جمهورية حزب النهضة الاسلامي
منذ ان جرت اخر انتخابات رئاسية وتشريعية في تونس في الخامس والعشرين من تشرين الاول عام الفين وتسعة وفاز بها الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بولايته الاخيرة بعد حصوله على 89 بالمائة من اصوات الناخبين ،لم يكن من المعلوم لجماهير الشعب التونسي انهم لاول مرة وبعد عامين اي في عام 2011 سيكونون امام انتخابات لم تعرف نتائجها كما العادة من قبل اقتراع الناخبين ،فكانت الانتخابات التونسية باعثا جديدا لتهذيب تركة الثورة التونسية على نظام العابدين ، والتي فاز بها حزب النهضة الاسلامي أو- AK تونس- تشبيها له بنظيره التركي الحاكم حزب العدالة والتنمية ،حيث بدأت ملامح العملية الديمقراطية منذ مراحل الانتخابات الاولى تفشي بسبق الاسلاميين بقيادة المفكر الاسلامي راشد الغنوشي وما ان اعلنت نتائج الانتخابات عن حصد النهضة تسعين مقعدا من اصل 217 مقاعد ستكون في المجلس الوطني التأسيسي التونسي القادم حتى تدفقت جموع مناصري الحزب لتحتفل بالنصر وبالحرية .
وبحسب النتائج السابقة يكون حزب النهضة الاسلامي صاحب القرار الاول والاخير بما ستؤول اليه الامور في الجمهورية الجديدة حيث يقع على عاتق المجلس التأسيسي الذي يحتل اكثر مقاعده أي ما نسبته 41.47% من إجمالي عدد المقاعد صياغة الدستور التونسي الجديد ،وتولي السلطة التشريعية خلال الفترة الانتقالية حتى تنظيم الانتخابات العامة القادمة وفق الدستور الجديد.
فهل ستكون الجمهورية القادمة جمهورية حزب اسلامي معتدل في ظل تراجع التيارات التقدمية و اليسارية والعلمانية والشيوعية امام نتائج الانتخابات الاخيرة ؟مما سيؤثر على وضع الداخل التونسي الذي اختار بيده تلك النتيجة والتي ايضا بدورها ستؤثر على دول الثورات العربية المجاورة ؛مصر في المقدمة ،وعلى ذلك فحزب النهضة الاسلامي سيناط به العمل جاهدا على اخراج النمطية الاسلامية من منظورات الناخب العربي في ليبيا مثلا حيث أعلن رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل ما نصه أن الإسلام المعتدل سيكون المصدر الرئيسي للتشريع في ليبيا، ومصر الاخرى (طبعا نتحدث هنا عن الدول التي حسم فيها امر الثورات).
ام ان حزب النهضة غير ملزوم لاثبات العكس في ذلك؟ بمعنى انه اكد مرارا على لسان زعيم حركة النهضة على احترام ارادة الشعوب ولا سيما الشعب التونسي الذي سجل اقبال كثيفا على صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات فاق 90 بالمائة من اجمالي المسجلين وانه ابدى استعداده للتشاور مع باقي الاطياف .
يذكر ان الغنوشي 21 عاما من اللجوء السياسي ، اكد انه مع المسار الديمقراطي في اكثر من لقاء وحتى انه صرح بموقفه المضاد للخلافة الاسلامية التي يدعو لها الحزب الاسلامي الاخر (حزب التحرير التونسي)
الذي يدعو إلى “استئناف الحياة الإسلامية واقامة الخلافة” بالاضافةالى ان النهضة لم يكاشف بعد بصلة القرابة بينه وبين الاخوان المسلمين ان وجدت او لا ،لتقف التساؤلات ايضا من موقفه من المرأة وحرية التدين والاعتقاد فتأتي الاجابة بتعهده بالعمل على اقامة مجتمع تعددي وعلماني واحترام حقوق الانسان والمرأة وكافة التعهدات والمواثيق والاتفاقيات والتعهد باستقلالية القضاء،مما يشير اننا بجوار حزب ذو منظور شمولي ومعرفة بكيفية استقطاب الشارع ،ذلك المنظور الذي سيغير في خريطة التحالفات ومستقبل المعارضة في تونس وسيحقق عملية دمج للاسلاميين في العملية السياسية هذ كله سيجعلنا نتسائل هل سيكون الاسلاميون البديل الناجع للنظم الشمولية في العالم العربي ؟