حكومة توريث بامتياز
سادت معظم الأوساط السياسية و الشعبية عند تكليف دولة عون الخصاونة القاضي الاممي المتميز القادم من لاهاي عرين محكمة العدل الدولية المعروف بدفاعه العنيد عن العدالة في المحافل الدولية عبر المواقع الرفيعة التي كان يشغلها إبان تواجده في المحكمة الدولية العليا حالة من التفاؤل المشوبة بالحذر و مما زاد من درجة التفاؤل التصريحات المفعمة بالأمل التي صدرت عن دولته المتعلقة بالولاية العامة، و محاربة الفساد، و تحييد الأجهزة الأمنية التي كانت تتدخل في كل شاردة و وواردة لإحداث نقلة نوعية على صعيد الحكم. إلا أن المفاجئة التي فاجأت الجميع أن دولة الرئيس لم يستطع ترجمة هذه الآمال و الطموحات على ارض الواقع بسبب تعقيدات المشهد السياسي و الاجتماعي الأردني الناتجة عن دهرٍ من الممارسات و السياسات المتبعة لدى أصحاب النفوذ و السلطة في المطبخ السياسي من تكريس ثقافة التوريث و المحاصصة و الجغرافيا و القبلية و العشائرية بالإضافة إلى سياسة التهميش الممنهج التي مورسـت بحق جماهير شعبنا عبر العقود الماضية مما خلق ثقافة مجتمعية لا تستند إلى الحد الأدنى في الممارسة الديمقراطية و استحقاقاتها في الألفية الثالثة و تسارع وسائل التواصل الاجتماعي و تطور وسائل الإعلام بشكل مثير و عاصف و تشكل التيارات السياسية الافتراضية التي تعكس الحالة العامة التي تعيشها المجتمعات العربية .وما تشهده من ربيع عربي متمثل بالثورات و الاحتجاجات ومن خلال الحراك الشعبي و الشبابي المطالب بالحرية و الديمقراطية و العدالة و الذي انقضَ على مخلفات الماضي لإقامة مجتمعات مدنية على أنقاض المجتمعات القديمة التي أصبحت تعيق عجلة التقدم التي لا تتمشى مع مرحلة التغيير الديمقراطي .
و سرعان ما انهارت بعض أنظمة الفساد و الاستبداد رافعةً الراية البيضاء في وجه القوى الجديدة الحية و الحيوية التي رفعـت راية الشعب يريد ..........
هذه الظاهرة التي بدأت في الانتشار شرقا و غربا اقتدائاً بالشعوب العربية التي تطالب بالحرية و العدالة و ما تشهده عواصم العالم الغربي هذا دليل على تأثرها بالشعارات التي رفعها الشارع العربي و هذا ما ردده الشارع الأمريكي و الأوروبي في العديد من المدن بان الشعب يريد احتلال ووال ستريت ردا على السياسات الاقتصادية التي تمارسها الرأسمالية المتوحشة التي عمقت الفرز الطبقي و زادت من عدد المهمشين و الفقراء و العاطلين عن العمل نتيجة لهذه السياسات البشعة اللانسانية .
و من هنا كان على دولة عون الخصاونة أن يستجيب لمطالب الشعب و يشكل حكومة إصلاحية تخرج من رحم الشعب و تمثل كافة القوى الديمقراطية و الاجتماعية التي تدعوا بشكل واضح لا لبس فيه إلى تحولات ديمقراطية تتمثل في تعديلات دستورية تعيد للشعب حقوقه التي تم الاعتداء عليها و خلق توازن بين السلطات و إعادة النظر بالقوانين الناظمة للعملية الديمقراطية من قانون انتخاب و قانون أحزاب للوصول إلى حكومات منتخبة برلمانية تستمد شرعيتها من مجلس نواب منتخب يمثل إرادة المواطنين.
إلا أن دولته رضخ للتركيبة الاجتماعية و علاقاتها و جاءت حكومته اقل من عادية لان التغيير الذي حصل هو تغيير أشخاص و ليس نهج يعتمد على التوريث المشروع لدى الحكومات السابقة و التي أصبح الشعب لا يرتاح لهذه النخب التي استُهلكت ولا تستطيع تحقيق تطلعات شعبنا في دولة مدنية ديمقراطية ولا يحتاج رجل الشارع العادي إلى أدنى جهد للوصول إلى هذه الحقيقة المؤلمة و المرة التي تشير إلى عملية التوريث الممنهج و المدروس و الذي لا يساعد بأي شكل من الأشكال للاستجابة لمطالب الشارع المتمثلة بالإصلاح السياسي و العدالة الاجتماعية للوصول إلى تداول سلمي للسلطة .حقاً انه التوريث بامتياز.