دعوة لإحياء بساتين معان
في زيارته الأخيرة لمدينة معان، أطلع وزير الدولة وزير الزراعة م.سمير الحباشنة على واقع بساتين معان، هذه البساتين التي تواجه تهديدا بفنائها بعد نضوب المياه التي كانت ترويها كونها المصدر الوحيد لسقاية البساتين، فأصدر قراراً بإعادة تأهيل هذه البساتين، في وقت بدأت البساتين فعليا بالجفاف وان الأشجار فيها على وشك الفناء، وكانت هذه البساتين تنتج محاصيل القرايص والتمر والرمان، بالإضافة للنعنع المشهور باسم «النعنع المعاني».
وجاء هذا القرار استجابة للمرات العديدة التي طالبت وناشدت التدخل لحماية تلك البساتين وتوفير مصادر مياه لها، وبالنظر إلى أوضاع هذه البساتين فقد أصبحت في حالة متردية وان الأشجار التي فيها بدأت تقل يوما بعد الآخر.
هذه البساتين لحقت بها كارثة كبيرة من خلال تنفيذ مشروع الصرف الصحي الذي أدى إلى تدمير قنوات الري الرومانية والنبطية التي تمر في وادي معان وكانت بساتينهم تروى منها، حيث كانت تتواجد القنوات الكبيرة من خلال شبكات ري ممتدة وواسعة في منطقة معان أنشاها الأنباط بهدف توطيد النظام الزراعي والسكاني الذي كان يعتمد على المياه وتخزينها فيها، ذلك من خلال قنوات تحت الأرض يفصل بينها فتحات للتهوية تكون على شكل «أعناق» للتهوية والتنفيس والضغط، وهي الطريقة النبطية القديمة المتبعة لسحب المياه من مواقع بعيدة.
ولبساتين معان في التاريخ الحديث قصص وحكايات، ففي فترة تواجد الأمير عبدالله في معان عام 1920م كان يقضي ساعات فراغه في بستان الشيخ صبح أبوالعيد الجغامين بمنطقة معان الشامية، وكان هذا البستان أجمل بساتين معان،لتكاثر الأشجار والعنب والتين والزيتون والقرايص والرمان فيه.
ومما يؤكد أن بساتين معان كانت جميلة كما وصفها زائروها، فقد نشرت مجلة الرائد عام 1945م في عددها الثالث صفحة 18، قصيدة معربة عن الانجليزية، بعنوان «كأنني بين أهلي»، للشاعر آدموند سيمونز، وهو ضابط في سلاح الجو الملكي، سافر مع بعض الشباب المثقف إلى معان، وفي بساتين معان، وفي جلسة شعرية، نظم هذه القصيدة وأهداها إلى مضيفه من معان، ممتناً من حسن المعشر والضيافة، مسجلاً بها شعوره نحوأهل معان والقصيدة من تعريب محمد موسى خير قال فيها:
هُنا في معان أجدُ اللطف والإيناس.
وبريق عيون الصداقة.
والأيدي الكريمة السمحة.
وكذلك القُلُوب الأمينة العزيزة.
كالتي تركت في انجلترا في العام الماضي.
أنا هُنا في معان.
كأنني بين أهلي.
شكراً لوزير الزراعة على إصدار هذا القرار والذي سينقض هذه البساتين من واقعها المرير، على أمل متابعته والاهتمام به، ودعوة كذلك لإحياء هذه البساتين وجعلها موقع سياحي وثقافي ضمن خطة شاملة تراعي طبيعة البساتين وتساهم في إحيائها وإعادة وهجها مثلما كانت سابقاً.