضي من 1.8 إلى 1.42 سرير لكل ألف شخص، بسبب أزمة اللجوء إلى الأردن ودخول مليون و300 ألف لاجئ سوري.
وأوضح أن 10 بالمئة من اللاجئين السوريين يعيشون في المخيمات، والبقية في المدن والمحافظات الأردنية المختلفة، وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تفاقمت بسبب جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، يواصل الأردن توفير الخدمات الأساسية للاجئين السوريين التي تقدم للأردنيين لا سيما الخدمات الطبية المدعومة بنسبة 85 بالمئة لغير المؤمنين صحيا.
عدد الأسرة لكل ألف شخص
وقال الوزير الهواري إن هناك معايير عالمية لتقييم قطاع المستشفيات عبر عدد الأسرة لكل ألف مواطن، مشيرا إلى أن منظمة الصحة العالمية لا تنصح بأن يقل عدد الأسرة عن سرير واحد لكل ألف مواطن بحسب تصنيف الدول منخفضة الدخل، أما الدول متوسطة الدخل مثل الأردن يكون المعيار 3.9 سرير لكل ألف شخص.
وأوضح أنه بالرغم من افتتاح العديد من المستشفيات، لكن عدد الأسرة يسجل أرقاما منخفضة مقارنة مع كل ألف شخص، حيث كان في الستينات 3.6، وفي السبعينيات 1.2، وفي عقد الثمانينات استطاع الأردن أن يعيد بناء قدراته في عدد الأسرة، ووصلت الزيادة إلى نحو 1.8 و 1.9، حتى بداية التسعينات، وتراجعت هذه الأرقام بسبب وقوع أزمات مطلع عقد التسعينات، وبداية عام 2000، كما تراجعت مع بداية عام 2010، وبعد ذلك جاءت الأزمة السورية، إذ يسجل هذا العام 1.4 سرير لكل ألف شخص.
**الانتصار على جائحة كورونا
وأشار إلى أن الأردن، بالرغم من قلة عدد الأسرة في القطاع حسب المعايير، ولكنه اثبت منعته في ظل جائحة كورونا، واستطاع الأردن الخروج من أزمة كورونا أكثر قوة وصلابة بسبب إدارة القطاع الصحي والأسرة بفاعلية، وافتتحت وزارة الصحة 6 مستشفيات بسعة 650 سريرا، وإنشاء وتوسعة وتجهيز 36 مركزا صحيا، ورفعت كفاءة 150 مركزا آخر، ودمجت عددا من المراكز الصحية الأولية في مراكز شاملة لتجويد الخدمات الصحية، وضاعفت ابتعاث الأطباء للتخصصات الأساسية والتخصصات الفرعية وزيادة عدد الأطباء المقبولين في برنامج الإقامة؛ انسجاما مع خطط الوزارة وتوجهاتها لسد العجز في الكوادر الطبية المتخصصة.
نقص في الاختصاصات الفرعية الكبرى في وزارة الصحة
وزاد أن الوزارة تسعى لتطوير وتحسين الرعاية الصحية للمواطن، ولدينا خطط تدريب واضحة لتطوير مهارات كوادرنا الصحية بما ينعكس إيجابا على نوعية الخدمات المقدمة للمرضى والمراجعين والمواطن.
ونوه الهواري بأن الوزارة استطاعت سد النقص في عدد من الاختصاصات الطبية نتيجة الاتفاقيات التي أبرمتها مع عدد من الجامعات، ومنها اتفاقية التعاون بين مستشفى الزرقاء الحكومي مع الجامعة الهاشمية، واتفاقية التعاون بين مستشفى الكرك وجامعة مؤتة، واتفاقية التعاون بين مستشفى السلط وجامعة البلقاء التطبيقية، والاتفاقية الموقعة مع جامعة اليرموك وكل من مستشفيات الأميرة بسمة والأميرة رحمة والأميرة بديعة.
وبين أن هذه الاتفاقيات تهدف إلى رفد هذه المستشفيات بالكوادر الطبية من خلال التعليم والتدريب الذي يعد الأول من نوعه في الأردن، مشيرا إلى أن هذا التعاون سيتيح تدريب أطباء الوازرة العاملين في هذه المستشفيات.
ولفت إلى أن التعاون مع كليات الطب في الجامعات يصب بشكل مباشر في سعي الوزارة لرفع مستوى الخدمات، ما يتيح تدريب أطباء الوزارة ضمن برامج تدريبية محددة في هذه الجامعات.
وأوضح أن هذا التعاون سيعمل أيضا على توفير فرص التعليم والتدريب للأطباء المقبولين في برنامج الاختصاص العالي في كلية الطب في الجامعات، كما ستوفر الاختصاصات الطبية المطلوبة والنادرة في المستشفيات حسب الإمكانيات المتوفرة، وفتح برامج تدريب وتعليم جديدة بالتشارك مع المجلس الطبي الأردني.
ولفت الهواري إلى أن الإنجاز الذي حققه كل من مستشفى الجراحات التخصصية والذي عمل على إجراء عمليات كبرى كالقلب المفتوح وجراحة الأوعية الدموية والقسطرة القلبية والتشخيصية، ومركز "سميح دروزة" للأورام الذي يستقبل الحالات المرضية التي كانت تحول سابقا لمركز الحسين للسرطان، ما مكن الوزارة البدء في تأهيل وتدريب أطبائها في هذه التخصصات.
وتابع أنه وبسبب النهج التشاركي الذي انتهجته الوزارة وتعاونها مع الجامعات وتحقيقها للتكاملية مع الشركاء في تقديم الخدمات الصحية استطاعت الحصول على الاعتمادية من المجلس الطبي الاردني في 9 اختصاصات لم تكن موجودة في الوزارة.
مخازن للأدوية
وقال إن الوزارة ستتعاون مع منظمة الصحة العالمية من خلال منحة بقيمة 5 ملايين دينار، لإقامة مخازن جديدة لأدوية في وزارة الصحة، يتوفر فيها نظام إلكتروني يؤسس بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، وربطها مع المستشفيات، للسيطرة على مخزون الأدوية واستهلاك، وضبط الهدر.
الحزم التأمينية الطبية في القطاعات الصحية وموقع السيطرة والتحكم المركزي
وقال الهواري، إن مخططات وزارة الصحة القادمة كبيرة وطموحة، مؤكدا أهمية تعاون وتشاركية جميع القطاعات الصحية المختلفة للمحافظة عليه.
وأوضح أن الخطة المستقبلية تدرس وضع آلية التعامل مع القطاعات الطبية المختلفة غير التابعة للوزارة، والتي تأتي عبر تطوير الحزم التأمينية الطبية، بعد دراسة أسعار هذه الخدمات الصحية، وان يكون هناك نظام جاهز للتعاقد مع المستشفيات في القطاع الخاص أو الجامعية أو العسكرية، وتكون التعاقدات مبنية على أسس علمية ومحوكمة، دون أن يكون هناك غبن أي طرف على الآخر.
---(بترا )