يا الله .. مَلْنا غيرَكْ يا الله
في الوقت الذي أصبحَ الجسدُ العربيُ فيهِ مقطّعاً الأوصال, فصارَ كلّ عضوٍ منه يعيشُ بمعزلٍ عنِ الأعضاءِ الأخريات, فإذا اشتكى منه عضوٌ تداعتْ سائرُ الأعضاءِ بالضّحكِ والسخرية !! في هذا الوقتِ مِن الزمن , أيقنَ السوريّونَ الناشدونَ للحريّةِ والكرامةِ أنّه لا ناصرَ لهم غير الله , فهتفوا بتلك الهتافاتِ التي تقشعِرّ لها الأبدانُ وتدمعُ بسببها المُقل, تلك الهتافاتُ التي تعكسُ مدى تأصّلِهم بالدين والسنةِ المطهّرة, وكأنّهم بهتافاتهم يناجونَ اللهَ عزّ وجلّ , إنّها صلواتٌ وأدعيةٌ ومناجاةٌ أيضاً !! وفي الآنِ نفسِهِ , فإنّهم يوبّخونَ بتلك الهتافات الرائعات الصمتَ الممقوتَ الذي نتحلّى بهِ نحنُ بني يعرُب !!
حينما يهتفُ أولئكَ الأحرارُ بحناجرِهِم الطاهرةِ : " يالله .. مَلْنا غيرك يا الله " أشعرُ كمْ هم بالله متّصلونَ , وعلى ربّهم يتوكّلون , فإيمانُهُم العظيمُ بربّهم جعلهم يقفون أمامَ الآلةِ العسكريةِ عاريي الصّدور دونما وَجَل , فهم على أتمّ القناعةِ بأنّ اللهَ تعالى أكبرُ من القنّاصةِ والدبّاباتِ والمدافِعِ, وهم على قناعةٍ أيضاً بأنّ النصرَ آتٍ لا محالة, ولو بعْدَ حين.
أيها السّوريون .. هتافاتُكُم أذهلتنا بحقّ , فلقد أنتجَت أفواهكُم يا أحفاد أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي , أنتجت أفواهُكم لنا الحِكَمَ ... " الموت ولا المذلة " , " يا الله .. ملنا غيرك يا الله " , " واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد " , " طالبنا بالحرية ..سمّونا إرهابية " ... وغيرها من الهتافات الرائعات. أيها السوريّون نرفعُ لكم القبعاتِ إجلالاً وتقديراً يا أهلَ الأخلاقِ والكرامةِ والمجد ؛ لأنكم لمْ تهتفوا بكلمةٍ واحدةٍ تبعثُ الى الفتنةَ الطائفيّةَ , فأنتم أكبرُ بكثيرٍ مما اتهمكم ضعافُ النفوسِ بِهِ أيها الرّجالُ العِظام .
أيها الشرفاءُ الأحرارُ, لقد أبهرتنا هتافاتُكُم وأدعيتكُم وصلواتكُُم , فاصبروا وصابروا ورابطوا أيها المضمّخونَ بالمروءة.