ثلاثون ألف وثيقة منذ عهد الامارة في مدرسة الكرك تنتظر أرشفتها تمتينا لذاكرتنا التاريخية

تم نشره الجمعة 07 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011 11:44 صباحاً
ثلاثون ألف وثيقة منذ عهد الامارة في مدرسة الكرك تنتظر أرشفتها تمتينا لذاكرتنا التاريخية

المدينه نيوز- الانسان المعاصر عرف حياة إنسان العصر القديم من صور الكهوف والمدافن القديمة والأدوات التي استخدمها، وعرف عادات وتقاليد الإنسان الاول القديم من خلال دراسة القبائل غير المتحضرة الموجودة في مجاهل القارات في أستراليا واميركا الجنوبية في البرازيل ، ولكي نعرف نحن جزءا مهما من تاريخنا لا بد من احياء ثلاثين ألف وثيقة تعود لمدرسة الكرك الثانوية خلال عهد الامارة غفلت عنها ذاكرتنا وما تزال رهينة المحبسين تغزوها الأرضة في زنزانتها ولسان حالها يقول:انفضوا الغبار عن تاريخ أجدادكم.

تلك الوثائق تؤرخ لحقبة زمنية من تاريخ ألأردن المشرق ، تشير الى نظام تربوي متطور قل مثيله في المنطقة العربية في فترة بناء الدولة ألأردنية لتسجل بأحرف من نور سيرة نظام تربوي عروبي اسلامي ، وضع جل اهتمامه بالمعلم كمرب للأجيال وبالطالب كمحور للعملية التربوية ، من خلال تنشئة تربوية سليمة خاصة في الصفوف الأساسية الأولى.

وتبرز الوثائق تلك كيفية وضع العلامات الفصلية والشهادات المدرسية وتعليمات النجاح والاكمال والرسوب وأسئلة الامتحانات بدقة وشفافية تراعي مستويات الطلبة التحصيلية اضافة الى أنظمة وتعليمات اللباس والضبط المدرسي والأنظمة المالية الصارمة التي تؤكد الحفاظ على المال العام.

وتشير احد الوثائق الى تعميم يتضمن كيفية قراءة العربية للأطفال من قبل مفتش المعارف الأول محمد بك الشريقي عام 1931 بشكل يتناسب واستعداداتهم الذهنية وباسلوب يلائم حاجة التعليم الابتدائي من خلال التوفيق بين أوضاع اللغة العربية في قراءتها وكتابتها وطريقة الاستدلال الاستقرائي المعروفة بالطريقة الاستنتاجية.

وتحدد وثائق اخرى الاختبارات الشهرية للتلاميذ في الدورة الابتدائية الأولى مراعية أعدادهم في الغرفة الصفية الواحدة وكيفية تدريس مادة الحساب بالأعتماد على الترتيب المنطقي والضبط والاتقان في حل المسائل والتأكيد على ضرورة اطلاع الطلبة على نتائج اختباراتهم ومعدلاتهم الشهرية ،اضافة الى تعاميم تحدد الأوزان والمكاييل المستعملة في شرق الأردن والمتمثلة بالأوزان الشامية التي تستعمل في ألوية الكرك وعجلون ومعان ، كالرطل الشامي والأوزان النابلسية المستعملة في لواء البلقاء كالرطل النابلسي ، والمكاييل المستعملة في البلقاء كالصاع والمد البلقاوي والبطيحة والغرارة البلقاوية ، والمكاييل المستعملة في لوائي الكرك ومعان كالعشراوية والمد العزيزي.

كما تذكر الوثائق طريقة شطب الأثاث المستعمل وسبب جعله غير صالح للأستعمال والتقنين في استخدام القرطاسية والسجلات وتحديد أوقات الدوام المدرسي وكيفية اشغال الحصص الصفية.

ولم تنس الوثائق الأهمية التي أولتها حكومة امارة شرق الأردن بالحريات العامة والتسامح وألأخاء بين أفراد ألأمة والحث على المهنية في العمل وشروط العمل خارج أوقات الدوام الرسمي للموظفين من خلال بلاغ لرئيس الوزراء عبدالله سراج آنذاك.

كما بينت مدى الاهتمام بالحدائق المدرسية وحراستها وحمايتها من العبث والتخريب من قبل بعض الأهالي والحيوانات حيث أوكلت الى مدير المدرسة مهمة تسليم هذه الأشجار بالعدد الى المخاتير أو آذني المدارس واحدة فواحدة حتى اذا ما تعرضت للرعي أو الخلع تحمل المستلم أثمانها.

ويشير شاهد رخامي يعلو الواجهة الأمامية لمدرسة الكرك كتبت علية خمسة أبيات شعرية تشير الى أن المدرسة بنيت في عهد السلطان العثماني عبد الحميد سنة 1317 هجري الموافق 1899 ميلادي وتم بناؤها على أيدي الأهالي من بلدات وقرى الكرك الذين قاموا بجمع التبرعات لانشاء البناء.

ومن الملاحظ عدم وجود وثيقة في أرشيف المدرسة خلال الفترة العثمانية من عام 1899 وحتى عام 1922 ، لتتشرف المدرسة بزيارة موثقة في سجل صغير احتفظت به الادارات المدرسية المتعاقبة لسمو الأمير عبدالله ألأول الملك المؤسس الذي كتب بخط يده بقلم حبر سائل عبارات شكر وثناء لأدارة ومعلمي المدرسة في حزيران عام 1925. وقد استقبلت المدرسة أول فوج لها عام 1922 لتضم قسمين:الابتدائي والرشدي حيث تعاقبت عليها ادارات مدرسية كفؤة كسعيد العاص ومحمود عزت وبكر صدقي وسعيد الدرة وخليل الساكت وصالح الروسان ، لتخرج عددا من رجالات الأردن منهم المشير حابس المجالي وعبد الوهاب المجالي وأحمد الطراونه وعبدالسلام المجالي وبهجت التلهوني وعبد المجيد الذنيبات وعبد الداوديه ونبيه ارشيدات ويعقوب العودات وصلاح السحيمات وشوكت السبول وغيرهم الكثير ممن تولوا مناصب عسكرية ومدنية عليا في الدولة الأردنية.

وتنص مذكرة تفاهم موقعة بين المدرسة ومركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي في الثامن من أيلول عام 2008 على تشجيع تبادل الخبرات والتعاون في مجال تدريب المتخصصين في حفظ الوثائق وترميمها وتصويرها وفهرستها على ان يتبادل الطرفان المعلومات الكاملة عن المتوفر من الوثائق لدى المدرسة وتسهيل مهمة مركز التوثيق الملكي في المحافظة عليها , على أن يقوم المركز بالانتهاء من أعمال التكشيف والتصنيف الالكتروني والعمل على ترميم وتوثيق وثائقها من خلال الاشراف الكامل على اعمال المشروع وتنفيذه حسب أولويات العمل الخاصة بالمركز ، كما يعمل الفريقان على الانتهاء من أعمال المشروع في نهاية عام 2009 على أن يتحمل المركز الهاشمي كامل التكلفة المالية تجاه أعمال الترميم والتوثيق وتدخل مذكرة التفاهم حيز التنفيذ بداية من تاريخ التوقيع عليها وتبقى سارية المفعول لمدة سنتين قابلة للتجديد مالم يعرب أحد الطرفين عن رغبته في الغائها كتابيا وذلك قبل ستة أشهر من نهاية مفعول سريانها .

وتمخضت الاتفاقية عن أرشفة حوالي 4 آلاف وثيقة من أصل ما يزيد على الثلاثين ألف وثيقة متآكلة ما تزال قابعة في مستودعها تحت أدراج البناية. وعزا مدير المدرسة الحالي سهم الضمور عدم الاهتمام بالوثائق الى الدور السلبي لبعض الأدارات المدرسية المتعاقبة وأنه منذ تسلمه ادارة المدرسة يبذل جهودا مضنية من أجل أرشفة هذه الوثائق وأبرازها لتكون في متناول الباحثين والمؤرخين وطلبة العلم لافتا الى أرشفة وتوثيق حوالي 4 آلآف وثيقة من قبل المركز الهاشمي بداية عام 2009 ، ومنذ تلك الفترة لم تتم أية عملية أرشفة جديدة للوثائق المتبقية.

من جهته أشار مدير تربية الكرك الدكتور محمد الكساسبة الى ألأهتمام المتزايد لعملية أرشفة وثائق مدرسة الكرك الثانوية خلال فترة وزير التربية ألأسبق الدكتور خالد الكركي الذي أولى هذا الموضوع أهمية بالغة.

وبرغم أعمال الترميم والصيانة التي شهدتها المدرسة ما بين عامي 2006 و2008 والتي زادت كلفتها عن المليون دينار لتصبح المدرسة متحفا أثريا يسر الناظرين , ألآ أن كنوزها الثمينة المتمثلة بوثائقها الوطنية مازالت تستصرخ أصحاب الضمائر الحية من أبناء الأردن ألأوفياء للأفراج عنها بعد أكثر من تسعة عقود عاشتها في طي النسيان .(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات