الإعلام والمرأة
كلنا يعلم أن تطور وسائل الإعلام وتنوعه ومدى تاثيره على الفرد المتلقي سواء عن طريق القراءة أو السماع أو المشاهدة في تسارع لا يكاد يعطينا الفرصة الحقيقية لمجاراة مثل هذا التطور والذي ينعكس أثره على نمط تفكيرنا وسلوكياتنا بالاعتماد على مدى قدرة هذه الوسائل في إقناعنا .. وعند الحديث عن الإعلام والمرأة نجد أنه لم يقدّم للمرأة الكثير بل تراجع في فترات معينة ليشوّه صورة المرأة عند تناول قضاياها ولم يرتقِ إلى مستوى التحديات والتحوّلات التي طرأت على العالم العربي في كافة المجالات سواء التعليمية والعمل والمشاركة الاجتماعية والثقافية والسياسية والمساهمة في التنمية بكافة أشكالها وبالتالي تأثّر وتطوّر دور المرأة.. فالإعلام مازال متأثراً بالعادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية التقليدية التي تحدد أدوار المرأة ويكرس هذه التوجهات نتيجة هيمنة المجتمع الذكوري الذي ما زال مسيطر ويضع العديد من الصعوبات أمام تقدّم المرأة وتحررها من الصورة التقليدية التي تم حشرها بها.
إن للإعلام دوراً كبيراً في إحداث التغيير الذي ننشده ليس فقط تحسين صورة المرأة بل المجتمع بأكمله والمتابع لوسائل الإعلام في الوطن العربي بكافة أشكاله ابتداءً من الصحافة وانتهاءً بالإعلام المرئي يجد أن هناك قصوراً وإغفالاً لدور المرأة وحقوقها في ظل تجاهل الإعلام لقضايا مهمة وذات أبعاد قانونية وثقافية وتنموية وسياسية وتكتفي الصحف بمعالجة الموضوعات الخاصة بالمرأة معالجة سطحية وحصرت اهتمامات المرأة بكيف تحصل على قوام رشيق وفن التزيين وشؤون الطبخ وتجاهل الكثير من المواضيع التي تهم النساء كإبراز مشاكل النساء في الريف ورصد واقع النساء في الريف والمدينة ، عمل المرأة خارج البيت ومعالجة المشاكل التي تتعرض لها وإغفال الحديث عن احتياجاتها ، محو الأمية وتعليم المرأة ، نشر الوعي القانوني والسياسي وحث النساء على المشاركة بالحياة السياسية وهو الدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني وعندما يتناول الإعلام مثل هذه المواضيع فانه يكتفي بالمعالجة السطحية ومن منظور عاطفي ويغفل المشكلة وحلها بشكل منطقي وعقلاني متجاهلين أن المرأة مواطنة مرتبطة بمشكلات وهموم الوطن وتساهم في التنمية كالرجل .
وعند الحديث عن دور الإعلام المرئي في تحسين صورة المرأة فحدث ولا حرج حيث نكاد نجمع ونتفق على تراجع دور هذه الوسيلة الأكثر قوة وتأثيراً على المشاهد باعتبارها الوسيلة الأكثر جذباً وتؤثر في الرأي العام.. والذي أغفل الكثير من الجوانب المتعلقة بالمرأة وحشرها في صورة مبتذلة ورخيصة من خلال استخدامها في الإعلانات والفيديو كليب فقط من اجل إبراز مفاتنها مبتعد بشكل متعمد عن الخوض في القضايا التي تظهر تطور دور المرأة في المجالات الأخرى كالسياسة والتنمية فأصبح الاهتمام بالفنانات على حساب الاهتمام بالمبدعات والسياسيات حتى باتت الطفلة الصغيرة التي لم تتجاوز الثلاث سنوات تعرف المطربات قبل ان تتعرف على محيطها وعالمها الطفولي ،فيجب تغيير هذه الصورة السلبية التي رسمها لنا الإعلام المرئي ( سينما أو تلفزيون ) من خلال ما يعرضه من برامج ومسلسلات وأفلام حتى وان اظهر المرأة بصورة السياسية او العاملة فانه لابد من أن يضفي بعض الرتوش المبالغ فيها على تلك الشخصية سواء المبالغة في ارتداء آخر صيحات الموضة و استخدام الاكسسورات والمكياج.. فلغاية الآن لم يوفق إعلامنا في جعلنا نتذكر شخصية نسائية شاهدناها كما هو الحال مع الشخصيات الذكورية التي قدمت بشكل لائق.
المطلوب من الإعلام أن يبرز دور المرأة والمفاهيم المتعلقة بحقوقها في التعليم ومشاركتها في التنمية واختيار الزوج والأمومة بشكل لائق وجدي وواقعي وذلك بوضع سياسة تتبنى مثل تلك القضايا والقيم التي تدعم المفاهيم المرتبطة بها وتناول المشكلات والظواهر السلبية المتعلقة بالمرأة وتحليلها من اجل إيجاد الحلول المناسبة .