من لهذا الوطن؟! ...ولماذا الإستقواء عليه؟!
استقواء على الوطن ورفع صوت بالحق والباطل وخروج عن القانون وتخريب للممتلكات العامة والحكومية والخاصة، وتعليق للدوام في بعض الجامعات التي سمع من داخلها أصوات رصاص... نعم رصاص في قلب الجامعة التي من المفروض أن روادها وأهلها هم طلبة علم لا طلاب مشاجرات وتخريب، وإطارات محروقة وحجارة وصخور في منتصف الطرق وشباب أردنيون بعمر أسامه بن زيد رضي الله عنه عندما قاد الجيش أو أكبر منه بعدة سنوات والبعض منهم يخفي معالم وجهه ربما من شدة البرد أو من الخجل؛ لأنني متأكد بأنه غير مقتنع بما يقوم به، الأخطاء واردة وإن حصلت يجب ألا نقابلها بأخطاء أكبر منها.
هل التعامل الحضاري والراقي _الذي شهد له القاصي والداني للدولة الأردنية بكافة أجهزتها بإستثناء بعض الحالات الفردية التي لا تذكر _ مع ما شهده الأردن من إعتصامات ومظاهرات وإضرابات لا تعد ولا تحصى سبب في استقواء البعض على البلد وممتلكاته، نحن سررنا وكنا وما زلنا نرجو الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وأن تستمر أجهزتنا الأمنية بهذا التعامل الراقي الذي يحفظ كرامة الوطن ويليق بكرامة أبنائه، ولكننا مع تطبيق القانون على الجميع، وأقول القانون الذي يجب أن يطبق بشفافية وعدل على الجميع وليس القوة المفرطة التي قد تفضي إلى عواقب كارثية لا يعلم إلا الله جل جلاله نتائجها وآثارها، ولكن يجب على الدولة أن تتعامل مع هذه الحالات بقوة القانون؛ لأن الديمقراطية والحرية لا تعني بأي حال من الأحوال التخريب والإعتداء على ممتلكات وحريات وأوقات الغير.
هناك عدة طرق للتعبير عن الرأي بعيدا عن اعتقاد البعض بأنه بصوته المرتفع وبدخان بعض الإطارات المشتعلة يستطيع أن يعكر أجواء بلدنا الحبيب، فيجب على كل أردن حر وغيور تحمل المسؤولية الكاملة تجاه الوطن وأجهزته وممتلكاته وتجاه المواطنين وحرياتهم الخاصة التي ينتهكها البعض بحجة الحرية، لهذا صار لزاما على الحكومة أن تضع حدا لمثل هذه التجاوزات ويجب عليها أن تبدأ أولا بالفاسدين الذين نهبوا الدولة وأضعفوا هيبة البلد وساعدوا على زعزعة أمنه واستقراره؛ لأن المواطن يراهم وهم يسرحون ويمرحون أو حتى يعود بعضهم لتسلم مناصب أخرى في الدولة، فيجب محاسبة الفاسدين وكل شخص سولت له نفسه الإعتداء على المال العام وساعد أو إشترك بقضايا الفساد الكثيرة التي سمعنا وما زلنا نسمع عنها دون أن نرى أي نتيجة حقيقية للقضايا الكبرى والحاسمة والهامة، وأعتقد أن أولوية الحكومة في هذا الوقت تكمن في التركيز على وقف محاولات الاستقواء التي يمارسها بعض أبناء البلد هداهم الله وأعادهم إلى رشدهم، والتي أصبحت متكررة في الأيام الأخيرة، وخير بداية للتعامل مع هذه الحالات هي الإصلاح الحقيقي بعيدا عن الشعارات الجوفاء وبعيدا عن التصريحات التلفزيونية، حتى يشعر المواطن بأن هناك أملا يلوح بالأفق لتحسن الأمور، ومعالجة الخلل والتشوه المتراكم على مر الحكومات المتعاقبة.
على حكومتنا الموقرة أن تعمل على تجذير مصطلح دولة القانون والمؤسسات... حتى تؤسس لجو صحي وسليم وجيل واعي يدرك المفهوم الصحيح لدولة القانون، وهذا يؤدي بالتالي للإلتزام السليم بمفهوم الحرية، والتعبير عن الحرية بطرق صحية وسليمة وعقلانية، جيل يطالب بالحق ويحارب الفساد وأهله بأسلوب حضاري ومتقبل من الجميع حكومة وشعبا.
واهم وحالم أحلام اليقظة من يتخيل أنه يخلق الفوضى حتى ينجو من تهمة أو شبهة أو فساد ثابت وواقع أو إهمال قام به، ومخطئ ومذنب كل مواطن حتى وإن كان صاحب حق يحاول الحصول على حقه بيده من خلال التكسير والحرق والتدمير، يجب على جميع أبناء الأردن الأحرار وكل الأردن أحرار استيعاب مفهوم الخضوع للقوانين والأنظمة وعدم الإستقواء على الدولة والنيل من هيبتها؛ لأن هيبتنا من هيبة دولتنا التي نعيش ونفخر فيها ونتطلع أن تكون رائدة في التقدم والتطور بعد أن يريحنا الله من الفساد والفاسدين ومن يعاونهم ويشد على أيديهم ويساندهم، حمى الله الأردن بلدي وحفظه من كل فتنة ومكروه وأدام وأسبل عليه نعمة الأمن والأمان ووسع على أهله من الرزق الحلال الطيب وبارك لهم به وسائر بلاد المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه.