فات الميعاد
أمس لم أنم جيدا كنت قلقا في نومي لا لسبب ، ربما حالة نفسية وربما التعب والاجهاد منعاني من أن أحظى بقسط من الراحة والنوم .
أذكر أن محاولتي للنوم بدأت على أنغام أغنية أم كلثوم " فات المعاد " .
" يا ما كنت اتمنى أقابلك بابتسامة أو بنظرة حب أو كلمة ملامة "
بعدها نمت وراودني حلم جميل .
فتاة في أول العمر بقوام ممشوق تختال بين الزهور بخيلاء ، تقهرني بابتسامة عذبة تأخذ معها الروح لحظة ثم تعيدها مهلكة حينا ومنتشية حينا آخر ، أذكر أنها نادتني بأسمي لأقترب ، لأول مرة أسمع اسمي بلحن مختلف وبنكهة أخرى ، وما أن اقتربت حتى أيقظني الأرق من الحلم الجميل .
بعد عناء عدت الى النوم ، ليراودني حلم جديد .
رأيت مجموعة من الناس مجتمعة فسألتهم عن السبب ، فأخبروني أن اجتماعهم "عونة " بعضهم " عونة " لسالم في حصاده ، وبعضهم " عونة " لحسين في بناء داره ، كانت وجوههم تدل على الطيبة وعلى التسامح ، للمرة الاولى رأيت الرأفة والمودة بينهم مجسدة ، والشهامة والجيرة ناطقة ومتكلمة ، رأيت في حلمي صدقهم وطيبة أصلهم ، في تلك اللحظة تجسد لي واقع الخبث واللؤم المرير بغمام أسود أفزعني واجبرني على الاستيقاظ .
وقتها كانت الست تردد " عايزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يا زمان " .
تلملمت على نفسي أغلقت كل فتحة يمكن للضوء أن يتسرب منها أغمضت عيوني وتشبثت بقشة النوم ، وحلمت حلمي الثالث .
رأيت كل الأخطاء الحكومية المتعاقبة من باص سريع الى بلديات مستحدثة الى خصخصة ، كان هناك مشاريع لم أميزها فلم يكن لها لا طعم ولا حلاة ولا شكل ولا لون ، ملفات لا عدد ولا حصر لها ، وأموال لا طائل لها كانت الرياح تلعب فيها وتشتتها هنا وهناك ، ووجدت نفسي بين حجري رحى ضخمة ، وأصوات تنادي ، حقك علينا يا مواطن سامحنا ضيعناك . ضيعناك يا ابن طبقة الوسط وفي اللحظة التي دارت الرحى وبدأت بالطحن استيقظت .
استيقظت على الست وهي تردد " تفيد بأيه يا ندم يا ندم وتعمل ايه " .
بصراحة بعدها أعتصمت وقررت أن أبقى مستيقظا طوال الليل ، فقد كان خوفي أن أنام من جديد وأحلم حلما رابعا من جديد ، واستيقظ مفزوعا من جديد ، وتكون الست وقتها تردد " فات المعاد " .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com