القضاة: المادة (23) من قانون هيئة مكافحة الفساد لاتستهدف الصحفيين

المدينة نيوز - اكد عضو مجلس هيئة مكافحة الفساد الدكتور فياض القضاة اهمية وجود المادة23 من القانون المعدل لقانون هيئة مكافحة الفساد نظرا الى أن "مكافحة إغتيال الشخصية هي من أهداف مكافحة الفساد سندا للمادة(4/د) من القانون الأصلي.
واشار القضاة بمجمل تعليقه على ورود المادة بالقانون المعدل الى انه لم يرد اي نص في القانون الاصلي يحدد معنى "إغتيال الشخصية"أو العقوبة المترتبة على ممارستها.
واوضح ان المادة (7/ج) من قانون الهيئة اجازت "تحويل مقدم الاخبار الكاذب او الكيدي الى الجهات القضائية المختصة وفقا للاصول القانونية المتبعة" ولم تحدد ما هي العقوبة التي يمكن ان توقع على هذا الشخص، مبينا ان هذا النقص التشريعي بحاجة الى إجابة لأن هيئة مكافحة الفساد لن تقوم بتحقيق هذا الهدف والذي هو هدف موجود اصلا في القانون الأصلي دون ايراد نص يحدد اركان الجريمة والعقوبة المفروضة.
واوضح القضاة ان نص المادة ليس موجها الى الصحافة او الصحفيين بقصد ما هو موجه الى "كل من يشيع" بين الناس خبرا غير مبني على اساس من الواقع بان "أحد الناس" هو شخص فاسد بارتكابه لفعل من افعال الفساد المجرمة بموجب المادة (5) من قانون هيئة مكافحة الفساد شريطة أن تأخذ هذه الاشاعة صفة "العلنية".
وبين انه يجب على كل من يرد اليه خبر او معلومة حول "أحد الاشخاص" التثبت من صحة هذه المعلومة لا ان يساهم في بثها وتسويقها وهو يعلم بعدم صحتها، مشيرا الى انه بمثل هذا الأمر وقف لإغتيال شخصية الشرفاء من الناس الذين لا يثبت انهم ارتكبوا اي فعل من افعال الفساد وليس حماية للفاسد لأن القانون الجزائي لا يحمي الفاسد بدليل ان قانون العقوبات لا يعاقب أصلا على نشر اي مادة تكون ذما أو قدحا ولا يعتبر ذلك نشرا غير مشروع اذا كان موضوع الذم او القدح "يعود بالفائدة على المصلحة العامة" سندا للمادة (198/1) من قانون العقوبات.
وقال القضاة انه بالتزامن مع المادة23 فان القانون المعدل لقانون هيئة مكافحة الفساد قد اضاف اربع مواد هي المواد (24 الى27) منه تم بموجبها توفير الحماية اللازمة للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد ولاقاربهم والاشخاص وثيقي الصلة بهم من اي اعتداء او إنتقام او ترهيب محتمل اذا كان متعلقا بقيام هؤلاء بالاخبار او التبليغ عن حالة فساد أو عن تبرعهم بتقديم شهادة ضد فاسد أو حتى إجراء خبرة فنية في قضية فساد.
وشدد على انه بإمكان اي شخص يعتقد او يعلم بوجود قضية فساد أن يتقدم باخبار الى هيئة مكافحة الفساد وله مطلق الحق بطلب عدم الافصاح عن شخصه ايضا اذا رغب بذلك وهو طريق أقصر واسلم من اللجوء الى التشهير بالوسائل العلنية بالناس ويحقق الغاية المطلوبة من ايصال المعلومة ومكافحة الفساد.
ولفت الى ان وسائل حماية المبلغين والمخبرين عن افعال الفساد تشمل حماية المبلغ والمخبر ضد اي اعتداء او انتقام او ترهيب يمكن ان يلحق به من الشخص الفاسد وتأمين حماية ايضا له في مكان عمله وتحصينه ضد اي تمييز او سوء معاملة بسبب ما قدمه من معلومات.
واشار القضاة الى انه لا يمكن لأي شخص ان يتوقع حجم الضرر النفسي والمعنوي (وربما المادي ايضا) الذي يمكن ان يلحق بشخص ما يتهم زورا وبهتانا بانه فاسد وهو من هذا الفساد براء، مشيرا الى ان تعريض مثل هذا الشخص لمثل هذه الاشاعة في وقتنا الحالي قد يكون صعب التعويض لأن هذه الاشاعة تلتصق بذهن السامع ومن الصعب محوها من مخيلة المجتمع حتى ولو صدر حكم قضائي بالبراءة لذا كان لا بد من وزن مصلحة المجتمع في عدم تدمير شخوصه الابرياء وبين محاولة كشف الفساد بطريق خلفي بدل اللجوء الى الطريق المفتوح وهو إخبار الجهات صاحبة الصلاحية سواء أكانت هيئة مكافحة الفساد أو الادعاء العام المختص الذي له مطلق الحق في تلقي الاخطارات حول الجرائم التي يختص بالتحقيق فيها. وخالف القضاة بالرأي قول البعض بان نصوص قانون العقوبات الاردني السارية تحقق النتيجة المطلوبة اذ ان المادة (210) من قانون العقوبات المتعلقة بجرم الافتراء تتحدث عن تقديم "شكاية او اخبارا كتابيا" الى "السلطة القضائية او اية سلطة يجب عليها ابلاغ السلطة القضائية" بحيث يعزو شخص الى "احد الناس جنحة او مخالفة وهو يعرف براءته منها" او "يختلق عليه ادلة مادية" تدل على ارتكابه جرم ويتطلب النص ان تكون نسبة ارتكاب الجرم بموجب "شكوى خطية" وأن تكون مقدمة الى "السلطة القضائية" ولا يكفى مجرد الكلام عنها في مجلس عام أو حتى بالنشر.
كما بين ان نص المادة (209) الذي يعاقب على إختلاق الجرائم لا يغطي الحالة المطلوبة في "إغتيال الشخصية" لان المادة المطلوبة تتعلق باخبار "السلطة القضائية" ايضا أو "اي سلطة يجب عليها ابلاغ السلطة القضائية" عن "جريمة يعرف انها لم ترتكب" أو أن يكون "سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي او قضائي باختلاقه ادلة مادية على جريمة" لم ترتكب، مشيرا الى ان العقوبة في الحالتين (جريمة الافتراء وجريمة أختلاق الادلة" هي الحبس والغرامة وليست الغرامة فقط. لا بل ان العقوبة تصل الى الاشغال الشاقة المؤقته اذا كان الفعل المعزو للشخص يشكل جناية.
وعن النصوص المتعلقة بالذم والقدح والتحقير الواردة في قانون العقوبات اشار الى ان انها نصوص عامة تصل فيها العقوبة الى الحبس لمدة سنتين في جريمة الذم اذا كان موجها الى مجلس الامة او احد اعضائه اثناء عمله او بسبب ما اجراه بحكم عمله او الى احدى الهيئات الرسمية او المحاكم او الادارات العامة او الجيش او الى اي موظف اثناء قيامه بوظيفته او بسبب ما اجراه بحكمها، مضيفا انه لو تم اعتبار نص المادة (23) هو نص يقع في باب الذم والقدح والتحقير جزافا فانه سيعد نصا خاصا في قضايا الفساد بحيث تكون عقوبة من يذم او يقدح أو يحقر شخصا ما بفعل فساد هي الغرامة فقط وليس الحبس.
ولفت الى ان الغرامة في تصنيف العقوبات هي اقل درجة من الحبس او الاشغال الشاقة.
واوضح الدكتور القضاة ان القول بان عقوبة "إغتيال الشخصية" هي عقوبة اقل من عقوبة "إطالة اللسان على ارباب الشرائع من الانبياء" والعياذ بالله ليس صحيحا لأن المادة (273) من قانون العقوبات تعاقب كل من "من ثبتت جرأته على اطالة اللسان علنا على ارباب الشرائع من الانبياء" بالحبس "من سنة الى ثلاث سنوات". كذلك تعاقب المادة (278) من قانون العقوبات "بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر او بغرامة لا تزيد على عشرين دينارا كل من : نشر شيئا مطبوعا او مخطوطا او صورة او رسما او رمزا من شانه ان يؤدي الى اهانة الشعور الديني لاشخاص آخرين او الى اهانة معتقدهم الديني ، او تفوه في مكان عام وعلى مسمع من شخص آخر بكلمة او بصوت من شانه ان يؤدي الى اهانة الشعور او المعتقد الديني لذلك الشخص الآخر" مبينا انها عقوبات تفوق عقوبة اغتيال الشخصية.
يشار الى ان المادة (23) التي تم إضافتها بموجب القانون المعدل لقانون هيئة مكافحة الفساد على :"كل من اشاع أو عزا أو نسب دون وجه حق الى أحد الأشخاص أو ساهم في ذلك باي وسيلة علنية كانت أيا من أفعال الفساد المنصوص عليها في المادة (5) من هذا القانون أدى الى الاساءة لسمعته أو المس بكرامته أو إغتيال شخصيته عوقب بغرامة لا تقل عن ثلاثين الف دينار ولا تتجاوز ستين الف دينار".(بترا)