وزارة الصحة.. أيهما نصدق ما نراه أم ما نسمعه؟
من وجهة نظري؛ تتفوق وزارة الصحة على وزارة التربية والتعليم من حيث كونها أكبر جامع للغرائب والعجائب، لدرجة أوقعتنا في حيرة شديدة، ماذا نصدق؟ ما نراه ونعاني منه من خلل وقصور أم ما نسمعه من تصريحات ووعود وتعاميم وتشديدات تصدر من هذه الوزارة أو تلك؟ فوزارة الصحة ورغم ما يصدر منها وما ينشر على لسانها ويذاع في اللقاءات الصحفية والمؤتمرات عن حرص وزارة الصحة على استقطاب وتوظيف الكوادر المؤهلة، واهتمامها بحقوق المريض وأدق التفاصيل المتعلقة به، فإننا وعلى الواقع نشاهد العكس تماما، فكل يوم نسمع عن خطأ طبي أودى بحياة مريض، أو إهمال تسبب لمريض بمأساة، أو جثة ميت أو مولود سلم عن طريق الخطأ واللامبالاة إلى غير ذويه، ولا أرغب حقيقة في الإسهاب بالحديث عن المقطع الذي انتشر مؤخرا وتداوله الناس بشكل كبير، حيث يصور مكانا قذرا تقوم فيه مجموعة من العمالة بغسل مفارش أسرة عليها شعار وزارة الصحة بشكل قذر ومقزز، فليس هو بالمقطع الوحيد والأهم، وإن كان شاهد إثبات لا يمكن إغفاله، إلا أن مثل هذه المقاطع كثير، ثم يأتي من يحدثنا عن حرص الوزارة على سلامة المريض وعلى النظافة والتعقيم، أما طواقم التمريض (حدث ولا حرج) فليت وزارة الصحة تقيس كفاءة الممرضين والممرضات سنويا، ومن ثم الحكم عليها وخاصة من السعوديات، فكثير منهن دخلن إلى هذا المجال هروبا من عنت وزارة التربية وبطء التعيين، غير مدركات لخطورة هذه الوظيفة وحساسيتها، فالتمريض لا يعني مجرد إعطاء حقنة وحبة دواء، بل هو مواقف إنسانية نبيلة مع أناس يمرون بأضعف حالاتهم الإنسانية، فهم أحوج ما يكونون إلى الدعم والمواساة. لذلك كم تمنيت أن أكون مفتشا في وزارة الصحة لأفصل تلك الممرضة التي وقفت بجانب سيدة تتأوه وتتألم بشدة، وقد أجريت لها عملية قبل ست ساعات، والممرضة تضع يدها على خصرها وتأمرها بفجاجة بالانتقال من العربة إلى السرير "قومي يالله، ولاّ تبيني أشيلك بعد؟" وغيرها من المشاهد المألوفة التي باتت تتكرر كثيرا في مستشفياتنا، تمشي الممرضة تسحب مريضا على عربة ما وهي تستقبل عشرات الرنات من جهاز البلاك بيري، ثم تتوقف به في أحد الممرات لتقرأ (برود كاست) أو تكتب رسالة. ثم تعاود السير من جديد.. إحداهن تعلق إبرة سحب الدم في ذراع المريضة وتتسلى بجهازها البلاك بيري باليد الأخرى، وأخرى تطلب منها في قسم الطوارئ إدخالك للطبيب فتأمرك وهي منشغلة بـ(الآي باد).. "شف إذا فيه سرير فاضي اقعد عليه إلين يجيك الطبيب". الإحساس بالمسؤولية والتوعية بأهمية الدور الملقى على عاتقهن وغياب الرقيب المتوقع وجوده في أي لحظة وبلا مقدمات؛ هو ما ينقص هؤلاء الممرضات. وفي غياب الدورات التأهيلية وقياس كفاءة الموظف تنتشر مثل هذه الحالات، التي تزيد المريض أوجاعا على أوجاعه.