دكتور في جامعة خاصة يروي قصة فصله وطرده من قبل حرس الجامعة

المدينة نيوز - خاص - وصلنا التصريح التالي من لجنة اطلقت على نفسها اسم " التضامن مع الدكتور عبد الحافظ ابو حميدة " ننشرها كما وردت وعلى عهدة الرواة مع استعدادنا نشر رد الجامعة المعنية في حال رغبت في ذلك :
قصة الفصل التعسفي الذي تعرّض له الدكتور عبد الحافظ أبو حميدة من إحدى الجامعات الأردنية الخاصة تعكس مستوى الانحدار الذي وصل إليه التعامل مع أعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات الخاصة، حيث يتحكم صاحب رأس المال بالقرارات كافة، ضاربا عرض الحائط بالأنظمة والتعليمات التي تضعها وزارة التعليم العالي لضبط العملية التعليمية، والحفاظ على السمعة الحسنة للتعليم العالي في الأردن، وهذا يستدعي وقفة جادة من كافة المعنيين لوقف العبث الممنهج الذي يمارسه بعض التجار والمستثمرين في بعض الجامعات الخاصة.
بدأت قصة الدكتور عبد الحافظ (استاذ القضاء الشرعي في كلّية الشريعة) بخلاف مع رئيس مجلس إدارة تلك الجامعة (أو صاحب الجامعة كما يقال) على اثر قيام الدكتور مع عدد من زملائه في كلية الشريعة بعدم مصافحة راعية حفل تخريج الطلبة نهاية العام الدراسي الماضي، فهدده رئيس مجلس الإدارة بفصله مع عدد آخر من الأساتذة رغم أن فعله ذاك جزء من آراء شرعية يفتي بها طلابه، وهي مسألة مألوفة في مجتمعنا الأردني.
بدأ التربص بالدكتور عبد الحافظ والتصيّد له من أجل تنفيذ مخطط فصله من الجامعة منذ ذلك الوقت، إلى أن جاء يوم الجمعة 7/10/2011م حيث ألقى خطبة الجمعة في مسجد الجامعة، وكانت حول الظلم وكيف يكون سببا لهلاك الأمم وفساد المجتمعات، وأن ما يحدث في العالم العربي من سفك للدماء إنما هو بسبب الظلم، وتناولت الخطبة بشكل أساسي موضوع الظلم في الميراث والتمييز بين الذكور والإناث، وفي يوم السبت 8/10 تفاجأ الدكتور باتصال من رئيس الجامعة يقول له: هل خطبت عن الفساد في البلد؟ فقال له: لا، فقال الرئيس: إن هناك نوابا اتصلوا به وأخبروه بذلك (ورفض ذكر من هم النواب).
يوم الأحد 9/10 استدعي الدكتور عبد الحافظ إلى مكتب الرئيس بحضور رئيس مجلس الإدارة وعميد كلّية الشريعة، وقام رئيس مجلس الإدارة (منفردا) بالتحقيق معه حول الخطبة بأسلوب خال من التهذيب، وطلب منه أن يكتب الخطبة التي ألقاها بحجة أن المخابرات منزعجة جدا من الموضوع، فقال الدكتور عبد الحافظ دعني أراجع المخابرات وسأتفاهم معهم إن كانت خطبتي تهدد أمن البلد، إلا أنه أصر عليه أن يكتب الخطبة فكتبها، وتم استدعاء خادم المسجد أيضا لكتابة ما سمعه من الخطبة.
الحلقة الثانية من خطّة الفصل كانت يوم الثلاثاء 11/10 حيث استدعي الدكتور عبد الحافظ إلى لجنة تحقيق مكوّنة من نائب الرئيس وعميد كلية الحقوق وعميد شؤون الطلبة من أجل السؤال عن جملة واحدة (كتبها خادم المسجد) فيها مظنّة إثارة الفتنة، فنفاها الدكتور عبد الحافظ ورفض تلك الجملة رفضا قاطعا مؤكدا حرصه على أمن البلاد وعدم إثارة الفتن لان الفتنة نائمة ملعون من أيقظها. وانتهى التحقيق في تمام الساعة الثالثة من مساء يوم الثلاثاء، ليتفاجأ بكتاب فصله من الجامعة صباح يوم الأربعاء 12/10 موقعا من رئيس الجامعة، علما بأن قرار الفصل يجب أن يتم اتخاذه من لجنة تأديب، والتي لم تشكّل أصلا.
ولدى سؤال الدكتور (المفصول ظلما) صباح يوم الخميس 13/10 لنائب الرئيس (وهو رئيس لجنة التحقيق) عن نص المادة التي استند اليها قرار الفصل فقال لا أعرف، وسأله هل جرى الفصل استنادا للتعليمات النافذة منذ عام 2008 دون أي تغيير؟ فقال لا أدري، فقال له: هل اللجنة التي شكلت هي لجنة تحقيق أم مجلس تأديبي، فقال: هي لجنة تحقيق، فقال له: هل أوصيتم بشيء من العقوبات تجاهي؟ فأقسم له أنهم لم يوصوا بشيء.
راجع الدكتور عبد الحافظ رئيس الجامعة يوم الأحد 16/10 ليسأله عن مستحقاته المالية بعد الفصل، فقال له راجع رئيس مجلس الإدارة، فقال له: ولكن علاقتي الإدارية معك وليس مع إدارة الشركة، فقال له أمهلني ساعة وأجيبك. وتفاجأ الدكتور بعد ساعة بقدوم رئيس حرس الجامعة والطلب إليه مغادرة الجامعة فورا بناء على طلب رئيس مجلس إدارة الشركة (صاحب الجامعة). ولم تنته القصة هنا بل حرمته الجامعة (أو المزرعة إن شئت الدقة) من شهادة الخبرة، وتبرئة ذمته، وتم الاستيلاء على مكتبه في غيابه، ولم يتم أبراء ذمته من الجامعة حتى الآن.
يا أصحاب الضمائر الحية
القصة التي ذكرناها لهم ليست قصة خيالية، ولم تقع في دولة بوليسية، بل وقعت هنا في الأردن، وخلال الشهر الماضي، ومن شاء التأكد من القصة فيمكنه الاتصال مع الدكتور عبد الحافظ أبو حميدة نفسه (الهاتف موجود في الأسفل)، وهو رجل ما عرفناه إلا أستاذا فاضلا منتميا لوطنه وأمته، مستقلا ولا ينتمي إلى أي حزب، يعيش حياة بسيطة في إحدى مناطق عمان الشرقية، محبوبا لدى طلبته ولدى أصدقائه، لجأ إلى القضاء مشتكيا الظلم الذي وقع عليه، وسيحصل على حقوقه المادية بإذن الله عن طريق قضائنا العادل الذي ينصف كل مظلوم، ولكننا في لجنة التضامن مع الدكتور عبد الحافظ لا نرى أن الظلم الذي وقع عليه يقتصر على الحقوق المادية فقط، بل هناك تجاوزات تتعلق بحقوقه الإنسانية، وحقوقه كأستاذ جامعي له مكانته العلمية والاجتماعية، فضلا عن أن الظالمين الذين فصلوه مستمرون في التعامل مع غيره من الأساتذة بالطريقة نفسها، وسيقدمون على فصل المزيد إن لم يجدوا من يحول بينهم وبين ما يخططون.
إن من أبسط حقوق الإنسان العامل البسيط (حسب القانون) أن يتم التدرّج معه في العقوبات، فلا نصل إلى الفصل إلا بعد استنفاد التنبيهات والإنذارات المتعددة، ثم يأتي الفصل كآخر علاج، وفي حالة الدكتور عبد الحافظ يشهد سجلّه الأكاديمي على أنه أستاذ متميّز محبوب عند طلابه لأنه مخلص في العطاء، ولم يوجّه له أي إنذار من قبل، وقام بالخطابة في المسجد بناء على تكليف لأساتذة كلّية الشريعة بالخطابة بشكل دوريّ، فهو لم يصعد المنبر غصبا، ولم يقل معشار ما يقوله الناس اليوم في شوارع عمان والمحافظات، ولكن يبدو أن رئيس مجلس إدارة الشركة خارج السياق التاريخي، ويتعامل مع الناس بعقلية قديمة تجاوزتها الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية نفسها، حيث فسحت المجال بتوجيهات من جلالة الملك للناس بالتعبير عن آرائهم دون أي قيد، والسير بالمسيرات والاعتصامات السلمية في كل مكان، بل تم تعديل قانون الاجتماعات العامة ليخدم هذا الغرض.
إن التدخل السافر لصاحب المال في التعليم الجامعي وقيامه بالتحقيق مع الأساتذة، وفصل بعضهم وتعيين آخرين (بل وصل الأمر إلى التدخل في أدق التفاصيل) أمر مخالف لتعليمات وزارة التعليم العالي التي تجعل المرجعية في هذه الأمور للأكاديميين، إلا أن تنازل الاكاديميين عن دورهم، وخضوعهم لصاحب المال، يستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المسؤولة لوقف حالة الانحدار التي وصلتها تلك الجامعة.
إن حرصنا كلجنة تضامن على مسيرة الجامعة دفعنا إلى عدم الإشارة الصريحة لإسمها، فنحن معنيون بالمبادى وسيادة القانون، ورفع الظلم عن الناس أكثر من حرصنا على التشهير الشخصي الذي نخشى أن يضر بمصالح طلبتنا وأساتذتنا، وسنواصل العمل على إيصال هذا الصوت إلى كل المخلصين في هذا البلد، وهم بحمد الله كثيرون، حتى يرفع الظلم عن زميلنا، ويتم تكريمه بما يستحق.
"لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا" النساء (148-149).