إلى قائد المسيرة 00وحادي الركب وماذا بعد الاحتقان ؟؟!!.
تجري الأحداث بسرعة ، وليس من السهل على المراقب العادي أن يتابعها ويتنباء بها وبمخرجاتها بسهولة ، غير أننا نرى أن تسونامي الإصلاح والتغيير الذي بدأ في تونس قد انتشر بسرعة من المحيط إلى الخليج حتى وصل إلى جوارنا ، لا بل وصل إلينا !. .
وإذا كان من الجميل أن تُحل المشكلة بعد حدوثها ، فان الأجمل والأروع من ذلك أن ُتحل المشكلة قبل أن تحدث !!. .
والمؤسف أن بعض الأنظمة لا تتذكر الإصلاح إلا تحت ضغط الجماهير ، وبعد أن يُقتل العديد من أبناء الشعب ، فتهب لاتخاذ إجراءات تسكينية في محاولة لترضية المواطنين ومنع انتشار التذمر والثورة ، ولكنها تتحرك متأخرة مما لا يرضي الجماهير ولا يحل المشكلة ، إذ يصعب التصالح والتهدئة بعد أن تراق الدماء وتكثر الضحايا !00
والحاكم الذي يحب شعبه و يحرص على استمرار سلطته ، يسبق الأحداث ، ويستجيب لتطلعات الشعب ، ويجري الإصلاح المطلوب قبل أن ينفجر غضب المواطنين بمظاهرات واعتصامات قد لا تنتهي إلا بعد كثرة الضحايا ورحيل النظام ! . .
والدولة الأردنية ولدت مع الهاشميين ، فلهم فضل على الدولة الأردنية في تأسيسها ورعايتها وبناء نهضتها ، والمحافظة على أمنها واستقلالها ، ويشعر الأردنيون أن الهاشميين هم مضلتهم يرضون عنهم ، سيما وتاريخهم الطويل يشهد على تسامحهم لدرجة انه لم يعدم أردني واحد لسبب سياسي خلال تاريخ حكمهم الطويل 00
وهذا يشهد للنظام بالحلم ، وسعة الصدر ، والصفح عن المسيء ، والحرص على استمرار الحكم ، وتحمل الرأي الآخر ..
وكان جلالة المرحوم الملك حسين لماحا لرياح التغيير التي تهب على العالم وعلى منطقتنا في الشرق الأوسط وكان يسبق الأحداث 0ونعتقد أن جلالة الملك عبد الله الثاني ليس اقل معرفة ودراية وإحاطة بمستجدات العصر ومتغيراته ، وهو أكثر انفتاحا على المفاهيم الحديثة في الحكم الرشيد ، والصلة بالجماهير ومعالجة السلبيات والأخطاء الحكومية، ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة 00
غير أن عجز الحكومات المتعاقبة وأخطاءها المتراكمة قد الحق الضنك والفقر بالشعب ، وعفّنت معها الحياة السياسية ، وزُورت إرادة المواطنين بمجالـس نيابية تابعة للســلطة التنفيذية، وبدلا من أن تكون مراقبة على أعمال الحكومة وموجهة لها بما يحقق المصلحة الوطنية العامة وخير المجتمع ، أصبحت تابعة للحكومات تبارك أخطاءها وانحرافاتها وتمنحها 111ثقة من 118!! 00ويوافق على المادة 23 من قانون مكافحة الفساد !00
وليس أدل على ذلك من كتب التكليف الملكية المتعاقبة لكل الحكومات ، تطلب منها وتوضح لها معالم الطريق بانتخابات حرة ونزيهة مع التأكيد على محاربة الفساد والعمل على ما ينقذ الناس من الفقر والبطالة والتوجه نحو الإدارة المحلية ، ومع ذلك تّزور الانتخابات وتزيد البطالة ويتفاقم الفساد ويزيد التركيز !.. أليس في ذلك عجزا أو خروجا على كل كتب التكليف التي يوجهها الملك إلى حكوماته عند بداية عملها ؟ !.. ومع ذلك يحدث العكس !!..
ومن هنا مبعث تخوف المواطنين في إجراء الإصلاحات المنشودة حاليا ، فقد عودتنا الحكومات على أن تكليف الملك للحكومات في واد والتنفيذ في واد آخر ، وكأنهم يقولون للملك : ( قل ما تشاء.. ونحن نفعل ما نريد !..) فتخشى الجماهير أن تضيع هذه التوجيهات الإصلاحية بين عجز الحكومات وضعفها أو تخوفها وعدم رغبتها في التجديد والتغيير !.. فتصر الجماهير على الاستعجال في التنفيذ قبل أن تضيع الإصلاحات الجذرية في المطالب الحياتية اليومية ، أو ضياع الفكرة مع مرور الوقت !..
ومع ذلك وبالرغم من الرسالات التوجيهية السابقة وكتب التكليف من جلالة الملك للحكومة والتي تُقصر في تنفيذها أو تعمل بعكسها ، فأننا نقترح على جلالته بان يصدر إرادته بتحديد موعد نهائي لهذه الإصلاحات ونفاذها، وان يسبق الحكومة والمواطنين بقفزة إصلاحية هاشمية ، لتنفيذ ما يحقق المطالب الجماهيرية المعلنة ، ويحقق بعض الإصلاح المنشود، ويطمئن المعارضين للمستقبل ، ويخفف الاحتقان أو يزيله بما يلي :
1 ـ نتمنى أن يقود جلالة الملك بنفسه انقلابا ابيض أو ثورة تصحيحية شبابية سلمية ، على نفسه وعلى المحيطين به وعلى جميع المسئولين في الصف الأول سواء كانوا رؤساء حكومات أو نوابا أو أعيانا أو كبار مسئولين ، وان يجدد ، ويستبدلهم بعناصر جديدة نظيفة تسهم في تحرير البلد من الفساد والمحسوبية وتساهم في صناعة المستقبل وتلبية مطالب الجماهير، فحماية الوطن واستمرار النظام هي الغاية و الأصل ، أما الحكومات فهي حطب مواقد يستطيع الملك أن يغير و يجرب يوميا منها الكثير ، إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه ، فاغلب المسئولين استمرؤوا الحرام وليس من السهل عليهم أن يخلقوا أردن نقي نظيف !00 ومن جُرب من الرؤساء والمسئولين ولم يُنتج أو يُفلح في وقت الرخاء لن يُنتج أو يُصلح في هذه الأوقات !00
2 ــ نتمنى على جلالة الملك أن يصدر إرادته بحرق جميع الملفات السياسية للمواطنين ، بحيث يبدأ المواطن حياة جديدة بسجل نظيف ، وقد حدث هذا مرة في تاريخ الأردن في بداية الستينات عندما كان هناك رئيس وزراء رجلا صاحب رؤيا ثاقبة يتحمل المسؤولية ، فاحرق جميع الملفات السياسية لجميع المواطنين ، فسجل النظام كعادته سبقا سياسيا في ذلك العهد ، فهل نفعلها مرة أخرى ؟!00
3 ـ نقترح أن يخصص مساحة محددة في حدائق الملك الحسين مع منبر يكون عبارة عن مساحة حرة يستطيع كل من لديه رأي أو مشكلة أو وجهة نظر أن يذهب إلى هذا المنبر ويتحدث بما شاء مع توفر الحماية و الحصانة القانونية لديه من أي مسؤولية ، فتكشف هموم الناس وآراءهم وتسعى الدولة إلى معالجة ما يمكن معالجته منها أولا بأول .
4 ـ البطالة منتشرة في كل بيت ، وتعيين خريجي المعاهد وحدهم لا يحل المشكلة ، فنقترح أن يصدر توجيها ملزما للحكومة لتعيين وتشغيل جميع الخريجين من المعاهد والجامعات ما قبل 2005 على الأقل، وتامين العمل لهم في الدوائر الحكومية أو الأجهزة الأمنية أو القطاع الخاص ، ولعل اتفاقنا مع دول الخليج يساهم في حل هذه المشكلة ، ففي ذلك إنقاذا لآلاف العائلات ومعالجة لجزء كبير من أسباب التذمر والشكوى 0
5ــ موظفي القطاع العام : والذين كانوا يشكلون سابقا الطبقة الوسطى في المجتمع هم اليوم طبقة مسحوقة متذمرة من تدني الدخل والرواتب ، وهم دون خط الفقر إلا من رحم ربك !!..مما انعكس على نفسيا تهم وأدائهم الوظيفي ، ويدرك الجميع وضع الموازنة ومديونية الدولة ، إلا أن ذلك لا يشكل عذرا بالنسبة لهم ، إذ أن الغلاء الفاحش ومتطلبات الحياة والرواتب المتدنية مقارنة مع الرواتب الفاحشة وغير المعقولة التي منحت لموظفي المؤسسات الحكومية الخاصة وموظفي العقود الذين يماثلونهم في المؤهل والخبرة صنعت من هؤلاء الأخيرين طبقة ثرية قائمة على المحسوبية والفساد !.. وإنصاف العاملين في القطاع العام مطلب جماهيري يهم الجميع ويتم ذلك بتوحيد سلم الرواتب في مؤسسات الدولة المستقلة مع رواتب موظفي الدولة على ضوء المؤهل وسنوات الخبرة ، أو تقريب هذه الفوارق بينهم بحيث يلحق هؤلاء بأمثالهم من الموظفين أصحاب الحظوظ ، وهو أجراء مطلوب ليحقق العدالة ويزيل الاحتقان وينصف فئة واسعة من أبناء المجتمع .
6 ـ الدوائر الأمنية : اختصاصها ومسؤولياتها امن البلد والحرص على استقراره ، ونحن معها في القيام بهذا الواجب الوطني النبيل ، لا أن تكون دولة داخل الدولة أو اكبر من الحكومة وسلطة القضاء !00تتمرد على التوجيهات الملكية!00 تتصرف كما تشاء وتصنع المحاسيب من المخبرين بدون مقدرة أو كفاءة ، وتزور الانتخابات البلدية والنيابية ، فأنتجت أجيالا من الأتباع المقلدين الذين ينتظرون الأوامر منها والتعليمات ، ووضعت غير المناسب في مركز متقدم لا يفهم فيه وليس من اختصاصه ، فانعكس ذلك ضعفا على أداء الدولة وهيبتها، وفسادا في سلوك هؤلاء المحضيين ، وتذمر الناس وعمت الشكوى ، ولابد لهذا الوضع من علاج يعيد الأمور إلى نصابها ، ويلزم الدوائر الأمنية بواجباتها القانونية دون تسلط أو تدخل أو اعتداء على السلطات الأخرى !00
وإذا صلحت الأجهزة الأمنية وقنعت بواجباتها وتقيدت بحدودها ، خف الفساد واستقامت الأمور، وصلحت الأحوال ، وشاع الأمن ، وخف الاحتقان 00
7 ـ التعديلات الدستورية التي وافق عليها مجلس الامة تحقق نسبة كبيرة من مطالب الإصلاح ، ولكنها ليست الإصلاح الكامل المنشود الذي يرضى عنه جميع المواطنين ويقضي على الخلاف وتستقر به الأمور ، وهي خطوة على الطريق ، وإذا انتخب مجلس نواب يمثل التيارات الفكرية لدى المواطنين بدون تدخل الأجهزة الأمنية فربما يكون قادرا في مستقبل قريب أن يحقق باقي الإصلاحات والتعديلات الناقصة المطلوبة 0
غير أن الأهم من تعديلات الدستور الحالية والقادمة : هو التقيد بأحكام الدستور والالتزام بها وعدم الخروج عليه ، وقد عانينا سابقا من مخالفة أحكامه وانتهاك حرماته وكان ذلك من أسباب الفساد وانتشاره !00 فما فائدة الدستور وتعديلاته إذا وضع كغطاء لذر الرماد في العيون ؟؟!!00 ثم يعمل المسئول ما يحلو له من مخالفات وخروج على أحكامه ، يتغول على صلاحيات غيره ، ويلغي الفصل بين السلطات ، يزور ويعين المحاسيب وفقا لهواه وخلافا لنصوص الدستور !( وزير سابق )